بيّنت الورقة أنه على رغم نجاح القطاع الخاص الخليجي في زيادة حجم الاستثمارات الخليجية البينية وزيادة حدود التعاملات التجارية الخليجية البينية أيضاً، إلا أنه لم ينجح في زيادة معدلات تدويل العمالة الخليجية البينية بالقطاع الخاص، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى معاناة القطاع الخاص الخليجي من المشكلات ذاتها التي تعاني منها العمالة الخليجية بدول المجلس منفردة، سواء من حيث الخبرات أم المهارات أم عدم استقرار العمالة الخليجية، فضلاً عن أن العامل الخليجي عند سعيه للعمل بالقطاع الخاص بدول خليجية أخرى سيطالب بحقوقه المالية من رواتب وبدلات مثله مثل العامل الأجنبي، إذ يطالب ببدلات سكن وانتقال وسفر، لأنه سيعامل معاملة الأجنبي في هذه البدلات، في حين أنه سيعامل معاملة المواطن في الحقول الأخرى، وبالتالي فإن نظرة منشآت القطاع الخاص الخليجية تضع العامل الخليجي من دول المجلس الأخرى في مرتبة متأخرة المرتبة الثالثة بعد المواطن والوافد الأجنبي، موضحة أن هذه المعضلة الأخيرة تحتاج إلى حل وإيضاح بحيث يكتسب العامل الخليجي ميزة تفضيلية لدى منشآت القطاع الخاص الخليجية. مبينة أن عدد العمالة الأجنبية بالقطاع الخاص الخليجي تبلغ نحو 8.9 مليون عامل، وتصل نسبة العمالة الأجنبية فيها إلى نحو 80 في المئة. مؤكدة أن القطاع الخاص الخليجي لم يقم بدور فاعل في دعم سوق العمل الخليجية، ويرجع ذلك إلى سريان الاختلالات القُطرية ذاتها الموجودة بكل دولة، فضلاً عن اختلالات أخرى وهي المشار إليها في الفقرة عاليه. وحصرت الدراسة مظاهر الخلل في أسواق العمل الخليجية في وجود مخاوف حقيقية تنتاب دول الخليج على الصعيد الاقتصادي من تضاؤل قدرتها على توفير فرص العمل لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي الست، خصوصاً في ضوء التزايد الآني لعدد السكان دون سن 20 عاماً، إذ تشير التوقعات إلى أنهم يمثلون نحو نصف رعايا دول مجلس التعاون، ما يعني استمرار تدفق أعداد كبيرة من الخريجين إلى سوق العمل طمعاً في الحصول على وظائف تتناسب وتطلعاتهم. إضافة إلى أن أكثر من 80 في المئة من المواطنين في عدد من دول المجلس يعملون في القطاع الحكومي، الذي ليس بمقدوره الاستمرار في توفير المستوى ذاته من الوظائف الجديدة بسبب عدد من المستجدات الاقتصادية، بما يشكل تهديداً لإيجاد عدد كافٍ من الوظائف في هذه الدول، بجانب أن فلسفة نجاح القطاع الخاص لا تزال ترتكز على العمالة الوافدة المتوافرة بمختلف التخصصات وبرواتب مغرية لها. ومضت الدراسة إلى أبعد من ذلك في حصر أسباب هذا الخلل في أسواق العمل الخليجية، وقالت إنها تعاني من اختلالات عدة ومتنوعة، وتحتاج إلى علاجات وجهود جماعية، والسعي لإيجاد فرص عمل للمواطن الخليجي، وتحسين فرص قبوله لدى مؤسسات القطاع الخاص، نظراً إلى أن القطاع الحكومي إما تشبّع أو في طريقه للتشبع. موضحة أن الأمل معقود على القطاع الخاص لاستيعاب العمالة المواطنة الحالية والمستقبلية، وأن الجهود ينبغي أن توجد حلولاً ليس للعمالة الحالية فقط، بل التخطيط لاستيعاب الخريجين الذين تتزايد أعدادهم من عام إلى آخر.