لا تزال الفنانة سماح أنور 34 عاماًتعيش في الغرفة رقم 13 في الدور الأرضي في مستشفى هليوبوليس بعد رفع الاقامة الجبرية عنها لقاء دفعها كفالة قدرها 1000 جنيه مصري وتعهدها التعاون مع التحقيق في الحادث الذي تعرضت له ثالث أيام عيد الفطر، وأسفر - حسب تقرير الدكتور حسن الظاهر الطبيب المعالج في مستشفى هليوبوليس في القاهرة - عن اصابتها بكسور في كاحلي القدمين وتهتك في بعض شرايين الساق اليسرى وكسر في العظمة المستعرضة في الفقرتين القطنيتين الثالثة والرابعة، الى جانب بعض الجروح القطعية أسفل الذقن وفي اجزاء أخرى من الوجه. وسارعت "الوسط" الى الاتصال بالفنانة اثر صدور قرار رفع الاقامة الجبرية، للوقوف على رأيها في ما تردد عن الحادث وظروفه، غير ان والديها أكدا ان الطبيب حظر على ابنتهما استقبال الزوار أو اجراء مقابلات صحافية قد تتسبب في ارهاق المريضة وزيادة متاعبها. وبينما تستعد الفنانة للخضوع الى عملية تجميلية جديدة للوجه، فالأرجح ان عملية جراحية لساقها اليسرى ستُجرى خلال أيام. واستبعد الطبيب المعالج اجراء عملية جراحية في الفقرتين القطنيتين اللتين تضررتا من الحادث، اذ ان المريضة وافقت على البقاء من دون حركة لثلاثة أشهر، مما قد يساعد الطبيب على معالجتها بأساليب غير جراحية. وشدد والدا سماح أنور على ان حالة ابنتهما الصحية تمنعها من الادلاء بأي أحاديث صحافية، وقد تظل على صمتها خلال أيام عدة بعد الجراحة المقبلة. وأكدا انها غير قادرة على استقبال الضيوف، وان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة الصارمة بعض زملائها الفنانين، ومنهم أحمد زكي ونجلاء فتحي ويحيى الفخراني وأحمد بدير، الذين عادوها في المستشفى. وعلى رغم ان الواقعة بدت أول الأمر مجرد حادث سير تعرضت له الممثلة المعروفة فهو سرعان ما أخذ اتجاهاً آخر بعدما كشفت معاينة الشرطة لسيارة سماح أنور عن وجود لفافة من نبات "البانجو" المخدر تزن 569 غراماً في مؤخرة السيارة، فتحولت المصابة الى متهمة. وبدلاً من ان تغص غرفتها في المستشفى بعشرات الزائرين، امتلأت برجال الشرطة والنيابة، بل ان المستشار محمد حمدي قاضي المعارضات بمحكمة مصر الجديدة رأى ضرورة عقد جلسة علنية للمحكمة في غرفة سماح أنور في المستشفى، بحضور ممثل النيابة وممثل الدفاع المحامي لبيب معوض، الى جانب بعض الشهود من رجال الشرطة والأطباء، وهي الجلسة التي تقرر إثرها تجديد حبس الفنانة 15 يوماً أخرى الى حين الانتهاء من التحقيقات. وعلى رغم اطلاقها، فإن سماح أنور لا تزال تواجه ثلاثة اتهامات أساسية: حيازة كمية من المواد المخدرة، وقيادة السيارة بأوراق انتهت مدتها، واتلاف المال العام المتمثل في عمود الإنارة الذي اصطدمت به سيارتها. وعلمت "الوسط" ان محامي الفنانة شكك في اجراءات التفتيش باعتبار انها تمت بعد ساعات من وقوع الحادث، مما يعني ان لفافة المخدرات قد تكون وُضعت في حقيبة السيارة بعد نقل الفنانة المصابة الى المستشفى. أما اتهامها بانتهاء المدة القانونية لرخصتي القيادة والسيارة فقد ذكرت سماح أنور انها تترك متابعة مثل هذه المسائل وتجديد الأوراق لسائقها الخاص. وبالنسبة الى الاتهام الثالث - وهو الأخف - فقد كان من السهل الدفع بأن ذلك حصل من دون قصد، لأن اتلاف المال العام تمخض ايضاً عن اصابات خطيرة لحقت بالفنانة. وبناء على ذلك قرر أيمن شاش رئيس نيابة النزهة في مصر الجديدة استدعاء أحمد عبدالظاهر سائق الفنانة الخاص لسماع أقواله في شأن علاقته بلفافة المخدرات المضبوطة بالسيارة وكذلك مسؤوليته عن تجديد الأوراق المتعلقة بالفنانة. وحتى أيام مضت كانت المخاوف تسيطر على سماح وعلى المحيطين بها، تركزت على شقين الأول: طبي، يتعلق بما تردد عن احتمال تعرض الساق اليسرى للفنانة المعروفة للبتر نتيجة تهتك الشريان الرئيسي، غير ان الدكتور حسن الظاهر استاذ جراحة العظام في جامعة عين شمس الذي يتولى علاجها طمأن ذويها. وقال لپ"الوسط" ان سماح في تحسن مستمر، بعد اجراء عدد من الجراحات لتثبيت عظام الكاحلين، وتركيب شرائح معدنية عدة. واستبعد البتر بعد التأكد من عمل أوعية القدم بصورة طيبة، وأشار الى امكان ايجاد حلول طبية بدلاً من بتر الساق اليسرى، لكنه أقر بحاجة الفنانة الى ثلاثة أشهر على الأقل حتى تلتئم العظام وتتضح الصورة، والى فترة سنة اخرى حتى تتمكن من السير بشكل طبيعي. وعلمت "الوسط" ان النية كانت تتجه الى نقل سماح لاستكمال علاجها في أوروبا، لكن الفكرة اصطدمت بقرار تجديد حبسها. اما الشق الآخر فهو جنائي، يتعلق بنتائج تحليل عينات الدم والبول وهي الكفيلة اما بإضعاف موقفها القانوني في القضية أو تقويته: وجاء تقرير الدكتور فخري صالح وكيل وزارة العدل ومدير مصلحة الطب الشرعي في مصلحة الفنانة المصابة، اذ أكد ان نتائج تحليل عينة الدم تثبت خلوها من أية مواد كحولية أو مخدرة. كما رفض الطبيب الشرعي عينة البول بدعوى انها أخذت بعد مرور ساعات من الحادث وبمعرفة المستشفى وهو ما يعني انها غير محرزة من قِبَل النيابة مما يسهل احتمالات العبث بها، كما ان مواد التخدير والأدوية المدرة للبول التي تناولتها الفنانة المصابة في الساعات الأولى للحادث لها تأثيرها الواضح في نتائج العينة. ويبدو ان هذه الملاحظات الطبية هي التي استند اليها المشككون في نتائج عينة الدم، لا سيما ان الفنانة تعرضت لنزف بكميات كبيرة عقب تعرضها للحادث وقبل وصولها الى المستشفى. ملابسات الحادث ولكن ماذا حدث لسماح أنور، وما الملابسات التي أحاطت بهذا الحادث الغامض؟ تقول المعلومات التي أمكن استخلاصها من الأقوال المتضاربة ان الفنانة الشهيرة بعد ان انتهت من اداء دورها في مسرحية "باللو" ثاني أيام العيد، جلست قليلاً في غرفة الفنان صلاح السعدني شريكها في بطولة العرض، ثم ودعته في نحو الثالثة والنصف فجر ثالث أيام العيد، واتفقت مع زميليها محمد هنيدي وعلاء ولي الدين بطلي مسرحية "الابندا" على استكمال السهرة في فندق شيراتون المطار في مصر الجديدة القريبة من مسرح مدينة نصر، وفي الطريق الدائري السريع، الذي لم تكن سماح مضطرة للسير فيه للوصول الى الفندق، وبالقرب من عزبة "الهجانة" التي يكثر فيها تجار المخدرات، اصطدمت سيارة الفنانة، من طراز "ميتسوبيشي لانسر"، بعمود اضاءة على جانب الطريق، وبعد مدة لم يتسن تحديدها، لأن الفنانة كانت في غيبوبة قام ثلاثة شباب - تصادف مرورهم - بنقلها الى المستشفى بعد ان تعذر اسعافها عن طريق وحدة العلاج الخاصة بمطار القاهرة الدولي. وبحلول السابعة صباحاً أدخلت الفنانة المصابة غرفة العمليات بعد استدعاء خبيرين معروفين في مجالي العظام والتجميل. وكانت الممثلة الشابة رانيا محمود ياسين أول من علمت بالحادث من الفنانين بعدما اتصلت بها الشرطة في رحلة بحثها عن هاتف والدي سماح أنور. وكان الفنانان يحيى الفخراني وأحمد بدير أول من وصلا الى المستشفى بعدما طلبت سماح باستدعاء الفخراني حال استعادتها وعيها باعتباره صديقاً وطبيباً في الوقت ذاته. اما محمد هنيدي وعلاء ولي الدين اللذين كان من المفترض ان تكمل سماح معهما السهرة فلم يعلما بالحادث الا ظهر اليوم التالي. وأمام قرار النيابة بمنع الزيارة عن سماح أنور بات من المتعذر اجراء أي مقابلة معها. لكن والدتها الممثلة سعاد حسين، وهي احدى الممثلات السابقات في فرقة نجيب الريحاني، قالت لپ"الوسط"، في أسى وغضب، انها لا تدري لمصلحة من يتم تشويه سمعة ابنتها بهذه الصورة. ونفت أي صلة لابنتها بكمية "البانجو" المضبوطة في سيارتها. وقالت ان سماح لم تكن الوحيدة التي تقود سيارتها، وانما كان يشاركها في ذلك والدها وسائقها الخاص الذي منحته اجازة يوم الحادث لقضاء العيد مع أسرته، كما اعتادت اعارة سيارتها لأي زميل يطلبها. وبسؤالها عما تردد عن وجود سيارة كانت تطارد ابنتها وتسببت في الحادث، أكت والدة سماح هذه الواقعة، وأشارت الى ان شابين مجهولين ظلا يطاردانها منذ خروجها من مدينة نصر ويستخدمان الاضاءة العالية في سيارتهما بقصد إرباكها، ثم اعترضا طريقها مما دفعها الى الانحراف يميناً لتفادي السيارة المعترضة فاصطدمت بأحد أعمدة الاضاءة وحدث ما حدث. وسألتها "الوسط" هل كانت بعض لأشياء الثمينة الخاصة بسماح التي اتضح انها اختفت من السيارة بعد الحادث؟ فردّت: "ما يهمني الآن ان يمنَّ الله بالشفاء على ابنتي، وأي شيء عدا ذلك يهون، انني أطلب من كل محبيها ان يدعوا لها بالشفاء بقدر ما أسعدتهم، وان يكف المغرضون عن الاساءة اليها، خصوصاً في هذه الظروف الانسانية الصعبة. وأخيراً سألنا والدة سماح أنور: هل تتهمون أحداً بتدبير كل ما جرى؟ فأجابت: "الله أعلم. لكن ابنتي ليس لها أعداء"