الأم التي تستطيع ارضاع طفلها من ثدييها ولا تفعل انما تلحق صفعة قوية بصحة فلذة كبدها، فالمعروف ان حليب الأم يمد الطفل بأجسام مناعية تقدم عوناً لا يستهان به للطفل كي يكون في منأى عن الالتهابات الميكروبية التي تعد من أهم الأسباب المؤدية للوفاة عند الأطفال الرضع. صحيح ان نسبة الوفيات الناتجة عن هذه الأمراض قليلة في الدول المتطورة بالمقارنة مع تلك الموجودة في الدول الفقيرة، إلا أن اختصاصيين في علم الأوبئة بأميركا أوضحوا ان الإرضاع من الثدي يخفض من أعداد الوفيات الناتجة عن الالتهابات الميكروبية. الدكتور وولتر روغان والدكتور ايمين شين من المعهد الوطني لعلوم وأبحاث الصحة البيئية بولاية كارولينا الشمالية قاما بدراسة شملت 1024 طفلاً توفوا في السنة الاولى من العمر اضافة الى 7740 طفلاً ظلوا على قيدالحياة بعد مرور السنة الأولى، وعند مقارنة أعداد الوفيات في المجموعتين وجدا أن معدل الوفاة كان أقل عند الأطفال الذين رضعوا حليب أمهاتهم بالمقارنة مع أولئك الذين أخذوا الرضاعة الحليب الاصطناعي، وقد نوه الباحثان الى أنه كلما كانت فترة الارضاع من الأم طويلة كلما كانت نسبة الوفاة أقل... وفائدة حليب الأم لا تقتصر على هذه الناحية بل هو يملك فوائد على عدة أصعدة سنحاول في ما يأتي أن نعرج على بعضها: ان حليب الأم يحمي الطفل من التعرض للاصابة بالبدانة في سن المراهقة. ففي دراسة نشرت في مجلة طب الأطفال في العام 2002 بين باحثين ألمان ان نسبة الاصابة بالسمنة بين الأطفال الذين تراوحت أعمارهم ما بين 6 و14 عاماً كانت أقل عند الذين تناولوا حليب الثدي مقارنة بأولئك الذين لم يتربوا عليه، وبناء على ذلك حث البحاثة الأمهات على إرضاع أطفالهن لحمايتهم من البدانة التي أصبحت وباء في هذه الأيام. ان حليب الأم يعزز من نمو القدرات العقلية عند الأطفال الذين ولدوا بأوزان قليلة. هذه النتيجة توصل اليها العلماء بعد دراسة طاولت 220 طفلاً بأوزان أقل من الطبيعي مقابل 299 آخرين واجهوا هذه الحياة بأوزان طبيعية، وعند قياس معدل الذكاء في سن الخامسة من العمر سجل البحاثة زيادة ملحوظة في معدلات الذكاء عند الذين رضعوا ستة أشهر مقارنة بأولئك الذين رضعوا 3 أشهر فقط، وقد كانت هذه الزيادة لافتة للأنظار عند الاطفال الذين ولدوا بأوزان قليلة. ان حليب الأم يقوي الجهاز المناعي للطفل. الدكتور ميكابيل جوليوس من جامعة تورونتو الكندية أوضح ان حليب الأم يحتوي على بروتين منحل اسماه CD14 قادر على حث الخلايا المناعية للطفل المعروفة باسم الخلايا اللمفاوية B التي تصنع في نخاع العظم وتعمل على انتاج مضادات الأجسام التي تقف بالمرصاد للجراثيم والفيروسات المعادية، خصوصاً تلك التي تسبب الالتهابات الرئوية والالتهابات المعدية المعوية والالتهابات البولية والتهابات الطرق التنفسية العلوية والتهابات الأذن. ان حليب الأم يقي الطفل من خطر الاصابة بالأمراض القلبية الوعائية. 195 طفلاً خضعوا الى تحاليل وفحوصات طبية بينت ان 20 في المئة منهم أظهروا توسعات متوسطة في شرايينهم، في حين ان 20 في المئة آخرين عانوا من ارتفاع في الكوليسترول والسكر في الدم، وعند مقارنة هذه التغيرات بنوع التغذية وجد الباحثون ان هؤلاء الأطفال لم يحصلوا على حقهم من الرضاعة الطبيعية. المشرفون على الدراسة شددوا على أهمية اعطاء حليب الأم في السنة الأولى من عمره لأنه يحمي الطفل من شبح التعرض لأمراض هو في غنى عنها عند البلوغ، وقد حذر البحاثة بقوة من اعطاء الطعام الصلب باكراً الى الطفل قبل الاسبوع الخامس عشر من سنه لأن هذا من شأنه أن يفتح الباب وسيعاً للاصابة باضطرابات وعائية لاحقاً أي بعد 11 الى 14 سنة