سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حوار شامل مع أحد الرواد العرب في العالم في حقل مكافحة الامراض السرطانية . البروفسور فيليب سالم لپ"الوسط": الجراحة في معالجة السرطان وصلت الى طريق مسدود والأمل معقود على الأبحاث الكيميائية
يعتبر الدكتور فيليب سالم، احد الرواد العرب في حقل مكافحة أمراض السرطان منذ اوائل السبعينات. فقد كان رئيساً للجمعية اللبنانية لمكافحة السرطان من عام 1971 حتى العام 1986 عندما هاجر الى اميركا ليلتحق بمركز "أم. دي. أندرسون للسرطان" الذي يعد اهم مراكز الابحاث السرطانية في العالم وليعين بعد مدة رئيساً لبرنامج الابحاث فيه، بعدما رقي الى بروفسور، وليصبح ايضاً رئيس برنامج الابحاث السرطانية في مستشفى "سانت لوكس" في مدينة هيوستن في ولاية تكساس. زار الدكتور سالم لندن أخيراً لتسلم وسام الشرف من الجمعية الاوروبية للسرطان، وهو أعلى تقدير دولي يمكن منحه لرواد أبحاث السرطان في العالم، فكانت مناسبة لپ"الوسط" للقائه واجراء الحوار الشامل والخاص الآتي معه حول امراض السرطان. تثير كلمة "السرطان" خوف الناس وهلعهم بمجرد ذكرها. ما هو تعريفكم لها؟ - إن كلمة "سرطان" هي كلمة غير علمية لانها عبارة عن مظلة لاكثر من 160 نوعاً مختلفاً من هذه الامراض. لذلك يجب ان يكون الإسم العلمي لها هو الامراض السرطانية "Neoplastic Diseases" وليس مرض السرطان. لانه ليس من العدل ان نضع السرطان الخصوي "Testicular Cancer" الذي يمكن الشفاء منه بنسبة 90 في المئة في مصاف سرطان الرئة الذي تبلغ نسبة الشفاء فيه صفر في المئة. لذلك، وفي شكل عام، فإن كلمة سرطان لا تعكس حقيقة المشكلة الطبية التي يعاني منها المريض. اي انه من الممكن ان يكون المريض مصاباً بالسرطان دون ان يشكل ذلك عبئاً صحياً عليه نظراً لامكانية الشفاء منه كلياً. وقد يكون مصاباً بسرطان مستعصٍ وخطير يصعب علاجه، او مصاباً بنوع آخر من السرطان يتراوح بين الحالتين السابقتين. أما تعريف السرطان فهو عبارة عن خلل في التوازن بين العوامل البيئية والعوامل الوراثية. وهو ليس خللاً في نمو الخلايا فحسب ولكن في تصرفها ايضاً. كما انه لا بد من وجود سببين لحصول السرطان. الاول ظهور خلل في نمو الخلايا وتوالدها، والثاني انعدام وجود مركز للسيطرة يتحكم بعدد الخلايا المتوالدة ويحدد الوقت المناسب لوقف عملية التوالد والتكاثر. اما السبب الذي يؤدي الى تحوّل الخلايا الى خلايا سرطانية خبيثة فهو إمكانية انفصال بعض هذه الخلايا عن السرطان او الورم الاساسي وانتقالها الى منطقة اخرى من الجسم مثل الكبد لاستعماره وتكوين سرطان ثانوي فيه ومن ثم القضاء عليه. ولو بقيت الخلايا في موقعها الاساسي لما كان السرطان خبيثاً و خطيراً وقاتلاً. أنواع السرطان هل صحيح ان هناك 200 نوع من امراض السرطان؟ - بالطبع، ولكن ذلك يتوقف على تعريفك لماهية النوع. ويمكنني القول انه يوجد على الاقل 160 نوعاً من امراض السرطان. ينقسم كل منها الى فروع وامراض عدة اخرى. لنأخذ مثلاً مرض اللوكيميا، حيث يوجد على الاقل عشرة انواع منه فاللوكيميا اللمفاوية المزمنة "Chronic Lymphocytic Leukemia" هي مرض بسيط يمكن علاجه بسهولة، كما يمكن للمريض ان يعيش به دون خوف من ان يتسبب هذا المرض في قتله. ولوكيميا الأرومات النقوية الحادة "Acute Myeloblastic Leukemia" الذي تبلغ نسبة الشفاء التام منه حوالى 20 الى 25 في المئة. لذلك حتى عندما نأخذ مرضاً مثل اللوكيميا ونتعمق فيه نجد انه يوجد على الاقل 12 نوعاً من الامراض المختلفة بتصرفاتها البيولوجية وطريقة تجاوبها مع العلاج والعواقب الصحية التي قد تنتج عنها. من خلال عملك وابحاثك في هذا المجال، هل يختلف انتشار امراض السرطان في اميركا واوروبا عن انتشارها في بلادنا العربية؟ - بالتأكيد لان كل بلد له نمط معين بالانتشار خاص به. لنأخذ مثلاً العالم العربي والامراض المميزة فيه كسرطان الغدة اللمفاوية "Lymphoma" هذا النوع موجود بكثرة في منطقة الشرق الاوسط وفي نسبة تفوق بكثير ما هو موجود في الغرب. هناك ليمفوما معينة تعرف بليمفوما البحر الابيض المتوسط "Mediterranean Lymphoma" موجودة في مدن البحر الابيض المتوسط وفي منطقة الشرق الاوسط لكنها ليست موجودة في اي مكان آخر من العالم. في المملكة العربية السعودية مثلا، ينتشر سرطان المريء وسرطان الكبد وسرطان المستقيم. وفي مصر ينتشر سرطان المثانة في شكل كبير بسبب تفشي جرثومة البهارسيا. وكذلك الامر في العراق. ان السرطان كما سبق وذكرت هو توازن بين البيئة والعوامل الجينية الوراثية. لذلك فإن طرق انتشاره ونسبة الاصابة به تختلف بين منطقة واخرى من العالم. لنأخذ مثلاً ليمفوما البحر المتوسط حيث نلاحظ وجود ظاهرة فريدة من الناحية العلمية والابحاث السرطانية. فهذا المرض يبدأ ظهوره بريئاً ثم ينقلب مع مرور الزمن ليصبح خبيثاً. اما عن كيفية تطور خلاياه من خلايا بريئة الى خلايا سرطانية خبيثة، فإن ذلك يعكس اهمية البحث العلمي في هذا المجال ويوفر فرصة ذهبية لدراسة تطور المرض من مراحله الحميدة الى مراحله الخبيثة. ويمتاز هذا النوع من الامراض في انه اللمفوما الوحيدة التي يوجد لها مؤشر سرطاني محدد "Tumor Marker" يمكن الاعتماد عليه للتأكد من وجود المرض. ويعرف هذا المؤشر بالبروتين ذي السلسلة الثقيلة من نوع ألفا. ولقد تركزت معظم ابحاثي في الجامعة الاميركية في بيروت ما بين عام 1971 وعام 1986 على هذا الموضوع لدراسة نوعية وماهية اللمفوما في منطقة الشرق الاوسط وكيفية معالجتها. هل توصلتم من خلال ابحاثكم لمعرفة الاسباب المؤدية لخصوصية تواجد هذا النوع الفريد من امراض السرطان في منطقتنا دون غيرها من دول العالم؟ - كلا، ما زلنا لا نعرف الاسباب المؤدية لذلك. ومن هنا تأتي اهمية الابحاث المستفيضة التي قمت بها وتم نشرها عالمياً، فكانت احد الاسباب التي دفعت الجمعية الاوروبية للسرطان لمنحي وسام الشرف. وتجدر الاشارة الى انه لا يوجد مؤشر واحد من مؤشرات السرطان الموجودة حالياً يمكنه ان يحدد بدقة نوعاً واحداً من امراض السرطان كما هو الحال مع لمفوما البحر المتوسط. ما هي اكثر الامراض السرطانية شيوعاً في البلدان العربية؟ - أكثر أمراض السرطان شيوعاً عند الرجال هي: سرطان الرئة وسرطان البروستات وسرطان الجهاز الهضمي. أما أكثرها شيوعاً عند النساء فهي: سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم. هل يختلف ترتيب شيوعها في الولاياتالمتحدة الاميركية والدول الاوروبية؟ - كلا، فهناك تشابه في ترتيبها ومدى خطورتها عند الرجال والنساء. توصيات للوقاية بوصفك رائد مكافحة امراض السرطان، ما هي التوصيات التي يمكن ان توجهها للقراء للوقاية من هذه الامراض؟ - هناك ثلاث وسائل احترازية هامة يمكن اللجوء اليها لتحقيق ذلك. الوقاية، ومنع حدوث الاصابة، والتشخيص المبكر. إن كل مرض سرطاني يتم تشخيصه او اكتشافه في مرحلة مبكرة قابل للعلاج والشفاء التام. أهم الامراض الشائعة عند النساء وكيفية تشخيصها باكراً. - سرطان الثدي: من الامراض التي يجب ان لا تتسبب بوفاة اي امرأة في عصرنا الحاضر. خاصة بوجود وسيلة تصوير الثدي شعاعياً "Mammography" حيث يتم تشخيص المرض واكتشافه في مراحله الاولى عندما يكون حجمه اقل من سنتيمتر واحد داخل الثدي. وبهذا الوضع تكون إمكانية علاجه وشفائه مئة في المئة. لذلك ننصح كل امرأة ان تقوم بفحص ثدييها شعاعياً مرة في السنة بعد سن الاربعين، وخصوصاً النساء اللواتي سبق وجود حالات لسرطان الثدي داخل محيط أسرهن، وذلك لان تصوير الثدي شعاعياً يكشف وجود الاورام قبل ستة اشهر من ظهورها داخل الثدي بشكل يسمح بكشفها عن طريق اللمس. سرطان عنق الرحم: يمكن تشخيص هذا المرض في مرحلة مبكرة عند النساء من خلال قيامهن بفحص مسحة من عنق الرحم وننصح النساء بإجراء هذا الفحص مرة في العام بعد بلوغهن سن الثلاثين. الامراض البارزة والشائعة عند الرجال وكيفية تشخيصها وكشفها باكراً - سرطان الرئة: يمكن منع هذا النوع من السرطان في 80 في المئة من الحالات، وذلك بالامتناع عن التدخين. واود ان اعود بالذاكرة هنا الى الكلام الذي قلته في بيروت عن مخاطر التدخين منذ عشرين سنة عندما كنت رئيساً للجمعية اللبنانية لمكافحة السرطان، وكان الاطباء يهزأون من كلامي في ذلك الوقت لاعتقادهم ان التدخين ضرره محدود جداً. اما الآن فإن الجميع يتحدث عن الاخطار المميتة للتدخين بعدما اكتشفوا انه ألد عدو للانسان. فالتدخين يقتل سنوياً اكثر من جميع الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية. ومن المؤسف جداً ان الحكومات ما زالت تسمح بالاعلان عن هذا العدو المميت وتشجع بيعه وكأنه سلعة عادية في القرن العشرين ونحن نعلم يقيناً وبالادلة العلمية الدامغة انه اكبر عدو للانسان. وحري بمنظمة الاممالمتحدة التي تتحدث عن حقوق الانسان ان تتحدث ايضاً عن حق الانسان الاول وهو الصحة، الذي يبدو انها لا تعرف عنه شيئاً. وكذلك الامر بالنسبة للدول المتقدمة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا التي تسمح ببيع مواد مميتة كالسجائر وكأنها تفاح او بندورة. سرطان البروستات: إن الاعتماد على فحص البروستات عن طريق ادخال الاصبع في المستقيم "Rectal Exam" لا يكشف هذا النوع من الامراض الا في مراحل متأخرة تسمح بلمسه. اما الآن فقد اصبح لدينا فحص جديد يعتمد على مؤشر سرطاني يدعى PSA "Prostate Specific Antigen"، وهو قادر على كشف سرطان البروستات في مراحله الاولى، مما يساعد على علاجه. ان كل رجل يزيد عمره عن 45 سنة مدعو للقيام بفحص "PSA" مرة كل سنة لان ارتفاع مستوى هذه المادة يساعد على اكتشاف وجود السرطان في البروستات في مرحلة مبكرة قبل ظهوره في الاشعة السينية وقبل التمكن من لمسه بفحص الاصبع. سرطان القولون: من اهم الامراض التي تصيب الرجال. يمكن اكتشافه في مرحلة مبكرة بواسطة تنظير القولون "Colnoscopy". لذا يتوجب على كل رجل يزيد عمره على 45 سنة ان يقوم بهذا الفحص مرة في السنة. وفي الماضي كنا نعتمد على فحص وجود الدم في براز المريض، الا ان هذا الفحص لم يعد هاماً وموثوقاً نظراً لتضارب النتائج بسبب ظهور الدم في البراز نتيجة لاسباب اخرى كالاصابة بالبواسير او قرح المعدة. سرطان الجلد: من الامراض الخطيرة التي تهدد العالم الحديث، خاصة بعد ظهور ثقب في طبقة الاوزون الواقية من اشعة الشمس فوق البنفسجية. ولقد ازدادت حالات الاصابة بهذا المرض في جنوبالولاياتالمتحدة وفي بعض دول الشرق الاوسط. لذا فإن الخطر الذي كنا نحذر منه سابقاً حول التعرض لاشعة الشمس لفترات طويلة، ازداد خلال العشر سنوات الماضية بمعدل يفوق المعدل السابق بمئة مرة. وهناك دلائل جغرافية وعلمية تؤكد ذلك، حيث ازدادت الاصابات بهذا المرض في المناطق الواقعة تحت ثقب الاوزون بمئة مرة عما كانت عليه في الماضي. سرطان الكبد Hepatoma: نظراً لان قسماً كبيراً من الأورام السرطانية التي تصيب الكبد يعود سببها الاساسي الى الاصابة بالتهاب الكبد "Hepatitis"، فإن التلقيح ضد هذا المرض داخل المدارس سيساعد على هبوط نسبة الاصابة بهذه الاورام السرطانية الى ما بين 50 و60 في المئة. وعلى وزارات الصحة في مختلف الدول ان تباشر بشراء اللقاح المضاد لالتهاب الكبد لتطعيم الاطفال في سن مبكرة وتحصينهم ضد سرطان الكبد. فالدول التي تحترم الانسان لا بد وان تحترم صحته. خاصة وان اهم حق عند الانسان هو حقه في الحصول على رعاية صحية جيدة، وحقه في ان تؤمن له الدولة سياسة صحية واضحة للوقاية من الامراض وتشخيص الامراض في مرحلة مبكرة ومن ثم تأمين العلاج المناسب. لقاح ضد السرطان هل هناك أمل بإيجاد لقاح فعّال ضد أمراض السرطان؟ - كلا. لان امراض السرطان هي أمراض مختلفة جداً عن بعضها. كما ان هذا الامر يتنافى علمياً مع الواقع. لذلك فإن الكلام عن وجود علاج واحد يصلح لكافة امراض السرطان هو خرافة لا يمكن ان تتحقق. ما هو رأيكم بالوسائل التقليدية لعلاج امراض السرطان، كالجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج بالاشعاع؟ - الجراحة وصلت الى طريق مسدود في مدى فاعليتها لعلاج امراض السرطان. اذ انها لا تشفي اكثر من 5 الى 8 في المئة من المرضى، ولانها غالباً تُجرى بعد انتشار المرض وتفشيه في الجسم او استفحاله. المعالجة بالاشعاع وسيلة محدودة وثانوية وتؤدي الى مضاعفات جانبية على رغم انها تساعد في علاج بعض الحالات بصورة فعالة الا انها تقضي على الخلايا السرطانية والخلايا الطبيعية ايضاً. أما العلاج الكيميائي فما زال اهم وسيلة متوفرة لعلاج امراض السرطان. ولقد حدث تطور كبير في تركيب الادوية المستخدمة في هذا النوع من العلاج. اذ انه عند دخولي هذا الحقل عام 1968 كان اقل من 2 في المئة من الامراض السرطانية يشفى بالعلاج الكيميائي. وعند عودتي الى الجامعة الاميركية في بيروت لاتكلم عن السرطان عام 1971 اعتبر البعض كلامي ضرباً من الجنون لان السرطان في نظرهم لا علاج له. واليوم وقد دخلنا عام 1993 أصبح بمقدورنا شفاء 45 في المئة من جميع الحالات بواسطة العلاج الكيميائي. اي اننا قطعنا خلال 20 سنة نصف المسافة بين انعدام الشفاء او حالة الصفر، وتكامل الشفاء مئة في المئة. لذلك نأمل ان نتمكن خلال العشرين سنة المقبلة من تحقيق هدفنا بالكامل وان نوفر للمرضى الشفاء مئة في المئة. ومن الامثلة التي تدل على هذا التطور في العلاج الكيميائي دواء "2 CDA" الذي يقضي على لوكيميا الخلايا الشعرية بنسبة مئة في المئة ويؤمن الشفاء الكامل في 90 في المئة من الحالات. أهمية بعض المواد الغذائية يقال ان بعض المواد الغذائية المضادة للتأكسد مثل فيتامينات A وC وE ومعدن السيلينيوم تحمي من امراض السرطان. هل هذا صحيح؟ - المواد الغذائية المضادة لعمليات التأكسد الضارة في الجسم، ما زالت في مراحل الاختبار الأولى. وليس هناك أدلة ملموسة حتى الآن على ان فيتامينات A وC وE ومعدن السيلينيوم تمنع حدوث السرطان. وعلى رغم ان بعض العلماء استخدم حامض الراتينيك لمنع الاصابة بسرطان الرئة والرأس والرقبة، وظهور دلائل مشجعة على امكانية منع هذه الامراض، الا ان هذه التجارب ما زالت فى حاجة الى مزيد من التدقيق والاختبار. كما ان نجاح البروفسور بولينغ باستخدام فيتامين "C" لمقاومة السرطان عند الحيوانات لم يتم اثبات نجاحه على الانسان. مستقبل المعالجة كيف ترون مستقبل علاج أمراض السرطان؟ وما هو تعليقكم على المعالجة الوراثية والعلاج المناعي؟ - من المؤكد ان علاج السرطان سيتحسن مع مرور الزمن بصورة تدريجية وليس بصورة راديكالية. وسيتطور العلاج الكيميائي بشكل جذري يفجر ثورة في معرفتنا عن هذه الامراض. كما انه سيؤدي الى ظهور أدوية فعّالة عظيمة الفائدة وقليلة الضرر. الا ان الامل سيظل مربوطاً بالعلاج الكيميائي والعلاج المناعي بصفة فردية او بصفة مجتمعة. وسوف يتم القضاء على امراض السرطان بواسطة هذه الوسائل العلاجية في المستقبل. اما المعالجة الوراثية فهي ما زالت في بداية رحلة طويلة تحتاج الى المزيد من التجارب والابحاث. وهي على الرغم من اهميتها العظيمة من الناحية العلمية، فهي ما زالت بعيدة عن الممارسة التطبيقية. من جهة اخرى بدأت المعالجة المناعية في اثبات وجودها وجدواها خاصة عندما يتم ربطها مع العلاج الدوائي. وتعتمد هذه المعالجة على استخدام مناعة الجسم لمحاربة الخلايا السرطانية والقضاء عليها، وذلك بحقن الجسم بجرعات ضخمة من عوامل بيولوجية موجودة في الجسم اصلاً. ولقد نجح البروفسور ستيف روزنبرغ، من معهد السرطان الوطني في الولاياتالمتحدة، بتطبيق هذا الاسلوب العلاجي ضد سرطان الجلد "MELANOMA" وسرطان الكلى. الا انه ما زال في بداية المشوار. ما هي العوامل التي تقرر نسبة الشفاء من امراض السرطان؟ - العوامل التي تقرر نسبة الشفاء هي نوع المرض ومدى انتشاره ونوعية العلاج المستخدم. ان نوعية العلاج تختلف كثيراً من مكان الى آخر في العالم، وهذه مشكلة اساسية لأن العلاج غالباً ما يكون معقداً ويحتاج الى فريق عمل من الاطباء والاخصائيين القادرين على فهم العلاج الكيميائي والعلاج المناعي بعمق وحنكة. وهذا، للأسف، أمر غير متوفر في معظم انحاء العالم. مما يؤدي الى وفاة الكثيرين لعدم تلقيهم العلاج الجيد. من هنا يأتي دور الحكومات والدول في الحرص على بناء مراكز متكاملة للسرطان تتوافر فيها الخبرة والكفاءة العلمية والتقنية. فلو عولجت حالات السرطان الخصوي عند الرجال بالطرق الحديثة لتمكنا من شفاء 90 في المئة منها. الا ان نسبة شفائه عالمياً، في الوقت الحاضر، لا تصل الى 20 في المئة. ويعود السبب في ذلك الى عدم مقدرة المرضى الوصول الى المراكز المتخصصة والمتفوقة في هذا المجال. ما هي أهم الاعمال التي أنجزتها وتعتز بها خلال حياتك المهنية في كل من الولاياتالمتحدة الاميركية ومنطقة الشرق الاوسط؟ - هناك ثلاثة انجازات كبيرة اعتز وأفتخر بها. أولاً، خلق مناخ جديد في منطقة الشرق الاوسط يتحدث عن امكانية علاج السرطان. ثانياً، تدريب 18 طالباً من الجامعة الاميركية في بيروت موجودين حالياً في اهم مركز لعلاج امراض السرطان في العالم وهو مركز "أم.دي.أندرسون". ولقد وصل عدد كبير منهم الى مرتبة استاذ. ثالثاً، اقدس ما عندي هو انني أعطيت املاً جديداً لعدد كبير من المرضى. وهؤلاء هم الوقود الذي يدفعني الى متابعة المسيرة على درب مكافحة هذا المرض الخطير. ان شفاء مريض واحد بالنسبة لي هو مكافأة لا يمكن قياسها بالمعايير العادية. البروفسور فيليب سالم في سطور - ولد في 13 تموز يوليو 1941 في بلدة بطرام الواقعة في منطقة الكورة في لبنان. - تخرج من الجامعة الاميركية في بيروت عام 1965. - تخصص في الأمراض الباطنية بين عامي 1965 و1968. - تخصص في السرطان في مركز مموريال سلون كاتارنغ للسرطان في نيويورك ومركز أم. دي. اندرسون للسرطان في هيوستن تكساس في الولاياتالمتحدة الاميركية بين عامي 1968 و1971. - عاد الى الجامعة الأميركية في بيروت عام 1971 كأستاذ في علم السرطان. - عيّن رئيساً لقسم السرطان في الجامعة الاميركية في بيروت بين عامي 1971 و1986. - انتخب رئيساً للجمعية اللبنانية لمكافحة السرطان من سنة 1971 حتى العام 1986. - التحق بمركز أم. دي. اندرسون للسرطان كأستاذ عام 1986 ثم تمت ترقيته الى بروفسور عام 1987. - عيّن رئيساً لبرنامج الابحاث السرطانية في ذات المركز عام 1991.