ذهبت مع البدو، شاهدت شموسهم تنهض من الدم والنوم، وطيور القطا تبني أعشاشها في ثياب البدويات0 مياه تنحت الظل تحت السواد، ليف كثيف يتخلل الخضرة الخائفة0 ذهبت مع البدو، تبوأت نصيباً من البرية، لم أكن أنا، ولم يدّاركني راهب يشير إلى خراب ما0 هذا الكثيب الموبوء بالذهب ينتشر عليه غبار ذري0 الطرائد نائمة في وبرها الأزرق غير مكترثة بريح تشّعث الأشياء0 أنا المحجّل بالألواح صاحب الرتبة الغامضة، أدلك الليل كله وفي داخلي حجر يعترك كثيراً ليهرق الشمع على الناس0 تساقط شعري في الطريق شعرة شعرة فلم أتدبر شؤون البيت ولم أزمع اللهو مع بنات آوى0 أورقت ورائي مدينة كالقطن المنفوش عليها أختام محرّزة، مدينة تنام فتياتها في صناديق مطلية بالقطران0 ولأنني مرتاب من الأبواب والتوابيت، ذهبت إلى بر بعيد لا يعترف بالمفاتيح والمربعات0 ها أنذا أرقد تحت نعامة متحجرة، أتعثر في نومي بفخاخ قديمة نصبها لي أطفال قدامى0 هذا البر المثقل بخرز الغجريات يطيرني في فضاء الله مثل بالونة انفلتت من أهل البيت0 هذا البر يدلني على الزمرد ورخام المرأة0 كلما تذوقت قنداً من القصب الأسود سال لعاب الليل وظللني الغمام وطشت مع ناي منسول من العدم0 أشغال شاقة تعتور مصيري كما يعتري روح الوردة رماد يداهمها0 قّفّازات متعفنة تلمع فوق الفحم هوى بها الحارس المزّنر تحت ذريعة الألعاب، إذ الأقنعة ملقاة على تويجات من الشوك كأقمار تقعّرت في الطريق0 لن أسمع صلصلة صدئة، فررت من المدينة رسولة الحديد.