تنظر الدول المغاربية باهتمام الى اعتماد "اليورو" عملة موحدة لاحدى عشرة دولة أوروبية من أصل 15 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي، نظراً الى الانعكاسات التي سيتركها على البلدان المتعاملة مع الاتحاد الأوروبي في حوض البحر المتوسط والمرتبطة معه باتفاقات شراكة أو انها في الطريق الى ذلك. فقد كانت معاملات هذه الدول العربية مع بلدان الاتحاد الأوروبي تتم أما بواسطة الدولار، وأما في غالب الأحيان مع عملات هذه الدول، كل دولة فيما يخصها، علماً ان دول الاتحاد الأوروبي تستوعب جانباً كبيراً من المبادلات الخارجية للبلدان المتوسطية الجنوبية تصل الى حدود 75 في المئة بالنسبة الى تونس وأقل من ذلك بقليل بالنسبة الى المغرب وغير بعيد عن ذلك بالنسبة الى الدول المتوسطية الأخرى. كما ان تدفق السياح يأتي في معظمه من دول الاتحاد الأوروبي وكذلك تدفقات تحويلات اليد العاملة في أوروبا خصوصاً الى الجزائر وبدرجة أقل تونس والمغرب. وكانت العملات في المنطقة الجنوبية المتوسطة تتحدد بالرجوع الى سلة من العملات الخارجية لكن تمثل العملات الأوروبية بينها الحصة الكبرى في غالب الأحوال مثلما هو الشأن في تونس والمغرب مثلاً باعتبار قيمة المعاملات مع سوق الاتحاد الأوروبي. ويقول الخبراء بأن العملات الوطنية في البلدان العربية المتوسطية المرتبطة باتفاقات شراكة مع الاتحاد الأوروبي ستدخل ضمنياً في منطقة "اليورو" وهي سوق قوامها 370 مليون نسمة تعتبر أكبر سوق تجارية في العالم، سواء من حيث حجم صادراتها أو حجم وارداتها، وسواء من حيث ما تدفعه من تدفق سياحي نحو الخارج أو ما تستقبله من ذلك التدفق من الخارج، وبحكم استثماراتها الخارجية وما تستقطبه هي نفسها من استثمارات خارجية الى جانب عوامل اخرى. ومن هنا فإن حساب قيمة العملات الوطنية في البلدان العربية - وهو أمر يومي مرتبط غالباً بتحرك العملات التي تضمها السلة في كل بلد - سيكون أبسط لأنه في مرحلة أولى ومنذ بدايات 1999 سيعتمد على عملة واحدة كبيرة بدل 11 عملة منها ثلاث أو أربع مؤثرة بصورة كبيرة هي المارك الألماني والفرنك الفرنسي والجنيه الاسترليني عندما تلتحق بريطانيا بالوحدة الاقتصادية النقدية غالباً في السنوات الأولى من القرن المقبل والليرة الايطالية وهي البلدان الأربعة ضمن الاتحاد الأوروبي التي لها معاملات كبيرة جداً مع دول المنطقة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. ويعتقد المراقبون بأن قيام العملة الأوروبية الموحدة سيؤدي الى استقرار قيمة ما كان يعتبر عملات أوروبية متعددة ويوحد بطبيعة الحال النقد بين مختلف الدول المعنية ما ينعكس ايجاباً على البلدان المتوسطية العربية التي سوف لن تكون أمامها سوى عملتين أو ثلاث عملات كبيرة ومؤثرة هي العملة الأميركية الدولار والعملة الأوروبية وربما العملة اليابانية. ومن الايجابيات الأخرى المتوقعة ان وجود عملة واحدة وراءها بنك مركزي موحد مقره في فرانكفورت تتسم ادارته بالصرامة والحزم وليس خاضعاً لارادة الحكومات بل السلطات النقدية في كل بلد من شأنه ان يدخل شفافية أكبر، باعتبار سهولة المقارنة بين أسعار السلع والخدمات ما دام الأمر يهم عملة موحدة لها قيمة موحدة وسارية في كل الدول، وهو ما من شأنه اعطاء فرصة أكبر للمنافسة والحصول على أسعار أفضل.