عندما عرض والتر أوين بنتلي، عام 1919 في معرض لندن، سيارة "بنتلي"، كانت "رولزرويس" تتأنق بسيارتها وتتباهى بأنها الأعراق والأكثر محافظة في تصاميمها على الروح البريطانية، التي سار عليها كل من تشارلز رولز وهنري رويس منذ اندماجهما في شركة واحدة عام 1906. يدور الزمن دورته. تكبر "رولز رويس". تشتري عام 1931 اسم "بنتلي". تضعه على سيارات من انتاجها لم تختلف في التصميم والشكل الحسن عن سيارتها التقليدية الفخمة. ويحدث أن ينتقل بيتر وارد 37 عاماً من "جاغوار" الى "رولز رويس". يصبح مديراً للتسويق والمبيعات فيها. فبدأ بتغيير النهج التقليدي الذي سارت عليه الشركة البريطانية العريقة، وطبعها بطابعه. عمد بيتر وارد الى اطلاق اسم "بنتلي" على سيارة تتمتع بجميع مواصفات وأداء السيارات الرياضية لكنه حافظ على اناقة الشكل، ولم يمس الفخامة التي عرفت بها سيارات "بنتلي"، وفي روعه استقطاب شريحة عريضة من شباب الطبقة الأستقراطية، الذين يريدون الفخامة لسياراتهم والأداء السريع المتميز في آن معاً. ثبات في "بنتلي مولساين توربو" على الطرقات، وتقنيتها المتفوقة، وتجهيزاتها الالكترونية، وعجلاتها الكبيرة قياس 16 انشاً، وتسارع الانطلاق... كلها عوامل أهلتها لتحقيق سرعة قصوى تتجاوز، 150 ميلاً في الساعة، فغدت لا منافس لها على الطرقات. وراجت "بنتلي مولساين توربو"، اصبحت مبيعاتها تشكل 60 في المئة من اجمالي مبيعات "رولز رويس"، بعدما كانت "بنتلي" الكلاسيكية لا تتجاوز 3 في المئة. تاريخ عريق في معرض باريس الدولي للسيارات، وقف جورج كيليس، احد مدراء "رولز رويس" البارزين، في الحضور منوهاً بتاريخ "بنتلي" العريق على حلبات السباق، وفوزها مرات خمس في "سباق لومان 14 ساعة". ثم قدم نتاج "بنتلي" الجديد: "بنتلي كونتيننتال آر "R"، وهي طراز متقدم ل "بنتلي مولسيان توربو".فبعد نصف قرن على تفوق "بنتلي" على نفسها وعلى غيرها في الاختبارات الصعبة في ميادين السباقات، جاء طراز "كونتيننتال آر"، بشكل رياضي "كوبية"، ليكمل تفوق التقنية البريطانية على منافسيها الاوروبيين، مع المحافظة المستمرة على الرونق والفخامة والرفاهية، التي يعززها ناقل السرعة الاوتوماتيكي الحديث، واستعمال خشب الجوز اللماع داخل المقصورة، وفرشها المصنوع من أفخر انواع الجلد الاسكينافي الذي تستورده شركة "كونولي" المعرفة، الى درجة ان هذا النوع من الجلد اصبح يعرف ب "جلد كونولي". أزمة عارمة في اواسط الثمانينات، والعافية البريطانية في عصر مارغريت ثاتشر، الى زوال، بدأت شركة "رولز رويس" تعاني من نقص حاد في مبيعاتها العالمية، فالزمن لم يعد زمنها والعالم يكتوي بالتضخم والركود الاقتصادي. وأخذت نسبة مؤشر الهبوط في المبيعات ترتفع من سنة الى سنة، حتى اصبحت تشكل مع حدة الركود الاقتصادي الذي يخنق بريطانيا حداً تجاوز الخمسين في المئة وهي نسبة ما عرفتها "رولز رويس" من قبل، حتى في أوج ضائقتها المالية في الأربعينات من هذا القرن. وتنوء "رولز رويس" تحت ثقل الاعباء المادية التي تنفقها شهرياً في مصانعها وفي مخابرها، في وقت يشح المردود ويندر الربح، وأخذت تلوّح بالعجز وتلمّح بأنها قد تبيع لمن يشتري... فبدأت "بي. ام. دبليو" و "مرسيدس" في التنافس على شراء شركة تشارلز رولز وهنري رويس. والخطر يتزايد بأ، تفقد "رولز رويس" جنسيتها وهويتها ومركزها المرموق الذيحافظت عليه منذ عام 1906. ومثلما حول طراز "بنتلي مولساين توربو" أمل انقاذ "رولز رويس" من الضائقة المادية الى يقين. تنتظر الشركة البريطانية العريقة اليوم، ان يرفعطراز "بنتلي كونتيننتال آر" عنها قبضة الألمان. فهل ستنقذ "بنتلي" "رولز رويس" مرة اخرى؟ في هذا الزمن الأحول لا مكان للمعجزات.