أثار اقبال عدد كبير من المنتجين المصريين على التعاقد مع مخرجي السينما لتحقيق أعمال تلفزيونية، استياء العديد من مخرجي التلفزيون. ومن الاشياء التي تثير حفيظة المخرجين التلفزيونيين المصريين ،ان القائمين على الانتاج يوفرون كل ما يطلبه مخرجو السينما قبل بداية العمل سواء من حيث النصوص او اختيار الممثلين مروراً بأماكن التصوير ومهندسي الديكور والصوت والاضاءة وانتهاء بالمصورين وغيرهم معتقدين ان توفيرهم كل ما يطلبه السينمائي سيحقق للعمل نجاحاً غير مسبوق. لكن هذا لا يحدث عادة والدليل ان مسلسل "وادي فيران" من بطولة حنان ترك وجمال عبدالناصر وحمدي أحمد وأحمد خليل وغادة عبدالرازق والذي تولى اخراجه المخرج السينمائي علاء كريم، لم يحقق النجاح المأمول عند عرضه على شاشة التلفزيون. واثيرت اتهامات عدّة بين الممثلين والمخرج وكذلك بين المنتج والمخرج واحيلت المسألة الى نقابة المهن السينمائية للتحقيق فيها، ووصلت الامور أخيراً الى رفع دعوى قضائية من المخرج ضد عدد من ابطال العمل يتهمهم بالتشهير، الامر الذي اصابه كما يقول "في سمعته ومهنته كمخرج اضافة الى الاضرار المادية والادبية التي لحقت به". وتكرر الشيء نفسه تقريباً في مسلسل "سنوات الشقاء والحب" عن قصة احسان عبدالقدوس وسيناريو وحوار ماجدة خير الله وبطولة نيللي وصلاح السعدني، والذي تولى اخراجه اشرف فهمي. فالعمل لم يحقق النجاح المأمول على رغم كلفته العالية. ومن مخرجي السينما الذين اتجهوا اخيراً الى التلفزيون محمد عبدالعزيز الذي انتهى من تصوير مسلسل "حارة الطبلاوي" عن قصة جمال الغيطاني وسيناريو وحوار مصطفى ابراهيم وبطولة فاروق الفيشاوي ومعالي زايد وحسن حسني. وكان المخرج محمد كامل القليوبي انتهى منذ عامين من تصوير مسلسل "الابن الضال" من تأليف سامي غنيم وبطولة هدى سلطان وهشام عبدالحميد ومادلين طبر وأحمد ماهر ووجدي العربي. ويومها حدثت خلافات بين المؤلف والمخرج. وكان عرض منذ أكثر من عام مسلسل "نحن لانزرع الشوك" عن قصة يوسف السباعي وسيناريو وحوار احمد صالح وبطولة اثار الحكيم وخالد النبوي وياسر جلال واخرجه حسين كمال الذي تولى ايضا اخراج الفيلم سينمائياً. وتولي "شركة صوت القاهرة" اهتماماً كبيراً للتعاقد مع مخرجي السينما. ففي الوقت الذي صُور ويصور لحسابها مسلسلات "الابن الضال" لمحمد كامل القليوبي و"سنوات الشقاء والحب" لأشرف فهمي و"وجه القمر" لعادل الاعصر تعاقدت الشركة اخيراً مع المخرج داود عبدالسيد، بعدما لبت له جميع طلباته، على اخراج مسلسل تلفزيوني يدور اثناء الفترة الاخيرة من حكم المماليك لمصر وعنوانه "نهر السماء" عن رواية الاديب فتحي امبابي. وفي الوقت نفسه تعاقدت الشركة مع المخرج علي عبدالخالق لاخراج مسلسل "الاشباح" عن رواية لابراهيم مسعود وتتناول البطولات المصرية من حرب الاستنزاف وحتى انتصار اكتوبر 1973. كما تعاقدت مع المخرج مجدي احمد علي لتولي اخراج مسلسل "البلد" عن سيناريو محمد الرفاعي. أما مدينة الانتاج الاعلامي فمن المقرر ان يقوم المخرج سمير سيف باخراج عمل من انتاجها كتبه وحيد حامد بعنوان "اوان الورد"، من بطولة يسرا وفاروق الفيشاوي ولبلبة ووحيد سيف. ومن المقرر ان يتولى سعيد مرزوق اخراج عمل تلفزيوني من انتاج المدينة ايضاً عنوانه "العمدة" من تأليف يسري الجندي وبطولة ماجدة في اول عمل تلفزيوني لها وتدور احداثه حول امرأة مثقفة من احدى الاسر العريقة والثرية تعود الى قريتها في ريف مصر بعد وفاة زوجها عالم الهندسة النووية في ظروف غامضة. ونتيجة الصراعات الاجتماعية التي تدور بين عائلات القرية توافق على تولي منصب العمدة لحل هذه الخلافات. ويتردد منذ اكثر من عامين ان علي بدرخان في سبيله الى اخراج مسلسل تلفزيوني يحكي قصة حياة الفنانة الراحلة كاميليا يكتبه المؤلف ابو العلا السلاموني. وفي مقابل هذا التدافع نحو مخرجي السينما يغيب العديد من مخرجي التلفزيون المتميزين والذين هم على دراية اكثر من غيرهم بطبيعة العمل التلفزيوني من نصوص درامية بما فيها من حلقات يتجاوز زمنها الثلاثين ساعة ومشاهد طويلة قد يصل الواحد منها الى عشر صفحات، والتصوير بأكثر من كاميرا وانجاز عدد دقائق مصورة يومياً لا بأس به. ومن ابرز هؤلاء محمد فاضل الذي يتولى اخراج عمل على فترات متباعدة رغم ما تحققه اعماله من نجاح كبير وكان آخر اعماله منذ ثلاثة اعوام من انتاج "شركة صوت القاهرة" بعنوان "الشارع الجديد" بطولة عبدالمنعم مدبولي وعزت العلايلي وفردوس عبدالحميد ومحمود الجندي وشريف منير وهالة فاخر. وهو انتهى اخيراً من تصوير مسلسل "الناس والعيلة" للشركة نفسها، من تأليف مجدي صابر وبطولة كمال الشناوي وفردوس عبدالحميد، ويوسف شعبان ونهال عنبر، وهناك رائد لبيب وهو واحد من المخرجين المتميزين انسانياً وفنياً وتكفي اعماله "هند والدكتور نعمان" لكمال الشناوي و"الماضي يعود الآن" ليوسف شعبان و"رياح المدينة" لفاروق الفيشاوي للتذكير بذلك، ومع ذلك فإن الاستعانة به تكون في نطاق ضيق الى الدرجة التي يبدو فيها وكأنه ابتعد عن الساحة الفنية. والشيء نفسه ينطبق على مخرجين كبار من أمثال حسن حافظ وحسين عمارة الذي كان اخر عمل له قبل أكثر من أربعة أعوام بعنوان "البراري والحامول" من تأليف سمير عبدالعظيم وبطولة الهام شاهين ومصطفى متولي ومحمد طيرة وحسين حامد ووفيق وجدي وغيرهم. أما المخرج احمد خضر فإنه متوقف عن العمل منذ اكثر من عام عقب اخراج مسلسل "الشهاب" من تأليف محمد السيد عيد وبطولة خيرية احمد وحنان شوقي ووفاء عامر وبهاء ثروت، على رغم ان اعماله تشهد على تميزه وتألقه، ومنها "الرجل والحصان"، و"حارة الشرفا"، و"قصة مدينة"، و"حكاية بلا بداية أو نهاية"، و"اللص والكلاب"، و"لا شيء يهم" وغيرها، وهو ما ينطبق على المخرج يوسف ابو سيف الذي حققت اعماله نجاحاً كبيراً ومنها، الأمر الذي جعل الجميع يتوقع ان تتهافت الشركات على التعاقد معه وهو ما لم يحدث ويدعو الى التساؤل لماذا؟