ها هي الساعة تدق الثالثة صباحاً، استيقظ من نومه وهو يعاني من زوبعة مفاجئة من العوارض المزعجة: مغص في البطن، غثيان، تقيؤ، ارتفاع حرارة، اسهالات متكررة. حاول أن ينتظر طلوع النهار، لكن العوارض اشتدت وأصبحت لا تطاق. رفع السماعة وطلب الاسعاف فحضر الطبيب على عجل، وبعدما فحصه شخّص له أنه واقع تحت رحمة التسمم الغذائي بالميكروبات. التسمم الغذائي الميكروبي حال شائعة تصيب شخصاً واحداً أو اشخاصاً عدة في وقت واحد، وهو كما يدل اسمه ناتج عن عدوى الطعام بميكروب ما قد يكون جرثوماً أو فيروساً أو طفيلياً، الا ان غالبية حالات التسمم تنتج عن وجود الجراثيم عينها في الطعام أو عن وجود سمومها فيه، ويخطئ من يظن ان كل حالات التسمم تظهر مباشرة بعد أكل الطعام الملوث، لا بل قد تظهر بعد فترة تراوح بين نصف ساعة الى اسبوعين كاملين ولهذا ليس غريباً ان اكثر من 95 في المئة من حالات التسمم الميكروبي تمر مرور الكرام من دون أن يحس بها أصحابها. وتفعل الجراثيم فعلها في الجسم بطريقتين: اما انها تنساب مع الطعام لتلتصق بجدران الأمعاء الداخلية فتقطن البطانة المعوية محرضة على اندلاع عوارض نوعية مثل الغثيان والتقيؤات والاسهالات والحرارة، وهذه يطلق عليها التهاب المعدة والأمعاء، أو ان الجراثيم تنفث سمومها لتجري بعيداً الى الدم ومنه الى الأعضاء الأخرى. ما هي الجراثيم الضالعة في عملية التسمم؟ وأين توجد؟ ان الجراثيم المتهمة في التسمم الغذائي هي الآتية: جراثيم الشيغيلا والوصيات القولونية. وهذه غالباً ما نجدها في الأطعمة النيئة أو غير المطهية جداً والتي تلوثت خلال عملية التحضير. مثال شخص ذهب الى المرحاض ولم يغسل يديه ثم قام بإعداد الطعام. الجراثيم الحلزونية. وهذه قد تأتي عن طريق الدواجن والمياه الملوثة والحليب غير المبستر أو غير المغلي. جراثيم الييرسينيا. وتشاهد في الحليب والبوظة ومنتجات البحر واللحوم والسلائب والخضروات. جراثيم السالمونيلا. وهذه قد تأتي عن طريق البيض والدواجن والحلويات والكريما والأسماك. ان هذه الجراثيم مسؤولة عن الكثير من حوادث التسمم الغذائي. الليستيريا. وهي جرثومة نراها تقريباً في معظم الأغذية مثل اللحوم والمقددات والحليب والأجبان. وتتميز هذه الجرثومة بغدرها بالأشخاص الضعفاء الذين يملكون جهازاً مناعياً مضعضعاً. جراثيم المكورات العنقودية الذهبية. وهذه قد تستوطن أحياناً في الحليب ومشتقاته وفي الوجبات المحضرة التي لم تحفظ جيداً في الثلاجة. جرثومة كلوستروديوم بوتولينيوم. وهي جرثومة لاهوائية توجد في التربة والأطعمة المحفوظة في العلب أو المدخنة. وهذه الجرثومة خطيرة جداً لأنها تطلق سماً ذعافاً هدفه المفضل ضرب الجهاز العصبي، الأمر الذي قد يؤدي الى الشلل التنفسي والموت. ما هي الظروف المشجعة على حصول التسمم الميكروبي؟ ان هذا التسمم قد يحدث في أي لحظة يتم فيها التهام طعام أو شراب ملوث بالجراثيم، والظروف المشجعة على ذلك هي: 1 الأكل في مطاعم لا تحترم قواعد النظافة. 2 عند وضع المشتريات في البراد خبط عشواء من دون مراعاة درجة الحرارة المناسبة للطعام. 3 عندما تكون درجة حرارة البراد أعلى من 4 درجات مئوية. 4 عندما لا يتم تنظيف البراد إلا في المناسبات، فالبراد يجب أن ينظف كل اسبوعين مرة باستعمال ماء جافيل. 5 عند طبخ الطعام وتركه خارج البراد أوقاتاً طويلة، وهذا يعطي الفرصة للجراثيم كي تنمو وتتطور على كيفها. 6 عند ترك الطعام مكشوفاً. 7 عدم غسل الأيادي بعد الذهاب الى المرحاض قبل اعداد الطعام أو عند تناوله. ان غسل اليدين يجب أن يكون قانوناً يطبق على الكبار والصغار فالنظافة من الايمان، كما يقال. كيف يعالج التسمم الميكروبي؟ يجب أولا بأول استشارة الطبيب لوصف معالجة دوائية تقلع الجراثيم من مكانها في الأمعاء. شرب السوائل بكثرة، لأن التقيؤات والاسهالات تقود الى الاصابة بالجفاف. لا مانع من شرب الكولا فهي مفيدة ضد الاسهال. الاستراحة المطلقة. كيف الوقاية؟ حفظ الأطعمة جيداً. رمي المعلبات المشبوهة. طهي اللحوم والأسماك جيداً. شرب الحليب المعقم والمبستر. غسل الخضروات والفواكه قبل أكلها