ربما تكون حرارة الجو خفت حدتها في مصر، لكن حرارة المنافسة في سوق الكاسيت وصلت الذروة على رغم ان موسم حركة التداول في هذه السوق من المفترض ان ينتهي اعتيادياً بنهاية اشهر الصيف وعودة سبعة عشر مليون طالب الى فصولهم الدراسية بما يمثلونه من قوة شرائية حقيقية في هذه السوق الرائجة. فإذا ما علمنا ان حجم الاموال المتداولة في تجارة الكاسيت في مصر يتجاوز حالياً بليوني جنيه، ربما امكن تفهم شراسة المنافسة على اجتذاب المستمع ومن ثم امواله من دون الاهتمام او الالتفات عادة الى قيمة ما يقدم له من غناء. وقد تضافرت عوامل عدة، هذه المرة، ساهمت في امتداد الموسم الغنائي الى ما بعد أوانه، وارتفاع درجة حرارة المنافسة فيه. أول هذه العوامل تأخر بدء الموسم نفسه الى منتصف تموز يوليو تقريباً بسبب مباريات كأس العالم التي استضافتها فرنسا، وامتداد العام الدراسي السابق حتى وقت متأخر من هذا الصيف. وكان من جراء ذلك تكدس السوق الغنائية بعدد كبير من الاسماء المعروفة في فترة زمنية محدودة. ويكفي الاشارة الى ان عمرو دياب ومحمد الحلو ولطيفة وسميرة سعيد ومحمد هنيدي وحكيم ومحمد محيي ونوال الزغبي وعاصي الحلاني - على سبيل المثال - طرحوا البوماتهم الجديدة في وقت متزامن تقريباً، وهو ما اشاع هذا النشاط المحموم داخل سوق الكاسيت. وثمة عامل آخر ميز سوق الكاسيت هذا الصيف، وهو تلك المواجهة غير المعلنة بين عمرو دياب وحكيم التي دفعت السوق كله الى ما بات يعرف بپ"حرب البوسترات". وقد بدأت هذه المواجهة بين عمرو وحكيم حينما تصادف طرح البوميهما "عودوني" و"هايل" في وقت واحد تقريباً، فأصبحا الفارسين الرئيسيين في سباق بورصة الكاسيت، ولا سيما ان منافسهما الثالث محمد هنيدي بألبوم "كاجولوه" الخاص بأغنيات فيلم "صعيدي في الجامعة الاميركية" ليس مطرباً محترفاً يمكن ان يقتسم معهما كعكة احياء الافراح والحفلات الشبابية، وهو المكسب المادي الحقيقي لأي مطرب من وراء رواج البومه الجديد. وقد اخذت المواجهة بين الاثنين منحىً خطيراً مع قرب نهاية شهر آب اغسطس الماضي. حينما اقام الاثنان حفلتين كبيرتين في ليلة واحدة وفي مكانين متجاورين فيما بدا اختباراً جدياً لشعبية كل من المطربين. عمرو دياب في استاد القاهرة، وحكيم في الحديقة الصينية الملحقة بمركز القاهرة الدولي للمؤتمرات في تلك الليلة اوعز المطربان - على ما يبدو - الى معاونيهما برفع سماعات الصوت الى اقصى درجة ممكنة كي تصل اصوات هذه الحفلة او تلك الى الطرف الآخر، حتى ان معظم قاطني منطقة مدينة نصر المترامية الاطراف استمعوا الى فقرات الحفلين وهم في بيوتهم . ولم تقتصر المنافسة على ذلك، فقد فوجئ حكيم في تلك الاثناء بتمزيق معظم ملصقاته الدعائية في شوارع القاهرة. وكان طبيعياً ان تشير اصابع الاتهام الى المطرب الآخر على رغم ان كل الكمائن التي نصبها معاونو حكيم في الشوارع والميادين العامة لم تسفر عن شيء. وحيال ذلك قرر هذا المطرب اغراق العاصمة المصرية بعدد اكبر من ملصقاته عوضاً عن تلك التي مزقتها الايدي الخفية، فما كان من عمرو دياب الا ان ضاعف هو الآخر من عدد ملصقاته الدعائية حتى انه - حسبما علمت "الوسط" طلب من الشركة المنتجة زيادة موازنة الدعاية بنحو ربع مليون جنيه لتنشيط مبيعات البوم "عودوني" الذي لم يلق حتى الآن الرواج ذاته الذي لقيه البومه السابق "نور العين"، على رغم تفننه في الدعاية له، بما في ذلك إعلانه عن انهاء خصومته مع الملحن حلمي بكر. غير ان حرب الملصقات بين عمرو دياب وحكيم دفعت بالشركات المنتجة الاخرى الى الحذو حذوهما فقامت بإغراق شوارع العاصمة المصرية وميادينها بصور وملصقات مطربيها بكثافة ملحوظة لم تألفها القاهرة من قبل، ما خلف حالة أخرى من المنافسة الجانبية على الفوز بالاماكن الاستراتيجية لتلك الملصقات. محمد فؤاد على الخط ووسط اعتقاد اباطرة سوق الكاسيت بأن السباق سيقتصر على المتنافسين الموجودين على الساحة منذ اسابيع، على الاقل، فوجئ الجميع قبل ايام فقط وقرب انتهاء الموسم التقليدي بالمطرب محمد فؤاد يطرح احدث البوماته تحت عنوان "الحب الحقيقي"، وهو الألبوم الذي يعد له في سرية تامة منذ اشهر. فإذا به يحقق أعلى مبيعات يومية، ويشعل من جديد نار المنافسة خصوصاً انه يراهن على الرصيد الطيب الذي كان حققه في ألبوميه الاخيرين "حيران" و"كماننا". ومهما يكن فلا احد يعرف على وجه التحديد الى متى سوف تظل المنافسة في سوق الكاسيت على حرارتها. وهل سيتواصل الموسم الصيفي الى بداية الموسم الشتوي مع الاحتفالات برأس السنة الميلادية لتستمر حرارة المنافسة على ارتفاعها في عز الشتاء بعدما فعل مطربون في حجم هاني شاكر وعلي الحجار وميادة الحناوي وراغب علامة، وربما كاظم الساهر وأصالة ايضاً، ترك الصيف وصخبه الى الشتاء وهدوئه؟ الشيء المؤكد انه إذا استمرت الحال على هذا النحو فإن منتجي الكاسيت سوف يجدون انفسهم مضطرين لإعادة النظر في توقيت طرح البوماتهم ما يعني عدم الارتكان الى القواعد الثابتة الخاصة ببدايات مواسم الكاسيت التي الزموا انفسهم بها طوال السنوات الماضية.