هل سمعت يوماً بالنقد البنّاء، أو النقد الإيجابي؟ كلمات تعني باختصار أن تنتقد شيئاً ما لا يعجبك، ولكن من دون أن تهدم أو تحطم الشيء، أو الشخص الذي أمامك... أن تنتقد وتقول رأيك بصراحة ولكن بذكاء حتى توصل رأيك للطرف الآخر مع نصحه حتى يكون أفضل، ولكن بشكل غير مباشر... ولكن أين نحن من كل هذا؟ أخيراً ظهرت الكثير من مقاطع الفيديو القصيرة التى تحمل أفكاراً مختلفة، تعرض في ما يُسمى بالإعلام الجديد ك"يوتيوب"، مثل المقاطع الكوميدية الساخرة المنتشرة حالياً. ولكن هل سبق وقرأت التعليقات التي تحت مقاطع"يوتيوب"؟ هل قرأت التعليقات الموجودة تحت أي فيديو أو أي كليب؟ أو حتى تحت فيديو لمحاضرة شيخ من الشيوخ؟ ستتفاجأ كثيراً عندما ترى الكم هائل من التعليقات القذرة والكلام الجارح، ناهيك عن التنابز بالألقاب وقذف الناس... لماذا؟! هل عندما ننتقد شخصاً ما ننهال عليه بالشتائم، ثم نظن أنفسنا أفضل منه؟ أو عندما يصف شاب مطربة ما بكلمات أقرب إلى القذف، هل يعتقد نفسه حينها أنه أفضل منها؟ هل يعلم مَنْ الأفضل عند الله؟ أو هل يضمن أنها لن تتوب يوماً، وأنه الرجل الصالح الذي سيدخل الجنة بغير حساب؟ هل هذه الألفاظ والكلمات هي ما تعلمناه؟ لماذا أصبحت الانتقادات ليست سوى كم هائل من القاذورات؟ أين نحن من النقد البناء؟ هل سينقص منا شيء لو دعينا لأحدهم بالهداية؟ أو لو عبّرنا عن رأينا باحترام؟ أو ربما يعتقد هؤلاء الأشخاص أنهم يتركون بصمة إلكترونية بالتعبير عن رأيهم المهم للمجتمع؟ لنرَ الأمور من جانب آخر، عندما يقوم مجموعة من الأشخاص بعمل ما ويعرضونه في"يوتيوب"، هل هم أفضل أم الشخص الجالس مكانه متفرجاً؟ إذا كان لك أي اعتراض تفضل، إذاً قم بعمل يثبت لنا وجودك! وليكن شعارك"البناء لا الهدم". أوجه رسالتي هذه إلى جميع أصحاب التعليقات غير اللائقة، وأقول لهم: ألم يئن الأوان لكي نرتقي؟ هل هذا ما أمرنا به الإسلام أن نؤذي الناس بألستنا؟ لعمري إنكم بألفاظكم أصبحتم أسوأ منهم، فقط بالاحترام وبالأخلاق الحسنة تُبنى الأمم. قولوا رأيكم - عزيزي وعزيزتي - لكن قبل ذلك تذكروا أن كلنا عيوب، ولا تكونوا أصحاب عيون عمياء ترى عيوب غيرها من دون عيوبها. واقرأوا دائماً الأبيات المشهورة: فكلك سوءات وللناس ألسن فدعها وقل يا عين للناس أعين ودافع ولكن بالتي هي أحسن. عهد الجرف - طالبة دكتوراة - جامعة كوفنتري