خطت حكومة عبدالرحمن اليوسفي خطوة متقدمة لجهة تسوية جميع ملفات حقوق الانسان العالقة منذ العفو العام الذي اصدره العاهل المغربي الملك الحسن الثاني في تموز يوليو 1994 وشمل اعداداً من المنفيين واطلاق نحو 400 من معتقلي الرأي. وعلى رغم ارتباط القرار الجديد بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، وهو جهاز استحدث العام 1990 ويضم مسؤولين حكوميين ومنظمات تعنى بحقوق الانسان وممثلين عن الاحزاب والنقابات، الا ان قوة الدفع للتعجيل به تولدت في خضم الاصلاحات التي تنهمك الحكومة الحالية في انجازها، خصوصاً اصلاح الادارة والقضاء، وطي صفحة الماضي بما فيها ملفات حقوق الانسان كجزء من برنامجها الذي صادق عليه البرلمان. وينتظر ان تباشر السلطات المعنية قريباً اجراءات لاطلاق سراح نحو 40 شخصاً من السجناء الذين حوكموا خلال السنوات الماضية بسبب احداث مختلفة، والكشف عن مصير حوالي 112 من "المختطفين والمختفين"، اضافة الى حسم قضايا اخرى مرتبطة بالحرمان من جوازات السفر والوفيات داخل مخافر الشرطة، وتعويض معتقلين سابقين في سجن تازمامرت الذي كان اغلق في وقت سابق استجابة لدعوات منظمات حقوقية اوروبية واميركية، لكن لم يعرف ما اذا كانت الاجراءات المرتقبة ستشمل رفع الاقامة الاجبارية عن الشيخ عبدالسلام ياسين زعيم جماعة "العدل والاحسان" الاصولية المحظورة والسماح للمعارض اليهودي ابراهام السرفاتي بالعودة من فرنسا. ووفقاً لمنظمات حقوقية مغربية فان التحسن البالغ الاهمية الذي عرفته وضعية حقوق الانسان في المغرب خلال السنوات الاخيرة، لم يحل دون ممارسة التعذيب وسوء المعاملة واستمرار انتهاك الاجراءات القانونية المفترض اتباعها في السجون المغربية، ومن ضمن هذه الانتهاكات استخلاص الاعترافات من المحتجزين بالقوة واختلاق اعترافات مزورة، والاحتجاز لفترات زمنية طويلة بخلاف ما ينص عليه القانون وتقصير السلطات في التحقيق بدعاوى التعرض للتعذيب. وفي هذا السياق طالبت "المنظمة المغربية لحقوق الانسان" بتسوية مشاكل حقوق الانسان التي طالما اثارتها تقاريرها وتقارير غيرها من الهيئات والمنظمات المغربية والدولية. وقالت في مذكرة وجهتها اخيراً الى رئيس الحكومة "ان عشرات السجناء المحكوم عليهم في قضايا ذات طابع سياسي لم يستفيدوا من قرار العفو الشامل. كما ان ملفات ذات طابع فردي لم تسو بعد كملفي ياسين والسرفاتي". وكان بيار ساني الامين العام لمنظمة العفو الدولية ادلى بتصريحات خلال زيارته للمغرب في حزيران يونيو الماضي اثارت ردود افعال متضاربة داخل الاوساط السياسية المغربية، كونه لمح الى وجود "مراكز" في الحكومة تقاوم تصفية ملفات معتقلي الرأي والمختطفين، فضلاً عن مطالبته بالافراج عن جميع المختفين الذين لا يزالون على قيد الحياة واجراء تحقيقات في جميع حالات الوفاة في الحجز وحالات التعذيب، وتقديم المسؤولين عن وقوع هذه الانتهاكات الى العدالة. والجدير بالاشارة ان المغرب اتخذ سلسلة من المبادرات في مجال حقوق الانسان منها اقامة المؤسسات المعنية بهذه الحقوق كالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان 1990، وتخصيص حقيبة وزارية لحقوق الانسان 1993، كما صادق على الاتفاقات الدولية ذات الصلة بحماية حقوق الانسان وتنميتها كاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حماية العمال المهاجرين واسرهم، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية، وتحويل عقوبات الحكم بالاعدام الى عقوبات بالسجن.