يطلق مسؤول بارز في الحزب الديموقراطي الكردستاني وصف "صندوق العجايب" على ثلاثة أطنان من الوثائق والكتب والرسائل التي صادرها الحزب الذي يتزعمه مسعود بارزاني من مقرات ومكاتب تابعة للسيد جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بعدما احتلت قوات الديموقراطي أربيل عاصمة كردستان العراق بمساندة قوات حكومية عراقية في نهاية شهر آب اغسطس الماضي، قبل ان تمتد سيطرتها لتشمل معظم انحاء كردستان. ولم يكن امام الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي فاجأ تعاونه مع بغداد ولو بشكل تكتيكي العواصم الغربية، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة، غير تقديم الوثائق والاثباتات بأن جلال طالباني اقام تحالفاً وثيقاً مع طهران من دون علم الولاياتالمتحدة، وان التعاون العسكري وغير العسكري كان السبب الأساسي في احراز الاتحاد الوطني انتصارات عسكرية كادت تهدد وجود بارزاني في كردستان العراق بعد خسارته مناطق مهمة. ويقول مسؤولو الحزب الديموقراطي ان الحزب حذر الولاياتالمتحدة من التعاون القائم بين طهران وطالباني، الا انهم لم يأخذوه على محمل الجد حتى الساعات الأخيرة التي سبقت مفاجأة بارزاني للجميع بتحالفه مع بغداد وفرض امر واقع على الأرض كان اول المندهشين منه اركان البيت الابيض. وقد سارع ممثلو الحزب الديموقراطي الى اختيار عينة من الوثائق التي صودرت من مكاتب طالباني لتوزيعها على المسؤولين في واشنطن ولندن وباريس وحتى موسكو في محاولة لتأكيد ما حذروا منه في السابق. وتقول اوساط اميركية اطلعت على الوثائق ان حجم التعاون بين طالباني وطهران من خلال المراسلات التي كُشفت كان مخيباً للآمال، على رغم ان الولاياتالمتحدة تتفهم ظروف الاطراف المعنية في شمال العراق وحاجتها للتعاون مع الدول الاقليمية ولو بشروط تتراوح بين تبديد المخاوف وتلبية متطلبات معينة يحتاج اليها المعنيون. وقال الدكتور لطيف رشيد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني ان منزل طالباني لم يكن يحتوي على اي وثائق، وان ما تمت مصادرته من اوراق، كان من مكاتب تابعة للحزب. وأوضح انه يريد ان يتأكد مما اذا كان توقيع طالباني تعرض للتزوير بهدف الاساءة الى علاقات الاتحاد الوطني مع عدد من الدول وفي مقدمتها واشنطن. وتكشف الرسائل التي وزعت نسخاً منها عن رسالة خطية من صفحتين مكتوبة بالكردية ومؤرخة في 28 أيلول سبتمبر 1995، موجهة من طالباني الى جبار فرمان عضو المكتب السياسي نائب قائد قوات الاتحاد الوطني، تتحدث عن نتائج زيارة طالباني الى طهران والاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الاتحاد الوطني والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق والحكومة الايرانية حول مستقبل العراق. والوثيقة الثانية عبارة عن رسالة من ثلاث صفحات مكتوبة بالعربية، وهي موجهة من طالباني الى قائد حرس الثورة الايراني سردار محمد جعفري، يحث فيها طالباني حراس الثورة على التدخل بسرعة لوقف مشروع الولاياتالمتحدةوبغداد تجاه العراق، كما تضمنت الرسالة قائمة باحتياجات الاتحاد الوطني العسكرية واللوجستية لافشال محادثات السلام التي ترعاها الولاياتالمتحدة بين الاطراف المعنية. والوثيقة الثالثة رسالة من ثلاث صفحات موجهة من طالباني الى الدكتور علي اكبر ولايتي وزير الخارجية الايراني يحذر فيها الزعيم الكردي ايران من مؤامرة تشارك فيها تركيا الى جانب بغداد ومسعود بارزاني ضد الاتحاد الوطني وايران. ويطلب طالباني في الرسالة مساعدات اقتصادية وعسكرية اضافة الى محاولة لوصل المنطقة التي يسيطر عليها بشبكة الاتصالات الهاتفية الايرانية. والوثيقة الرابعة تتألف من صفحة واحدة باللغة الكردية موجهة من طالباني الى كسرت رسول وجبار فرمان عضوي المكتب السياسي، يؤكد فيها طالباني حصول الاتحاد على مساعدة من ايران لنقل قواته من خلال الأراضي الايرانية لمهاجمة حاج عمران وجهة سيدكان التي تقع تحت سيطرة قوات بارزاني. اضافة الى وثائق اخرى تتناول التعاون بين الاتحاد الوطني الكردستاني وجهاز الاستخبارات الايراني "اطلاعات" وتقارير توجز النشاطات التي حصلت في الفترة بين حزيران يونيو عام 1995 وكانون الأول ديسمبر عام 1995 في هذا المجال. ويقول مسؤولون في الحزب الديموقراطي ان لديهم وثائق تتعلق بطبيعة النشاطات التي كان الاتحاد يخطط لها بالتعاون مع المؤتمر الوطني العراقي والتي من شأن الكشف عنها ان يتسبب باحراج المعنيين في الأمر وعلاقاتهم مع واشنطن وغيرها من العواصم العربية. واوضح المسؤولون في الحزب الديموقراطي الذين سلموا "الوسط" عدداً من هذه الوثائق ان الاوراق الأخرى او بعضاً منها سيكشف عنها في الوقت المناسب.