يصر الطوارق او "اهل اللثام" على تحدي الصحراء. يعبرونها ويعانقون رمالها الدافئة ويقيمون في ارجائها. يتحدون رياحها وعواصفها الرملية وشمسها الحارقة... ولا يعطشون. يحفرون في قلبها ليصلوا الى الرطوبة فالماء مخزون في تُرابها. يعودون الى واحاتها الخضر وسواقيها على متن جمالهم، دليلهم في النهار هضاب وكثبان رملية تتحرك من مكانها بفعل الرياح، لكنهم يعرفون اين كانت ومتى تحركت. وفي الليل تدلهم النجوم الى وجهتهم، من دون حاجة الى بوصلة او خرائط، فخريطتهم الطبيعية الصحراء نفسها وبيئتها التي تحاول قهرهم فيروّضونها. الجزائريون مستقرون يهيم اهل الطوارق ويعيشون في جزء من الصحراء الافريقية الكبرى يدعى منطقة ازواد. جنوب شرقي الجزائر، شمال ماليوالنيجر، وجنوب غربي ليبيا. وبشكل عام فإن طوارق الجزائر الذين يتركزون في منطقة الهقار، هم الاكثر استقراراً في الاطار السياسي بين الطوارق جميعاً. فعلى رغم العلاقات الوطيدة التي تربطهم بطوارق النيجرومالي المتاخمتين، يعود ولاؤهم السياسي الى بلدهم، وربما يرجع ذلك الى مشاركتهم الاساسية في حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، ورعاية الدولة الجزائرية المستقلة لهم لاحقاً. إذ اصر قادة الثورة الجزائرية خلال المفاوضات مع الفرنسيين بعد حرب التحرير على عدم فصل منطقة الهقار الجزائرية الصحراوية التي يقطنها الطوارق. في حين كانت فرنسا تحاول الاحتفاظ بهذا الجزء من الصحراء كأرض فرنسية. وفي الجانب الآخر من ازواد خاض طوارق النيجرومالي حروباً طاحنة مع حكومات بلادهم من اجل الحصول على حكم ذاتي في مناطقهم. وجرت اعنف المواجهات مطلع التسعينات، وكان للجزائر دور اساسي في تخفيف حدة التوتر بين الجانبين، خصوصاً عندما رعت محادثات السلام التي انعقدت في العاصمة الجزائر في شباط فبراير 1992، وواصلت بعد ذلك مساعيها لوقف الحرب نهائياً. الرحلة الى منطقة الهقار تنطلق من الجزائر العاصمة الى ولاية تمنراست، عاصمة المنطقة الصحراوية الجزائرية، وتستغرق حوالي ساعتين ونصف الساعة في الطائرة، أي المدة نفسها التي تستغرقها الرحلة من لندن الى العاصمة الجزائرية. تُعتبر تمنراست اكبر ولاية في الجزائر وهي تقع في اقصى جنوب البلاد وسط اكبر صحراء في العالم الصحراء الافريقية الكبرى، وتبلغ مساحتها 100.556 كيلومتر مربع اي نحو ربع مساحة الجزائر. وهي عاصمة الهقار وترتفع عن سطح البحر 1400 متر، وتُشكل اليوم اهم نقاط العبور من شمال افريقيا نحو بلدان افريقيا السوداء، ونقطة الانطلاق لاكتشاف الجنوبالجزائري الكبير. تحد تمنراست من الشمال والشرق والغرب ولايات غرداية وورفلة وادرار الجزائرية، ومن الجنوب الشرقي جمهورية النيجر، ومن الجنوب الغربي جمهورية مالي. وتمتاز تمنراست بجبالها البركانية التي يصل ارتفاع قممها الى الفي متر، وفيها ينابيع طبيعية اشهرها نبع المياه المعدنية في آن طاهيورت الذي يتدفق من جبل تين حمام. ويؤكد مسؤولون في السلطات المحلية ان متاخمة المنطقة لشريط حدودي طويل مع النيجرومالي، جعلها ملجأ لعدد كبير من اللاجئين الفارين من الحروب المندلعة في هذين البلدين. كما استغل عدد من التجار هذا الموقع الجغرافي في عمليات تهريب السلع الآتية من عمق القارة الافريقية، خصوصاً من نيجيريا مروراً بمالي او النيجر. واستطاعت سلطات الولاية حصر اللاجئين في مناطق محددة لايوائهم حتى تسنح الفرصة لعودتهم الى بلدهم، ولضبط عمليات تدفقهم ومنع تسللهم الى بقية الولاياتالجزائرية. عيد الربيع تزامنت رحلتنا مع احتفالات الطوارق بعيد الربيع الذي تخلله سباق للجمال وسهرات واغان تقليدية عن الصحراء والحب والربيع ترافقها رقصات فولكلورية من بينها رقصة "شروا". التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز، وتهدف الى جانب الاستمتاع والعرض في الاحتفالات، التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات. وتصاحب السهرة التي تستمر طوال الليل ولائم في قلب صحراء الهقار التي عبرناها في اربع ساعات انطلاقاً من تمنراست. تعود آثار حضارة الطوارق القديمة في منطقة الهقار، الى القرن الخامس قبل الميلاد على الاقل، إذ سجل المؤرخ الاغريقي هيرودوتوس، المعروف بأبي التاريخ، وجودهم هناك منذ تلك الفترة. ومن آثار حضارتهم حتى اليوم المنحوتات والنقوش في جبال الهقار والتاسيلي. كانت هذه المنطقة ممراً ومحطة رئيسية للقوافل التجارية المتوجهة الى عمق افريقيا السوداء. وتبلغ مساحة الهقار نحو 450 ألف كيلومتر مربع، يقطنها اليوم حوالي 16 ألف شخص، وتشتهر بمناظرها الطبيعية وآثارها القديمة والنقوش المحفورة في جبالها، كما توجد فيها حيوانات ونباتات نادرة، ولذلك صنفت "اليونسكو" بعض مناطقها، محميات طبيعية وآثارها معالم سياحية تنتمي الى التراث العالمي ما يفرض حمايتها. والهقار تعني بلغة الطوارق الصخرة الكبيرة وسط بحر من الرمال، ونحن بالفعل، شاهدنا خلال توغلنا في الصحراء صخوراً كبيرة معظمها اقرب الى الجبال كان اجملها جبل الاسكرام الصخري، ويقع على مسافة 80 كيلومتراً شمال شرقي تمنراست، وينتصب شامخاً بين الرمال بارتفاع 2700 متر من الصخور البركانية. لكن المشهد غير المتوقع في الاسكرام كان انبعاث مياه عذبة من ثنايا الجبل تخترق صخوره لتركد في بركة صغيرة قرب سفحه يقصدها الطوارقي الهائم في الصحراء ليروي عطشه وليزود جماله ما تحتاجه من الماء لمتابعة الرحلة. اما عن الطوارق وتاريخهم، فيحيلنا مرافقنا شنقلة احمد الى الرحالة ابن حوقل مقتبساً منه قوله بأن الطوارق من القبائل البربرية التي استوطنت الجزائر منذ القدم. لكن احمد يؤكد ان بعض الباحثين يُرجع اصولهم الى العرب، ويؤكد أنهم من اقدم سكان الصحراء وانشأوا اول حضارة عبر التاريخ القديم على ضفاف بحيرات الصحراء الكبرى. ويتابع احمد مقتبساً هذه المرة الرحالة العربي المشهور ابن بطوطة الذي يصف الطوارق بأنهم "اهل اللثام"، الذين تقع مساكنهم "بين بلاد السودان ومناطق الرمال وهي تخوم الشرق. ومنهم من كان تحت امرة ملك السودان، ومنهم من كان له شرف بأرضه وتمر عليهم القوافل الى السودان. وحينما يريد احدهم الاكل فهو يختفي حذراً من رؤية الناس له، لانه في حال شاهدوه وهو يأكل أخذوا ابله وبقره. ويصنع الطوارق بيوتهم من الجلد، وان جاءهم ضيف ذبحوا له من قطعانهم ليأكل الكثير من اللحم ويأخذ الباقي لزاده في الطريق. ولم تتغير اللغة العربية عندهم حتى وقتنا الحاضر. والخيل عندهم قليلة فهم يركبون الابل القارن وتُسمى النجيب ولهم غارات ووقائع". هذا ما قاله ابن بطولة، أما موسوعة "اونيفيرساليس" الفرنسية فأحصت خمسة آلاف لهجة للطوارق تتداخل فيها العربية، ولا يُعتبر ذلك غريباً، إذ ان الحروف المسمارية والتيفيناغية أبجدية الطوارق تتحدر من الابجدية العربية والكتابة السامية القديمة. حكاية اللثام أما عن قصة اللثام، فيُجمع عدد من أهله تحدثوا إلى "الوسط" على ان وضع اللثام عند الطوارق يعتبر احدى اهم العادات والتقاليد التي ما زالت متوارثة لديهم ويحرصون على عدم خرقها. واللثام عبارة عن قماش شفاف شبيه بالعمامة يُلف على الرأس ليغطي الوجه كله غير مظهر منه سوى العينين. ولا يكشف الطوارقي لثامه حتى امام اهله واصدقائه مبقياً إياه على وجهه طوال النهار وغالباً ما ينام مُلثماً. أما عند تناول الطعام فإن الطوارقي يكشف فقط الجزء الذي يُغطي الفم او يأخذ طعامه بعيداً عن الآخرين. ويؤكد العالمون بالأمور أن الطوارق يستطيعون معرفة بعضهم بعضاً من مسافات بعيدة من على ظهور الابل على رغم اللثام الذي يغطي وجوههم، وذلك لأنهم اعتادوا التحديق بفراسة ويحفظون شكل اكتاف بعضهم البعض، ويميزون شكل العينين عن قرب. ومن الطريف ان استخدام اللثام يقتصر على الرجال منذ بلوغهم الرشد بين سن الثامنة عشرة والعشرين. وتجرى عملية تثبيته في احتفالات وطقوس خاصة تتخللها انواع من المبارزة يُثبت الشاب خلالها انه مؤهل لوضع اللثام، كما يجري خلال هذه الاحتفالات أداء اغان ورقصات خاصة وولائم. وغالباً ما تزين اللثام قطعة صغيرة مربعة من الفضة وحجابات جلدية تحتوي على آيات قرآنية يرى الطوارق أنها تقيهم الحسد والشر. اما عن سبب وضع اللثام فثمة قصص كثيرة تروى، لكن اهل الطوارق اليوم يحددون سبب استعماله بأنه لاتقاء قيظ الصيف ولحماية الوجه من الرياح العاتية التي تحمل معها الرمال. كما يستخدم لمسح الوجه من الغبار وتصبب العرق. وغالباً ما يكون اللثام ازرق اللون ويختلط صباغه مع العرق المتصبب في قيظ الصحراء ما يمسح سحنة الوجه بلون اللثام، ولذلك يُطلق البعض على الطوارق اسم الرجال الزرق. تركيبة قبلية ومقاومة للاستعمار ولا تختلف قبائل الطوارق في تركيبتها الاجتماعية عن القبائل العربية التقليدية، إذ تتشكل من قبائل رئيسية تتحدر منها بطون وافخاذ وفروع. وينتمي الطوارق في منطقة الهقار الى قبيلتين رئيسيتين هما كلغالا وطايتوك تتقاسمان اراضي الهقار وتربطهما علاقات اسرية عبر المصاهرة. ويُسمى زعيم القبيلة الرئيسية الامينوكال اي "امين العُقال" وهو عادة ما يتسم بالحكمة. وحكمته هي التي تجعله مؤهلاً لاتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بشؤون القبيلة مثل الحرب والسلم، وهو الذي يحكم في النزاعات وتكون كلمته الفصل في الامور التي يستعصي حلها على قادة القبائل المتفرعة عن القبيلة الرئيسية. ومن المعروف ان الطوارق الجزائريين شاركوا بفاعلية في مقاومة الاستعمار الفرنسي، بل ان أولى المعارك التي خاضوها ضد الفرنسيين تعود الى العام 1881 في عهد الامينوكال اهيتاغل آق محمد بسكة، وهي معركة جرت في وادي إن أهاون قرب تين ترابين التابعة لولاية تمنراست. وقُتل في هذه المعركة ضابط فرنسي برتبة عقيد. وفي السنة نفسها حصلت ثورة الشيخ آمود بن المختار الذي هزم وحدة فرنسية قرب برج عمر موسى وقتل قائدها فلاتير. ومن اشهر المعارك التي خاضها الطوارق لاحقاً معركة تيت في العام 1902 وهي المعركة التي قضى فيها الطوارق على المجموعة الفرنسية المهاجمة كلها بمن فيها قائدها كونتيس. ولم تقتصر مقاومة طوارق الجزائر المستعمر الفرنسي على مناطقهم، بل هبوا في العام 1909 وبعد ذلك لدى اندلاع الحرب العالمية الاولى الى نجدة اخوانهم في النيجر ضد المستعمر الانكليزي، وفي ليبيا حيث ساندوا الحركة السنوسية ضد الاستعمار الايطالي، واستطاعوا طرده من فزان وغات المتاخمتين للحدود مع الجزائر. كما نظموا حملات مشتركة لضرب مراكز الايطاليين في الذُهيبات وام سويقة. دور مميز للمرأة وكان لافتاً خلال احتكاكنا بالطوارق في سهراتهم وولائمهم ان للمرأة الطوارقية دوراً مميزاً، إذ رافقنا في احدى المناسبات عدد من الطوارقيات رحبن بنا وجلسن معنا في عدد من الخيام ليشرحن لنا عن العادات وكن هن من عرّفنا بساكني تلك الخيام. سألنا لاحقاً رجلاً طوارقياً عن دور المرأة، فأجاب انها على عكس ما يتصور البعض، منفتحة غير متزمتة، تتمتع لدى الطوارق باحترام خاص ومميز، ولكن رب الاسرة هو الرجل المسؤول عن تأمين سُبل العيش للعائلة وتربية الابناء وتعليمهم وتدريبهم على التعامل مع بيئة الصحراء. وتقوم المرأة بالدور نفسه في غياب الرجل الذي يضطر في احيان كثيرة الى البقاء خارج المنزل لفترات تطول لثلاثة شهور مرتين كل سنة. وخلال هذه الفترة تعمل المرأة في رعاية الماشية وتأمين الطعام وجلب الماء والاهتمام بالأبناء واستقبال الضيوف. ويتميز زي المرأة الطوارقية برداء من القطن المنسوج وخمار بسيط يُغطي شعرها المجدول إضافة الى شال وشاح ترميه على كتفيها بدلال. وغالباً ما تدل الحلي التي تتزين بها على مكانتها الاجتماعية، إذ يمكن تمييز المرأة التي تنتمي الى عائلة ميسورة من قلادتها الفضية المربعة الضخمة التي تُحلي صدرها، وهي معروفة باسم اسرو نصول. وتُعتبر هذه القلادة علامة حسب ونسب وتورثها الام لابنتها. وهناك ايضاً قلادة صغيرة معروفة باسم خميسة تتزين بها غالبية النساء اللواتي يعتقدن انها طاردة للنحس والشر لانها ترمز الى اصابع يد مفتوحة وكأنها "خمسة في عين الشيطان". اما النساء غير الميسورات فحلاهن اساور ملونة من البلاستيك وعقود نحاسية واقراص وتمائم مُطعمة بالزجاج والخشب. وللزواج عند الطوارق تقاليد واضحة تحتم فترة خطوبة بين الشاب والفتاة تراوح بين سنتين وأربع سنوات، وذلك لضمان حصول تفاهم تام يستمر بعد الزواج. ولا يمكن ان يحصل الزواج من دون موافقة الفتاة وقبل التأكد من حصول متانة في العلاقة بين الخطيبين. وتستمر الاحتفالات بالزواج لفترة اسبوع تكون مناسبة لتوثيق الروابط الاسرية بين القبائل. ومن التقاليد المتعارف عليها ان يسكن العريس لفترة عامين بجوار مسكن اهل العروس كي تتمرس في الاضطلاع بالمسؤوليات العائلية. تأثر الادب الطوارقي بظروف البيئة الصحراوية القاسية للصحراء مع ما تحمله من عواصف رملية ورياح وسيول جارفة تدفع ابناء الطوارق الى الترحال لطلب الماء والكلأ للمواشي. وربما كانت هذه العوامل سبب تميزهم بذكاء حاد واستعداد فطري لتلقي العلوم المتاحة والابداع والبحث في امور الطبيعة. ويعتمد الادب الشعبي الطوارقي عموماً على الذاكرة والتناقل من جيل الى جيل. وهو يتألف من اشعار وقصائد وقصص تصف الصحراء والحياة فيها ببلاغة، وتتحدث عن الكرم والشجاعة والمروءة والحب والحنين الى الديار. وتنقل اغاني الطوارق المتنوعة صورة عن التقاليد المتوارثة في الاعراس والختان والحرب ومناسبات اخرى كثيرة. ويقيم الطوارق احتفالات خاصة بالمطر في مناسبة تدعى "كورسالي". فعندما يحل موسم الامطار تتجمع قبائل عدة لرعي ماشيتها على العشب وتحتفل بلقاء ابنائها في موسم جديد. وينتهز شبان القبائل وفتياتها هذه المناسبة للتعارف الذي غالباً ما يؤدي الى زيجات كما يحصل في احتفالات البربر. وكما هي حال الادب الطوارقي، تأثرت الفنون والحرف الطوارقية بالبيئة الصحراوية. وهكذا صنع الطوارق خيامهم من جلود الماعز أو الخراف اوالابقار او الجمال وزينوها بالوان زاهية. كما صنعوا الدروق الدروع من جلود الحيوانات البرية مستخدمين المواد المحلية لتزيدها صلابة ومتانة الى خفتها. كما أن الطوارق يشتهرون بصناعة الخناجر والسيوف والسكاكين المزينة والمشغولة بمهارة. ومن ابرز الآلات الموسيقية التي اخترعوها للتغلب على وحشة الصحراء آلة الامزاد التي تشبه العود في شكلها، واوتارها مأخوذة من شعر الجياد. وآلة التندي المصنوعة من خشب المهزار ويدخل فيها جلد الماعز. وللايقاع صنع الطوارقيون آلتي الاقلال وتهيقاليت اللتين تشبهان الطبلة ويدخل في صناعتهما الخشب وجلد الماعز. قبل مغادرتنا الصحراء عرض ملثمون على متن الجمال رقصة العرس حيث تصطف مجموعة من الجمال تنطلق من مسافة بعيدة وتجري متلاصقة بسرعة كبيرة، فيما تنطلق مجموعة اخرى مشابهة من طرف آخر وتتقاطع المجموعتان في شكل يُخيل للناظر انهما حتماً تتجهان الى الاصطدام، لكنهما تتفاديان ذلك بمهارة فائقة. ويرافق الرقصة عزف على التندي والامزاد. في النهاية، خلال انتقالنا الى المناطق الحضرية في طريق العودة الى قسنطينة وعنابة كان ذلك كله قد أصبح جزءاً من الذاكرة، ومع هذا فإن النغمات المثيرة واغاني النساء وزغرداتهن كانت لا تزال تتردد في الاذن وتعود بنا ثانية الى الهقار في قلب الصحراء