اليابان بين عنواني كتابين قبل 12 عاماً فقط كانت اليابان، في نظر الاميركي العادي، مضرب المثل في التقدم وفي التوجه السريع الى المستقبل. فالولاياتالمتحدة نظرت اليها كمنافس شرس استعار تقنيتها وادواتها ومناهجها في التصنيع، وبدأ يتفوق عليها في كل ما له علاقة بالراديوات والتلفزيونات والسيارات والكومبيوترات والحاسبات الآلية. وامتدت هذه التصورات عن اليابان من قناعات ابن الشارع ومقالات المجلات، الشعبي منها والاكاديمي على السواء، الى عناوين الكتب التي تصدر في الولاياتالمتحدة. وربما كان اهم الكتب التي ظهرت في الثمانينات عن هذا الموضوع هو الذي حمل عنوان: "اليابان هي الرقم واحد"، متوقعاً ان يسيطر البلد المذكور على الصناعات كلها فيما تتحول الولاياتالمتحدة التي يأفل نجمها، طرفاً ملحقاً به، وفي احسن الحالات مكمّلاً له. بيد ان البلدين اتجها في وجهتين شديدتي الاختلاف، بل التعارض. فاليابان عاشت اكثر من عقد وهي تعاني النمو البطيء والافلاسات المالية وتسجل ارقاما قياسية في البطالة. اما الولاياتالمتحدة فحققت، لا سيما ابان عهدي بيل كلينتون، انبعاثاً اقتصادياً وتقنياً غير مسبوق. هكذا بدأت تتغير صورة العملاق الاقتصادي الأصفر. فها هي صناعاته تتهاوى لا ينقذها الا ان تتقدم اميركا واوروبا لايقافها على قدميها. لا بل تأتي النجدة احياناً من منافسي اليابان الآسيويين الصغار ككوريا الجنوبية وتايوان وسنغافوره. هكذا لم يعد مصادفاً ان تتغير صورة اليابان، على ما دل عنوان الكتاب الصادر أخيراً في الولايات المتخدة والذي يُعتبر احسن ما انتج في هذا الموضوع: عنوانه "هل تستطيع اليابان ان تنافس؟" ومؤلفوه اكاديميون ثلاثة، اثنان من اليابان والثالث اميركي. لكن الخلاصة الاهم التي يتوصل اليها هذا العمل الجديد هي ان النهوض الاقتصادي الياباني بلغ نقطة لم تعد معها المسألة اقتصادية، بل غدت سياسية واجتماعية وثقافية. فإما ان يصار الى تحديث الجزيرة الآسيوية على هذه الاصعدة او ان نتوقع مزيداً من التدهور الاقتصادي. مسيحيو الادارة الأميركية الجديدة من المعروف ان الرئيس الأميركي الجديد جورج دبليو بوش اعتمد في معركته الانتخابية، بين من اعتمد عليهم، على اليمين المسيحي. والاخير طرف عقائدي، متزمت واصولي، خاض معركة عنيفة ضد بيل وهيلاري كلينتون و"تفسخهما الأخلاقي". ومما يُعرف به أيضاً اليمين المسيحي وتنظيمه الأهم المعروف ب"الاغلبية الاخلاقية"، العداء للسود والكاثوليك واليهود، ومحاولة الرد على التركيب التعددي للولايات المتحدة عبر المطالبة باعلانها دولة بروتستانتية بيضاء. وهذا ناهيك عن صراعه المتواصل مع مطالب الحركة النسوية، لا سيما في ما خص الاجهاض. لكن من هم ابرز رموز هذا اليمين المسيحي ممن يعتبرون ضمن خانة السلطة الجديدة؟ أميركا تتحدث حالياً عن "رباعي" ايديولوجي وسياسي مقرّب من بوش، ولو ان الرئيس يحاول كبح سيطرته والحؤول دون تمدد نفوذه. وابرز وجوه هذا الرباعي الذي الهبته الحماسة لتعيين جون اشكروفت مدعياً عاماً، هو: مارفين أولاسكي، الشيوعي السابق والمنظّر الحالي ل"الرأسمالية العطوفة" Compassionate Capitalism. الثاني أهمية هو تشارلز كولسون المنتمي الى "المسيحيين المولودين من جديد"، وقد عمل مساعداً للرئيس ريتشارد نيكسون ثم سُجن بسبب ووترغيت. وهو الآن يبشّر بفضائل الانجيل، خصوصاً لجهة خصخصة السجون! الثالث والاكثر نضالية هو جون ديلوليو الذي يختلف عن سائر رفاقه في انه كاثوليكي، لكنه من دعاة نقل الدعوة الايمانية الى الشارع حيث تنبغي مواجهة خصومها بالقوة والعنف. واما الرابع والاخير، وهو اكبرهم سناً، فهو الصحافي مايرون ماغنيت. والقضية الاساسية التي يدافع عنها الأخير بلا كلل: ان الافكار الليبرالية والتحررية التي شاعت في الستينات هي التي تتحمل المسؤولية الاعظم عن تزايد الفقر في الولاياتالمتحدة، علماً ان الفقر لم يتزايد اطلاقاً في اميركا! الحوادث المُميتة للأطفال الاطفال عرضة للاحداث المميتة اكثر من ابناء الشرائح العمرية الأخرى. الأسباب وراء ذلك كثيرة: هم اكثر حركية وتنقلاً، واقل حفولاً بالمخاطر والاخطار، إن لم نقل ان شيئاً فيهم يحب ركوب الخطر وتحديه. هذه الحوادث انضاف اليها في السنوات القليلة الماضية ما تتسبب به العصابات في بعض دواخل المدن Inner Cities المكتظّة والفقيرة، اكانت عصابات تهريب، أم عصابات لتشغيل القاصرين، أم في آخر الحساب، عصابات اطفال تتبادل العنف في ما بينها. النتيجة التي توصّل اليها تقرير صدر اخيراً عن 26 بلداً غنياً، ويغطي الاطفال والاولاد حتى سن ال14 خلال مرحلة 1991 - 1995، هي ان نسبة الحوادث المميتة للصغار تراجعت. لكن يبدو ان ثمن ذلك التراجع كان باهظاً، وهو تنشيط التدخل من الاهل او الدولة او المدرسة لردع الاطفال والاولاد عن القيام بتجارب كان في وسعها، لو نجحت، اغناء خيالهم وشخصياتهم. هكذا بدأت تُسبغ، على صعيد القيم، نعوت ايجابية على الحدّ من الحرية، بعدما كان من المتفق عليه نقد هذا الحدّ، بل نقضه. على اية حال، فالارقام التي توصّل اليها التقرير اعده مركز للبحوث في فلورنسا بايطاليا، تابع لمنظمة يونيسيف، تقول ان السويد كانت الافضل حيث قضى 2،5 طفلا في الفترة المذكورة من اصل كل مئة الف طفل، فيما ذهب نصفهم ضحية حوادث السير. اما اسوأ البلدان الغنية فكوريا الجنوبية حيث بلغت النسبة 6،25 في المئة ألف. وبين هاتين النسبتين تتدرّج البلدان من الافضل الى الأسوأ تباعاً، وبالشكل التالي: بريطانيا، ايطاليا، هولندا، النروج، اليونان، الدانمرك، اسبانيا، فنلندا، المانيا، ايرلندا جمهورية الجنوب، اليابان، فرنسا، بلجيكا، النمسا، استراليا، سويسرا، كندا، هنغاريا، تشيخيا، بولندا، نيو زيلندا، الولاياتالمتحدة، البرتغال، المكسيك. وأهم ما يُلاحظ في هذا التدرّج ان معادلة الغنى والفقر لا تعمل بشكل مطلق على صعيد حماية الاطفال. فأن تتقدم اليونان على الدانمرك، مثلاً، فهذا يدل الى ان بعض البلدان الاقل تقدماً لا يزال، على هذا المستوى، يملك الآليات التقليدية والأهلية في التربية والرعاية. سياسيات أوروبا في اوروبا الغربية تحتل النساء مواقعهن في السياسة لأنهن هن مَن هن، وليس لأنهن بنات أب سياسي او زوجات زوج سياسي. فهذه كانت حال باندرانيكه في سري لانكا وانديرا غاندي في الهند وبنازير بوتو في باكستان وميغاواتي سوكارنو في اندونيسيا وغيرهن. اما مارغريت ثاتشر البريطانية التي عُرفت ب"ابنة البقّال"، فلا يصح هذا فيها. صحيح ان بعض النساء قد يستفدن من عيشهن في بيت سياسي، او من رصيد سياسي خلّفه أب معني بالشأن العام. لكن هذا ليس القاعدة العامة في أوروبا وإن كانت كذلك في آسيا. مع ذلك لا يزال التمثيل النسائي الأوروبي ضئيلاً ومتفاوتاً بين بلد وآخر. فالنسبة المئوية للنساء في برلمانات بلدان الاتحاد الاوروبي هي كالآتي: السويد: 45 في المئة وهي النسبة الاعلى. الدانمرك 1،37 في المئة. فنلندا 37. هولندا 3،33. ألمانيا 6،29. اسبانيا 1،27. بلجيكا 6،25. النمسا 7،24. البرتغال 6،19. بريطانيا 1،17. اللوكسمبورغ 7،16. ايرلندا 6،14. اليونان 3،10. ايطاليا 2،10. فرنسا 7،8. والملاحظتان الأساسيتان اللتان يمكن الخروج بهما تعقيباً على هذه الأرقام، هما: أولاً: اننا كلما اتجهنا من الشمال الاسكندينافي الى الجنوب المتوسطي، هبطت النسبة. وثانياً: اننا كلما انتقلنا من العالم البروتستانتي الى العالم الكاثوليكي واجهنا الهبوط اياه. لكن هاتين الملاحظتين نسبيتان جداً وليستا مطلقتين بأي حال. ذاك ان التمثيل في بلد كفرنسا يقل عمّا هو في اليونان والبرتغال علماً ان الاخيرتين تقعان جنوبفرنسا. كذلك تقل النسبة البريطانية عن نسبتي اسبانيا والبرتغال مع ان الاخيرتين جنوبيتان وكاثوليكيتان في آن. وما يخفف من هذا الاستدراك قليلاً ان الاسبان والى حد ما البرتغاليين يُبدون حماساً مبالغاً فيها للظهور بمظهر "الأوروبي الكامل" بعد العقود الطويلة التي عاشوا ابانها بعيداً عن القارة، في ظل ديكتاتوريتي فرانكو وسالازار. ومما يحاول هذان البلدان توكيده انهما تجاوزا السيطرة الذكورية التي سادتهما في تلك الحقبة السوداء من حياتهما. احصاء الهند الهند بدأت التحضير لاحصاء وطني عام ىُفترض ان يشمل جميع ولاياتها وقومياتها الكثيرة، وأن يسجّل التحولات السكانية التي طرأت على البلد الذي يُعدّ ثاني بلدان العالم سكاناً بعد الصين. ليس هذا فحسب، اذ الهند شرعت تنافس الصين تعداداً فيما يُقدّر انها ستتفوق عليها في غضون العام 2025. ولا يمكن، بالتالي، وضع خطط تنمية دقيقة من دون استفتاء كهذا، لا سيما وان البلد يقوم على نظام ديموقراطي برلماني فيما ينهض مجتمعه على تعددية لا حصر لها. كذلك لا يمكن من دون استفتاء كهذا التحكّم ببعض الاتجاهات الديموغرافية والجنسية والاقتصادية للبلد. لكن أهم ما يُراد التحكّم به، بل التصدي له، يخص المرأة في الهند. فقد سجلت السنوات الماضية تراجعاً متعاظماً في نسبة البنات الى الصبيان. والسبب ان أُسَراً كثيرة تلجأ نساؤها الى الاجهاض حين يتبيّن للعائلات ان الجنين انثى. والتناقض الذي طرحته هذه المعضلة على الهند هي ان التطور العلمي والطبي الذي سمح مسبقاً بمعرفة جنس الجنين، لم يقترن بتحولات فكرية وثقافية في صلب المجتمع وفي قناعاته. هكذا استمرت المواقف التقليدية من النساء على رغم كل ما عرفه ذاك البلد الآسيوي العملاق من ثورة تقنية نشأت بنتيجتها طبقة وسطى جديدة، ومن خبرات مشهود لها في ميادين المعلومات والتقنية الرفيعة حتى ان الولاياتالمتحدة وبلدان اوروبا الغربية تتسابق اليوم على استقدامها اليها.