اتفقت آراء مشاركين في نقاشات اليوم الثالث من المعرض والمنتدى الدولي للتعليم الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم في الرياض، على أهمية إعداد القيادات الإدارية لتطوير العملية التعليمية، مع العمل على تغيير السياسات والبرامج لإحداث تغير حقيقي في العملية التعليمية. ودعا بعض الخبراء وزارة التربية والتعليم إلى الاهتمام بالجوانب التطبيقية في التعليم والتقويم المستمر للمعلمين وتطبيق أساليب الجودة للوصول إلى النموذج التعليمي الجيد الذي ينعكس على تطوير قدرات الطلاب. وتحدث أستاذ الدراسات التربوية العليا في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور عبدالرحمن السلمي خلال ورشة عمل بعنوان"بناء معايير الفكر التربوي للمعلم"، عن مشكلة الجوانب التطبيقية في التعليم التي عزاها إلى عدم القناعة بها وهو ما ترجم إلى سلوك الابتعاد عن جانب التطبيق. وأشار إلى إحصاءات منشورة على موقع وزارة التعليم العالي السعودي مفادها أن 1118 رسالة علمية ذات محتوى جيد لم تدخل حيز التطبيق، فضلاً عن قلة عدد هذه الرسائل قياساً إلى المدة الزمنية التي أعدت فيها والتي بلغت ثلاثة أعوام. وشخّص السلمي الواقع التعليمي بقوله:"المعلم يمر بتداخل في بعض المعارف لا يستطيع فرزها"، مستشهداً بالإحصائية التقريبية التي استنتجها من خلال طرحه سؤال"هل هناك فرق بين المعلومة والمعرفة وهل يقوم المعلم بتدريس المعلومة أم المعرفة؟". وانتقد طريقة الانتقال من النظرية السلوكية إلى البنائية بالشكل الحالي، مشدداً على أهمية أن يسبق هذا الانتقال توطئة وتمهيد وتكوين فكرة عن النظرية وما تهدف إليه حتى لا تحدث أخطاء في التطبيق، لافتاً إلى أن شعار الفكر التربوي الجديد هو"إن لم تمكن المعرفة تتجاوزك إلى غيرك، وقيمة المعرفة في استخدامها، ومن لا ينتج المعرفة سيقف عن تلقيها". وقدّم السلمي مجموعة من الاقتراحات التي تساعد في تحسين الوضع التعليمي، أبرزها تكوين منهجية واضحة لدى المعلم لتحويل المعلومات إلى معارف، وترجمة عملية لإنتاج المعرفة ونشرها، وتقديم أنموذج للتعليم مدى الحياة وغرسه في نفوس المتعلمين، وتمكين المتعلمين من الفكر الناقد والفرز المعرفي، والعمل على بناء منهجية فكرية وتطبيقية لتحويل المعرفة إلى مشاريع تسهم في بناء الوطن، وتسهيل وصول المتعلمين إلى المصادر القيمة للمعرفة، والقدرة على إكساب المتعلمين حب البحث والاستطلاع والتشويق للمعرفة فكراً وتطبيقاً. وفي ورشة عمل بعنوان:"التطوير المهني للمعلمين في القرن ال21"أكد الدكتور حسين هيشور من مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام، أن الممارسة داخل المدرسة أساس التنمية المهنية للمعلمين لأن المعلم حجر أساس العملية التعليمية، معتبراً أن المعارف الصريحة والمعارف الضمنية لا يمكن أن تنمي قدرات المعلم، ولذلك لا بد من معيار الجودة للمستقبل الذي يعتمد على التنمية المهنية المستدامة التي تشمل تحسين أداء الطلاب والمعلمين داخل المدرسة. إلى ذلك، أكد خبراء خلال ورشة ترأسها المستشار في مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم مرعي القحطاني، أهمية برنامج إعادة تأهيل المعلمين والمعلمات في رفع كفاءة المعلمين والمعلمات في تخصصاتهم وتطوير قدراتهم التدريسية والقيادية في ضوء مفهوم الكفاءات والمهارات والمتغيرات المعاصرة، وجعل التدريب عملية تفاعلية مستمرة، إضافة إلى تزويد المعلمين والمعلمات بالمهارات والخبرات في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، لتمكينهم من توظيفها في مجالات التدريس، وتنمية السمات الإيجابية في شخصيات المعلمين وتعزيز روح الانتماء والولاء للوطن ولمهنة التدريس. وفي جلسات أخرى خلال المنتدى، أوصى المحاضر في كلية التربية في جامعة ماليزيا البروفيسور سفيان حسين، باتباع أسلوب التقويم المستمر في العملية التعليمية والتربوية لتحقيق النمو المهني في أداء المعلمين والمعلمات. وقال خلال جلسة بعنوان"التنمية المهنية للمعلم":"في رحلة الحياة يجب على الإنسان محاسبة نفسه باستمرار بهدف الاستفادة من الإيجابيات وتجنب السلبيات وهذا المبدأ ينطبق على تنمية قدرات المعلمين، فالعملية التعليمية يجب أن تقوم على أساس التقويم المستمر لأداء العاملين فيها". وشدَّد على ضرورة قيام وزارة التربية والتعليم بتطوير الأنظمة وتقويم المعلمين وتطبيق أساليب الجودة للوصول للنموذج التعليمي الجيد وهو ما سيسهم في تطوير قدرات وأداء المعلمين وإبداعهم، ما ينعكس في النهاية على تطوير قدرات الطلاب.