في مصر مدرب هولندي… شاب… على مشارف الرابعة والاربعين او اكثر قليلا اسمه رود كرول. يتقاضى هذا المدرب 25 ألف دولار شهريا، وهو بذلك اغلى مدرب في تاريخ الكرة المصرية. وكرول كان نجما معروفا في المنتخب الهولندي الذهبي الذي بهر العالم في مونديال 1974 في المانيا ومونديال 1978 في الارجنتين، وكان يلعب قلباً للدفاع وتألق فعلا كلاعب، ولكن رصيده كمدرب لا يكاد يذكر لجهة انه عمل مساعد مدرباً ومدرب لفرق عدة غير معروفة في هولندا وبلجيكا. ظهر كرول في سماء الكرة المصرية فجأة وبالتحديد في حزيران يونيو الماضي، ورحب بتدريب المنتخب الاولمبي بعد ان افهمه المسؤولون ان هذا المنتخب هو الذي سيحظى بكل الاهتمام على اعتبار انه سيمثل مصر في دورة اطلانطا 1996، وقبل ان يوقع كرول العقد طلب ان يشاهد المنتخب الاولمبي اثناء مشاركته في دورة الفرانكفون في فرنسا في الاسبوع الثاني من تموز يوليو الماضي، وسافر فعلا الى باريس وشاهد المنتخب وهو يشارك في الدورة التي احتل فيها المركز الثاني بعد فرنسا. ولدى عودته الى القاهرة اعلن موافقته على تولي المهمة مقابل 25 ألف دولار في الشهر ناهيك عن الشقة الفاخرة والسيارة الفارهة ومكافآت الفوز على كل مباراة يلعبها المنتخب وغير ذلك من المزايا. المثير للدهشة ان جماهير الكرة المصرية والمتابعين والخبراء توقعوا خيرا للمنتخب الاولمبي الذي يمثل امل الجميع، عندما تولاه مدرب غالٍ الى هذه الدرجة لا سيما ان الفريق يضم مجموعة لاعبين ممتازين استطاعوا مع الروماني ستايكو ان يفوزوا على كندا والكونغو وان يتعادلوا مع غينيا في دورة الفرانكفون، الا ان ما حدث كان مخيباً للآمال فقد تراجع مستوى اللاعبين بشكل حاد لدرجة انهم في رحلتهم التدريبية مع كرول الى رومانياوهنغاريا والدنمارك انهزموا في خمس مباريات وتعادلوا في واحدة، وبعد هذه الجولة بأيام قليلة سافر المنتخب الى السعودية ولعب مباراتين… فاز في الاولى 1/صفر فاستبشر الجميع خيراً، ثم هزم في الثانية صفر/3 فكانت خيبة الامل مرة اخرى. بعد هذه السلسلة من المباريات وبعد عدم التقدم في مستوى المتخب الاول مع الهولندي راوتر أصبح لدى الجماهير المصرية هاجس بأنها ستكون ضحية مدربي هولندا الذين لم يحققوا نجاحا، وجرت مقارنات لا تنتهي بين الهولنديين الذين تسلموا راية المنتخبات وبين الرومانيين الذين سبقوهم، وكانت اول بنود المقارنة تلك الرواتب العالية جدا التي يحصل عليها الهولنديون. المهم ان كرول يرفض اطلاق احكام سريعة على المنتخب الاولمبي الذي يتولى قيادته، ويؤكد انه لم يحن وقت الكلام بعد وان الفريق المصري اذا سار في الطريق الذي رسمه له فسيكون من اوائل دورة اطلانطا 1996. "الوسط" التقت المدرب الهولندي وحاورته وفي ما يأتي نص الحوار: هل ترددت في قبول تدريب المنتخب المصري؟ - ترددت في البداية عندما تلقيت الدعوة لزيارة مصر لأنني لم اكن قد شاهدت اللاعبين ولا المباريات المحلية، ثم وافقت بعد ان تابعت المنتخب في دورة الفرانكفون بفرنسا. لماذا وافقت؟ - انا كمدرب محترف اسعى لأن احقق نجاحات تضاف الى رصيدي، وقد وجدت ان التعامل مع الكرة المصرية التي تتمتع بشعبية كبيرة في افريقيا يمكن ان يحقق لي هذا الطموح. وهل وجدت مع المنتخب ما كنت تتوقعه؟ - توقعت ان اجد اللاعبين في حالة افضل من التي شاهدتهم عليها. وكيف وجدتهم؟ - بصراحة وجدتهم تعلموا كرة القدم خطأ، وهذا يجعلني اقول ان المسألة تحتاج الى وقت وان هذا الجيل الذي يمثل المنتخب الاول الذي تولاه مواطني راوتر لن يكون بمقدوره ان يعطي اكثر مما اعطى لان التكوين والتعليم وصلا الى درجة لا يمكن معها احراز تطور آخر، واذا كان هذا هو موقف المنتخب الاول فلا شك ان المنتخب الذي يليه يعاني من المشاكل نفسها وان بمقدار أقل. وأنا احتاج الى وقت وجهد للتغلب على هذه المشاكل. وما هي ابرز السلبيات في اللاعب المصري؟ - الذي لمسته ان اللاعب المصري ضعيف التكوين نتيجة لسياسة غذائية خاطئة، ولا شك ان التكوين هو القماشة التي يستطيع من خلالها المدرب ان يعمل ويتحرك، فلا استطيع ان اطلب من لاعب ضعيف ما اطلبه من لاعب قوي، كما ان الحركة التي يؤديها لاعب سليم غير تلك التي يؤديها لاعب سريع العطب. واعتقد ان النظام الغذائي عموما انعكس على اللاعب المصري لدرجة يمكنني معها ان اشير الى ان الاغلبية من اللاعبين تعاني من نقص في التغذية. هذه مشكلة، والمشكلة الثانية تتمثل في ان اللاعبين الفوا ما يمكن تسميته بالعادات الكروية الخاطئة وابرزها البطء وتمرير الكرة الى الخلف علماً ان الفوز في اي مباراة لا يتحقق الا بالسرعة وبالتمرير الامامي. اما المشكلة الثالثة فهي عدم المقدرة على تنفيذ التعليمات والتوجيهات المطلوبة بالضبط وهي سلبية مبنية على الضعف العام في القدرات البدنية، وعلى الاخطاء الفطرية الناجمة عن البطء وعن كثرة التمرير الخلفي. اذن المشكلة مستعصية؟ - ليس في الكرة مشاكل مستعصية وليس هناك فريق متكامل. كل ما في الأمر انني اردت ان اشخص الحالة الكروية في مصر. يبدو انك تحاول ان تصل باللاعب المصري الهاوي الى مستوى اللاعب الاوروبي او الهولندي المحترف؟ - ولم لا… ان الفوز في اي مباراة لا يتحقق الا للأحسن والاقوى، وسواء كان هذا مصريا او سعوديا او هولنديا او المانيا… المهم ان ينجح فريق في الفوز على الآخر، ومقومات الفوز في كل بلاد العالم واحدة. اذن انت تطمح الى العالمية؟ - العالمية هي ان يفوز فريق ببطولة العالم او ينافس عليها. وما هي فلسفتك بعد التشخيص، او ما هو العلاج كما تراه؟ - الآن… استطيع ان اضع "روشتة" العلاج للمنتخب المصري... وقبل الآن كان الامر مجرد كلام او اجتهادات. في هذه الفترة بدأ الدوري، وينبغي ان اشاهد اللقاءات واختار بنفسي اللاعبين تبعا للمعايير والمقاييس التي اراها. اما ان احضر الى مصر ويقولون لي ان هذا هو الفريق الذي ستدربه، فتلك عملية غير منطقية، ولكنها بالطبع كانت بداية طبيعية، لان المنتخب كان متجمعا، ويشارك في دورة. سأختار اللاعبين بنفسي كما قلت، ومن المؤكد انه سيكون بينهم مجموعة من الذين جئت وتسلمتهم من دون ان اراهم في المسابقة المحلية. وبعد الاختيار هناك نظام محدد وثابت سيتم تطبيقه، واعتقد ان المهمة ستكون افضل لأنني سأحاول ان اقلل في اختياراتي العيوب البدنية والفنية التي اشرت اليها من قبل. يقولون ان المنتخب الاولمبي المصري تدهور معك… بدليل انه لم يحقق اي نتيجة تذكر رغم كثرة المباريات التي خاضها؟ - ما يقال يمثل وجهات نظر شخصية. ومن ناحيتي لم اقل انني حققت اي شيء. لعبنا مجموعة مباريات في هنغارياورومانيا والدنمارك. تعادلنا في واحدة وخسرنا خمس مباريات، ثم فزنا على المنتخب السعودي وخسرنا، والمحصلة العامة عندي ليست بالفوز او عدد مرات الهزيمة، وانما بالايجابيات التي توافرت من الاحتكاك، واود ان اشير الى انني يمكن ان اخرج من مباراة ودية مهزوما، واكون مسرورا، ويمكن ان اخرج من مباراة فائزا وأنا حزين، وقد يقدم الفريق اداء جيدا ويخسر، ومن هذا المنطلق يكون كلام الناس او الجماهير او النقاد مجرد وجهات نظر، ينبغي لي ان احترمها طبعا. هل كونت انطباعا عن الكرة المصرية؟ - الى حد ما، ولكن ينبغي ان اعطي نفسي فرصة اكبر من خلال مباريات الدوري. وهل ستفوز بميدالية في اطلانطا؟ - اذا سارت الامور على ما يرام واذا وفقت في اختياري لمجموعة اللاعبين الذين سأكمل بهم المشوار، فمن الممكن ان نفوز بميدالية. ننتقل الى الكرة الهولندية، هل تعتقد ان عصرها الذهبي انتهى؟ - طبعا لا، الكرة الهولندية لها وجود عظيم على الصعيدين الاوروبي والعالمي، وأنا واحد من الذين صنعوا هذا الوجود مع جيل العمالقة الذي قاده يوهان كرويف. والكرة البرازيلية؟ - في كأس العالم الأخيرة كان من الممكن ان تفوز هولندا بكأس العالم لو ان الحظ لم يقف الى جوار البرازيل في مباراة دور الثمانية. كان البرازيليون يتقدمون 2/صفر ثم تعادلت هولندا، وجاء هدف الفوز البرازيلي من كرة ثابتة. هل تعتقد ان هولندا افضل؟ - نعم، ولكن لا تنس ان الكرة مدورة. وبماذا يتفوق الهولنديون؟ - بالعقل. ما هي اهم طموحاتك؟ - ان اقود منتخب هولندا الى كأس العالم.