القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم آل خليفة    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    هنأت الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم بن حمد    استقرار أسعار الذهب في المعاملات الفورية    وادي بيض    الشرط المتحركة.. رؤية للأمن والاستجابة السريعة    شارك نيابة عن ولي العهد في قمة «العشرين».. وزير الخارجية: السعودية تعزز الاستثمار المسؤول والتنمية المستدامة    الصمعاني والدوسري يستعرضان إنجازات المملكة وتطور المنظومة العدلية اليوم    موجز    وزير الدفاع الهولندي: تعليق عمليات مطار أيندهوفن بعد رصد طائرات مسيرة    هزة أرضية بقوة 4.4 درجات تضرب شمالي العراق    مقتل 8 مسلحين في عملية للجيش الباكستاني شمال غربي البلاد    البرهان: شكراً محمد بن سلمان.. شكراً ترمب.. الرياض تفتح أبواب السلام بالسودان    «واتساب» تتيح إنهاء صلاحية الرسائل تلقائياً    روبوت صيني يمشي لمسافة 106 كيلومترات    جوارديولا يتحسر على الخسارة أمام نيوكاسل    ثلاثية «قطة» تقود بيراميدز للفوز على ريفرز يونايتد في دوري أبطال أفريقيا    رين يفسد فرحة بوجبا بالعودة للملاعب ويقسو على موناكو برباعية    في الجولة ال 13 من الدوري الإسباني.. قطبا العاصمة خارج الديار أمام إلتشي وخيتافي    في الجولة ال 12 من الدوري الإنجليزي.. ديربي لندني مرتقب يجمع آرسنال وتوتنهام    في ختام الجولة التاسعة من دوري روشن.. النصر يسعى لعبور الخليج.. والتعاون يصطدم ب «نيوم»    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    إنقاذ مواطن تعطلت واسطته في عرض البحر    "الأصقع".. مشهد نادر في "حَرَّة لونير"    العقيل يحتفل بعقد قران عبدالله    عريس يشارك فرحته مع المحتاجين    الزهراني يزف عبدالله لعش الزوجية    «نور الرياض» يطلق الخيال ويجذب الأسرة    أحمد أمين يصور«النص 2» مطلع ديسمبر    «وسم الثقافي» يكرم الشاعر أبو زيد    الإسكندراني يستعرض تاريخ الأغنية السعودية    ملصقات العقوبات في مرافق الصحة.. مخالفة    السجائر الإلكترونية تحتوي على جراثيم خطرة    23% نمو القروض الاستثمارية للثروة الحيوانية    11 مليون عقد عمل موثق عبر منصة قوى    الأحمدي يكتب..جماهير الوحدة تُعيد ماضيها!    سر زلازل سانتوريني يكشف أخيرا    وزير «الشؤون الإسلامية» يؤكّد أهمية العناية بالشباب وتحصين فكرهم    الرياض وواشنطن مرحلة جديدة بعنوان الشراكة الإستراتيجية    للفترة الثانية .. "الرياضة" تعلن نطاق شهادة الكفاءة لأندية "روشن"و"يلو" لموسم 2025-2026    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة عمان بمناسبة اليوم الوطني    السعودية تسهم في إدراج 16 عنصراً تراثياً لليونسكو    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخرج ينقذ ستينيًّا عانى من مضاعفات "غرغرينا" نادرة    الرياض واشنطن عنوان العالم    السرقة تحت غطاء المقدس    سعودة المسلسلات الأجنبية.. خطر ناعم يخترق الأسر السعودية    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    طبيب أردني: "الذكاء الاصطناعي" قد يحل أزمة نقص الكوادر في العلاج الإشعاعي    كتاب التوحد في الوطن العربي.. قراءة علمية للواقع ورؤية للمستقبل    أمانة الطائف تطلق مبادرة (شاعر الأمانة) تشجيعًا للمواهب الإبداعية في بيئة العمل    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    نائب أمير الرياض يرعى احتفال السفارة العمانية بيومها الوطني    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طالب بتأسيس نظري متماسك للنهضة الإسلامية المنشودة . المبارك يلقي الضوء على محاولات "نهضوية" داخل التيارات الإسلامية
نشر في الحياة يوم 30 - 04 - 2010

أعطى الباحث الفكري طارق المبارك نبذة عن مشاريع النهضة الحالية وإشكالاتها، إلا أنه أراد أن يضع الوعي بالنهضة ضمن سياقه التاريخي والعالمي، فتطرق إلى تاريخ الوعي بالتخلف والنهضة في العالم العربي.
وقال في ورقته البحثية التي قدمها ل"ملتقى النهضة الشبابي الأول"في البحرين بعنوان"مشروع النهضة بين النظرية والتطبيق":"مرّ التاريخ المتأخر للعرب في الوعي بالنهضة وضروراتها، بثلاث مراحل أساسية: أولاً المشروع الإصلاحي الإسلامي في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وتمخض عن صدمة المفكرين الإسلاميين بالفارق الحضاري مع الغرب عند الاحتكاك به حملة نابليون، بعثات محمد علي،..."، مشيراً إلى أن هذا المشروع كان مهموماً بإعادة اكتشاف تقدم الغرب في التراث الإسلامي، ثانياً حركات إسلامية ولدت ضمن أحداث عالمية مسّت العالم الإسلامي، كالاحتلال الغربي لأراضي الإسلام، وتوزيع النفوذ في تركة الخلافة العثمانية، بما أعاد التفكير داخل التيارات الإسلامية في النموذج الغربي، وهنا بدأ الربط بين التبشير والاحتلال والاستشراق، وأسهم في هذا الانكفاء على الذات ما شاهده العالم من فظائع الحربين العالميتين، ثم الانفلات الأخلاقي في العالم الغربي في الستينات والسبعينات، ثالثاً جيل من المفكرين والناشطين الإسلاميين بدأ يتلمس الفوارق بين المبادئ الكونية التي أسهمت في النهضة والحداثة الغربية وخصوصيات التجربة الغربية.
وأشار المبارك إلى أنه ضمن هذا التحول جرت محاولات نهضوية نقدية داخل التيارات الإسلامية، لتجاوز هذا التأزم في العلاقة مع الحداثة الغربية مثل الإسلاميين التقدميين، تجربة مشروع، ثم مجلة المسلم المعاصر، حزب العدالة والتنمية، منظمة أبيم الماليزية، تجربة النقابات لإسلاميي إندونيسيا، جيل جديد من الشباب الإسلامي.
وتساءل في أي عالم نعمل؟ وأجاب:"يعمل المسلم المعاصر لمصلحة النهضة الإسلامية في ظل متغيّرات عدة مهمة هي أن الإسلام أصبح ديناً متعولماً، وبدأ يقل بمرور الزمن ارتباطه المباشر بمركزه الجغرافي، إضافة إلى أن الارتفاع المستمر في الشعور بالهوية الجماعية للمسلمين في العالم بليون و300 مليون مسلم، كانت بعض الأحداث التي تمس الإسلام مؤشراً على هذا الاتجاه، كما أن العولمة أصبحت تتزايد تأثيراً في مختلف مناحي الحياة، وغيّرت قواعد اللعبة في الصراعات الدولية، والتأثير المتبادل للأفكار والقيم.
وحول الرؤية والنموذج في مشروع النهضة الإسلامي، قال:"لا بد أن نعترف بوجود ضبابية في مفهوم النهضة لدى قطاع واسع من العاملين في هذه المشاريع التي تنتمي شعورياً إلى مشروع النهضة، وفي كثير من الحالات تقود هذه الضبابية إلى حالة من التماهي مع واقع الحداثة الغربي، يساعد في ذلك أن تكون أولوية الناشط النهضوي هي نقد أفكار التخلف والجمود التي تحيط به، وحاجته ضمن هذا الصراع الفكري إلى مشروع ناجز يستند إليه، وليس هناك سوى واقع الحداثة الغربي ومشاريع التنمية الآسيوية التي وإن نجحت اقتصادياً إلا أنها لا تعطي رؤية متكاملة للمفكر والناشط المتطلع لنهضة مماثلة".
وشدد المبارك على ضرورة تأسيس نظري متماسك للنهضة الإسلامية المنشودة، وذلك لاعتبارات عدة، منها: أولاً حتى لا يحصل ارتداد وانكفاء آخر عند اكتشاف تشوّهات واقع الحداثة الغربي، التي لا يوجد بديل نظري لها قائم كما حصل في مشروع الإصلاحيين مطلع القرن العشرين، وتنهار صدقية الطرح النهضوي عند أي حدث يتناقض فيه الغرب مع قيمه التي يدعو إليها. ثانياً حاجة العامل إلى رؤية متماسكة ملهمة، ليواصل العمل في ظل تعقيدات الواقع العربي، إن رؤية من نوع لا سبيل للنهضة إلا بالطريق الغربي، وليس عندنا أحسن مما لديهم لا تقدم أي رسالة كونية تشحذ الهمم لتقديم بديل عالمي لتشوهات العالم المعاصر. ثالثاً التلفيق السائد في أفكار الشباب الإسلامي الساعي للنهضة، وتداخل المنظومات الفكرية لديه.
وأشار إلى واقع الحداثة الغربية، معرفاً إياها بأنها"جملة المنجزات الحضارية للغرب في العلم والسياسة والاقتصاد وغيرها والتي تراكمت خلال القرون الأخيرة هناك تعريفات كثيرة جداً للحداثة، وما اخترته هو تعريف قائم على التحقيب الزمني"، وتطرق إلى واقع الحداثة الغربية، واستشهد بالباحث الموريتاني السيد ولد أباه في تحديده لأهم مرتكزات الحداثة الغربية، وهي رفض وجود عقل كوني كلي، واعتبار أن الفلسفة الغربية مرتبطة بالسياق الذي نشأت فيه واللغة التي تفكر بها، ونقد المقاييس العقلانية الحديثة، ونقد نموذج الدولة المدنية الحديثة، بصفتها دولة شمولية تمارس الرقابة والإقصاء على الأفراد، ونقد المنهج التنموي الغربي، وإبراز مظاهر الغبن والاستغلال التي تلازمه.
ولفت المبارك إلى أنه جرت ولا تزال محاولات لفرض النموذج الغربي بالقوة، باعتباره نموذجاً كونياً، ولتقاطع مصالح غربية ضخمة في فرض هذا النموذج على بقية الفضاءات الحضارية والعنف الفكري هنا أشد ضراوة.
وأكد المبارك أن التجربة الغربية حملت خصوصيتها وخصوصية تاريخها، وكمثال لتجلي الاختلاف الكوني المطلوب: يعالج باحث تونسي وهو احميدة النيفر، كيف نشأت مفاهيم حقوق الإنسان الغربية، ضمن تجربة قامت على استبدال تأليه الخالق بتأليه الإنسان وجعله مركزاً للكون، وهنا تأتي حاجة للإبداع الإسلامي لإنشاء رؤية لحقوق الإنسان تنطلق من خصوصية مفهوم الإسلام عن علاقة الإنسان بالله.
وذكر أن مقولة أسرة إنسانية واحدة تستبطن أحياناً كثيرة إلغاء أحقية التجارب الحضارية المختلفة في الوجود لمصلحة النموذج الغربي المهيمن.
وكما يوضح باحث غربي - مورين -"فإنه إذا كان بإمكاننا الحديث اليوم عن حضارة عالمية متفرعة عن الحضارة الغربية قوامها العلاقة العضوية الكثيفة بين التقنية والصناعة والرأسمالية، إلا أنها حضارة لا ثقافة لها، بمعنى أنها عاجزة عن توليد وعي جماعي حقيقي بالانتماء لإنسانية موحدة".
ونوّه إلى أهمية النقاش حول الطريق الذي يمارس النقد الذاتي للواقع الإسلامي من دون أن يتورط في تكريس النظام الغربي السائد، واستشهد بمقولة طارق رمضان حول العمل الفكري السطحي لأسلمة منتجات الحداثة:"يخلط بعض المفكرين المسلمين بين النقد الذاتي الضروري، وإذعان الفكر لأوامر النظام السائد".
وشدّد على أهمية التفكير في كيفية إبداع القيم الكونية للحداثة ضمن المجال الإسلامي، إبداعاً يناسب معتقداته وتاريخه ومبادئه، ووجود إمكان لحداثات متعددة لا حداثة واحدة، كما يقترح طه عبدالرحمن في كتابه"روح الحداثة". وأضاف:"يجدر الانتباه هنا إلى إشكالية التطرف في نقد واقع الحداثة الغربية، باعتباره حضارة مادية محضة، واعتبار الفلسفة الغربية مجرد لاهوت مسيحي مقنع".
وطرح عدداً من إشكالات الخطاب النهضوي، منها ما يتعلق بغايات هذا الخطاب وقال:"تثور دوماً إشكالية حول التركيز في الخطاب على الإصلاح الفكري أو السياسي كمدخل للنهضة، أو الاتجاه إلى خطاب يتحدث عن أهمية تجديد حياة المسلم في جميع أوجهها، ومع الانتباه إلى أن الخطاب يتخذ مستويات متعددة، فإن هناك خلافاً بارزاً في الساحة التي تعمل للنهضة بين التركيز على عالم الأفكار والتجدد الفكري، وبين الحشد لمصلحة التغيير السياسي، والاستغراق في العمل الروحي/ الأخلاقي للمسلم". مركزاً على أهمية التفكير في عمق التغيير الذي يجب أن يطاول الإنسان المسلم، ليقوم بواجب الخلافة في الأرض، ولا يقتصر إصلاحه على إحداث تنمية بأي شكل كان لبلد محدد.
وتابع:"من الأهمية بمكان قيام الخطاب النهضوي بدوره في الإسهام في الانخراط العقلاني للأمة في العصور الحديثة، إذ لا يزال العالم الإسلامي يحمل كثيراً من التناقضات بين ما يحيط به من تطورات وما يحمله من أفكار".
وفي ما يتعلق بسمات هذا الخطاب من إشكالات، ذكر أن من إشكالات الخطاب النهضوي الانفصال عن البعد الروحي للقرآن، وعدم استثمار الرأسمال المعنوي له على مستوى الأدوار التي يزكيها، واللغة التي يتحدث بها، وعدم وجود نسق ومعالم واضحة للخطاب الإسلامي الذي يدعو إلى النهضة، فتسود الكتابات التي هي عبارة عن شذرات تنتمي إلى منظومات فكرية مختلفة، ولا يحكمها تأسيس نظري ومنهجي واضح.
وكذلك تداخل الهم المعرفي التساؤلي في قضايا شائكة، مع النقد الفكري المنظم للجمود والتخلف الفكري، وتلعب الوسائط الحديثة كالإنترنت مثلاً دوراً محورياً في هذا التداخل.
وأضاف:"يحتاج أي خطاب تغييري إلى أن يشتبك ? على مستوى المعالجة واللغة - مع الهم والحدث اليومي، ليحدث تغييراً جذرياً في الوعي"، مشيراً إلى أن النقد يكتسب في حالات تنويرية كثيرة بعداً شخصياً في إثبات الذات، كما يوضح عزمي بشارة"حين صار الحوار هو الكلام غير الملزم، وليس جدلية المواقف في سياقها التاريخي والسياسي والمصلحي، أصبح النقد هو أن أخالفك في الرأي ليس إلا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.