في ليلة مقمرة في آخر أيام الشتاء خرجت أتمشى مع صديقتي الإماراتية على أحد شواطئ دبي الهادئة. أبديت انبهاري بروعة ونظافة الشاطئ على رغم أنه يقع وسط حي سكني. ترجتني صديقتي مازحة ألا أكتب عن الشاطئ في حسابي في"تويتر"حتى لا يعرفه السياح السعوديون، لا أعرف كيف أعبر عن مشاعري لحظتها، فهي خليط من الإحراج أن سمعتنا كسياح أساءت لها تصرفات فردية من البعض فلاحقت البقية، وخليط من الشعور بالتعاطف مع وضعنا، إذ يأتي الصيف كل عام بلا أماكن ترفيه أو فعاليات ترقى لما نأمل ليشد غالبية السعوديين الرحال خارج أرض الوطن. من الطريف أن تعرف عزيزي القارئ أن التوقعات لما سينفقه السعوديون هذا الصيف فقط تفوق 69 بليون ريال سعودي، وذلك بحسب تصريح رئيس منظمة السياحة العربية الدكتور بندر الفهيد، والمنشور في موقع العربية نت بتاريخ 27 أيار مايو 2013، بهذا الرقم نستطيع مساعدة الحكومة في بناء 831 ألف بيت لعوائل سعودية تؤجر مسكنها. السائح السعودي بشهادة الاقتصاديين ينفق ضعف ما ينفقه السائح الأوروبي، وهو سائح يبحث غالباً عما يجده بقية سكان العالم بديهياً ويعيشونه في حياتهم بشكل طبيعي كل يوم. خذ السينما مثلاً، بينما يتمتع بقية سكان الكرة الأرضية من دول العالم الثالث، حتى دول العالم المتقدم، بالتمتع بقضاء أمسية عائلية بمشاهدة فيلم في السينما، يتم حرمان الشعب السعودي بالكامل من ممارسة الشيء نفسه على أرضه، وذلك على رغم وجود أكثر من 071 سينما في السعودية، موجودة طبعاً داخل المجمعات السكنية لجمهورها من غير السعوديين ويُمنع السعوديون من دخولها... تناقض ووصاية على شعب كامل تحت كل الأسماء إلا احترام خياراته. عندما أسأل صديقاتي السعوديات عن الأماكن التي يردن مشاهدتها في دبي، تصدمني الإجابة"سينما، مول دبي، مطعم". فهمنا السينما لكن لماذا مركز تجاري ومطعم كونهما موجودين عندنا، هل لأننا لا نعرف من الترفيه في السعودية إلا"المولات"والمطاعم؟ جاءتني الإجابة سريعة"أتسوق في الخارج من دون التعرض لمضايقات المعاكسين، والأمر الثاني حتى مع تأنيث المحال من الصعب شراء الملابس من دون وجود مكان لقياسها وتجربتها"، وهو ما تفتقده محال المستلزمات النسائية حتى اليوم، أما عن المطاعم فالإجابة كانت"المطاعم في الخارج كل واحد في حاله، لا تشعرين كل من حولك يراقب تصرفاتك ويعد لقماتك". على الجانب الآخر عندما زارتني صديقتي الأميركية كان أول ما سألت عنه"متحف دبي"، نعم متحف وليس مول دبي، كم كنت محرجة لأنني لم أزر المتحف في دبي ولا مرة مع أنها أكثر مدينة زرتها في حياتي وأعيش فيها ما يقارب العام. هناك نكتة لاذعة ومؤلمة تعبر عن واقع الحال ويرددها السعوديون وقت الإجازة:"أجمل ما في مدينتي المطار الذي أغادر منه"، الشعب المغلوب على أمره يشد هذه الأيام الرحال ويبحث عن سينما ليشاهد ما يباع في محال"ميغا ستور"من أفلام، يبحث عن مركز تجاري يتبضع منه من دون أن تتعرض نساؤه لملاحقات لا يعاقب عليها القانون، ومطعم يأكل فيه من دون أن"يقط"كل من حوله أذنه معه في أحاديثه الخاصة. بينما يسافر العالم في إجازة الصيف ليكتشف مدناً جديدة، ويتعلم عن حضارات قرأوا عنها في الكتب، ويزور المتاحف والمسارح والمعارض ليتمتع بالفنون الجميلة وتاريخ تلك المدن، يسافر السعودي للمكان نفسه كل عام ليعوض الحياة الطبيعية التي يفتقدها في وطنه. [email protected]