تدخل تجارة وبيع الألعاب النارية أو المفرقعات أو"الطراطيع"التي تتزايد في مواسم الأعياد والزواجات ضمن الأنشطة الممنوعة بسبب خطورتها على مستخدمها والمجتمع المحيط، وباتت حملات الملاحقة والدّهم من قبل السلطات المختصة تستهدفها، تماماً مثل استهداف مروجي المخدرات لخطورة كليهما. ويصف بائع"الطراطيع"إسماعيل عبدالقادر، وهو من وسط حارة البلد في جدة، ملاحقة الجهات الأمنية لهم بأنهم باتوا مطاردين كمروجي المخدرات. ورصدت"الحياة"أول من أمس خلال جولة ميدانية تحركات بائع"الطرطيع"إسماعيل عبدالقادر، إذ لم تكن تحركاته عشوائية بل كانت بخطوات منسقة خلال دخوله وخروجه من بين دهاليز حي البلد، فالبيع يتم بإشارات وتخصيص فرق للمراقبة وأخرى لطوارئ تهريب البضاعة عند الدهم الأمني. ويقول موزع الألعاب النارية يوسف المولد"خصصنا شباناً للمراقبة وآخرين لتوصيل البضاعة إلى الزبائن، وهناك من يقوم بجلب الزبائن، وهم من يقفون على الأرصفة في مواقع متفق عليها، ونتحاشى أن نبيع لمن يرتدون"الثوب السعودي"خشية أن يكون من المبلغين ومن يرصدون الكمين، كون ذلك يكلفنا مصادرة بضاعتنا التي تفوق 800 ألف ريال في أسوأ الأحوال، وقال"نستخدم في التواصل الوسائط الإلكترونية مثل الواتس أب والرسائل النصية، خشية أن تكون المحادثات الهاتفية مراقبة وللجدران آذان تتنصت". وارتبطت المفرقعات النارية بفرح الصغار في الأعياد والمناسبات السعيدة، تدخل في نفوسهم البهجة وتسر الكبار بالفرحة والسرور، وتزرع في القلب معالم ذكريات يستعيد بها الصغار ذكرياتهم، إلا أن وسيلة فرحتهم يتم تداولها في الخفاء خوفًا من السلطات، فكيف يرى الشباب هذا الوضع!. عدد من الشبان في مراحل عمرية مختلفة طالبوا بأن يسمح لهم ببيع المفرقات النارية علناً بدلاً من أجواء الريبة والمطاردة التي تضعهم في مستوى واحد مع مروجي المخدرات. ويشير بائع"الطراطيع"في منطقة الباحة عبدالله الزهراني إلى أنهم يبيعون البهجة وليس المخدرات، وهذا ما يجب ان تفهمه السلطات المختصة، وأنهم يعملون في تجارة كغيرها من الأعمال بغية تحريك أموالهم نحو الكسب ورسم الفرحة والبهجة على وجوه المحتفلين بها. ويضيف"كل عام نحصل على الكميات اللازمة لبيعها بواسطة المعتمدين رسمياً لمصلحة المنطقة في المناسبات الرسمية، ولكن من حين إلى آخر نجلبها من مدينة جدة إذ هناك منطقة مخصصة لبيعها، وغالباً ما نتعرض إلى مصادرتها وكأن اموالنا تؤسر ونخسر رأس المال، إذ لا يقل رأس المال الموزع عن 50 ألف ريال وهناك من يتاجر بمبالغ تفوق المليون ريال". ويواصل الزهراني بقوله"هنا في الباحة أسماء معينة توردها وتنشرها بأيدي موزعين يأخذونها بأسعار تفوق سعر شراء الجملة، لا سيما وأننا نؤمّن الكميات قبل موسم العيد بشهرين إلى ثلاثة أشهر، ونقوم بتخزينها بطرق وأساليب تضمن عدم فسادها أو أن تلحق بها الرطوبة، وذلك بتعليبها في كراتين وتغلف ونقوم بتخزينها في غرف مكيفة ولا نافذة لها". وحول طريقة وصولها من جدة إلى الباحة أشار إلى أنهم يرحلونها في سيارات العائلات المسافرة، ولكن الأمر لا يخلو من خطورة، فتم التحول إلى طريقة إرسالها عبر شركات الشحن في"كراتين"مغلقة يلصق عليها علامة"قابل للكسر"وكأنها أدوات منزلية كما يفعل المحترفون لجلبها هنا في الباحة. عدد من الشبان الذين استطلعت "الحياة"آرائهم حول تجارة المفرقعات النارية اتفقوا على ضرورة إباحة الأنواع غير الضارة من المفرقعات، إذ يقول ثامر الغامدي"لا أرى أن هناك سبباً في أن تطفئ قرارات المنع فرحة إشعال المفرقات التي ليست أكثر خطراً من شراء عبوة بنزين إن كان الأمر يتعلق بالاحترازات الأمنية"، بينما نفى الشاب سعيد البيضاني أن تكون المفرقعات التي يستخدمها الأفراد تشكل خطورة بالغة حتى تتم مصادرتها وملاحقتها، وأضاف"نحن لا نشتريها من أجل أن نلحق الضرر بأحد، لكنا نشتريها بغية رسم ملامح احتفال وبهجة، ولعل الجهات الأمنية بدلاً من أن تصادرها أن تبادر بتخصيص أماكن عامة للاحتفال بها". ويرى معيض العُمري أن من الأجدى بدلاً من ملاحقة الباعة ووجود الشكل البوليسي من المطاردات مع الجهات المختصة، أن تقوم جهات الاختصاص بتأمين مقر للبيع وبإشراف مباشر منها، وفي حال ضبط إحدى بسطات الباعة يروج مفرقعات مخالفة، تتم مصادرتها ومنع مروجها من البيع، أو بيع بضاعته في مزاد علني يضمن له رأسماله على الأقل بدلاً من تكبده الخسارة. حالة الحصار الأمني المفروضة على الباعة، جعلتهم يتحولون إلى بيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرض الأشكال وأسعارها، وتجري التعاملات مع المشترين بطريقة حديثة لتحويل المبلغ عبر الحساب المصرفي، وتوصيل"الطلبية"إلى موقع المشتري أو التواعد في نقطة يحددها الطرفان. لجنة أمنية مشتركة للتوعية بأخطارها كشف نائب المتحدث الرسمي للمديرية العامة للدفاع المدني في الباحة المقدم عبدالله الظبية عن وجود لجنة مشتركة مع الشرطة لملاحقة باعة المفرقعات وقال"نشترك مع فرق الشرطة في لجان لملاحقة الباعة وضبط ما بحوزتهم وتسليمها في محاضر إلى الشرطة، كما تشترك جهات أمنية وتوعوية أخرى عدة في لجان ملاحقة وضبط باعة المفرقعات النارية، كونها تشكل خطراً عند الاستخدام أو تأثيرها ما بعد الاستخدام من خلق الدخان وانتشار شرارها الذي ريما يتناثر على المساحات الفارغة الجبلية التي تعتبر قابلة للاشتعال وتحقق كوارث لاسمح الله". في حين أكد المتحدث الرسمي لشرطة الباحة المقدم سعد طراد ذلك بقوله"نحن في جهاز الشرطة بالاشتراك مع جهات أخرى نقوم بالضبط ومصادرة المفرقعات النارية وإتلافها دون أدنى تهاون، كونها تشكل خطراً على الأطفال الذين يستخدمونها دون وعي أو إدراك وكثيراً ما تحول الأفراح إلى أتراح، ونهيب بالإخوة المواطنين أن يلتمسوا الحس الوطني والاجتماعي قبل استهداف الربح المادي فأبناؤنا أمانة".