كل من تجاوز الستين ويسكن تشيلي تصرف له الحكومة ومجاناً حبة دواء زرقاء"فياغرا"كل أسبوع، بواقع أربع حبات كل شهر، للإسهام في إسعاد فئة من الشيبان المتصابين، إنها مبادرة العمدة"جونثالو ناباريتي"، وهو بالمناسبة طبيب سابق، عمد بها إلى السعي لتوفير هذه الخدمة التكميلية بعد شكاواهم له وحاجتهم لهذه الخدمة، الحاجات الإنسانية لا حدود لها، والمطالب الرفاهية غير متناهية، ربما ما نعده اليوم كمالياً ربما يعد في مكان آخر أو بعد مدة من الزمن حاجة ضرورية يجب أن تحترم وتقدر وتوفّر... الدنمارك هي الأخرى فكرت في تقديم خدمات متقدمة أكثر للمعوقين، إذ فرصهم أقل بكثير جداً من الستينيين في تشيلي، فقررت دفع كلفة العلاقات الحميمية للمعوقين بمعدل مرة كل شهر، بحيث تتكفل الحكومة بدفع الكلفة. تمنيت لو راجعت إعلانات المتنافسين على عضوية المجالس البلدية عندنا قبل سنتين تقريباً، ورأيت خطة العمل التي أطلقوها في ذلك الحين وما احتوت عليه من وعود بخدمات نعتبرها أساسية ومهمة جداً بالنسبة لخدمات تقدّم، لو عمل استفتاء واستبيان عن الحاجات المهمة، وإن كنت أظن أنه ليست هناك حاجة لعمل مثل تلك الدراسات، إذ يمكن الوصول لها عن طريق سماع أي برنامج على الإذاعة أو التلفاز ورصد أكثر المشكلات والصياح والدندنة، وكذلك رصد المشكلات التي تتكرر على صفحات القراء في الصحف اليومية، وسنجد تلك الرغبات والأمنيات الملحة التي لا تنزل لمستوى تأمين خدمات، مثل توفير حبوب منشطة وما مثلها، سنجد طلبات واقعية من مثل مستشفيات، طرق، مساكن، مدارس، وظائف. في نظري أن الحاجات ليس لها سقف، بمنطق: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً، يعني طمع وجشع وحب كامل للدنيا، لكن حتى نحقق رضا معقولاً من حيث الخدمات التي تقدم من الجهات الخدمية لنا كمستفيدين نحتاج تحليلاً لتلك المشكلات والمتطلبات بطريقة الاختيار المبني على الأكثر أهمية والأكثر تكراراً، ثم نحاول التركيز على أهمها بطريقة معالجة الجودة من حيث البدء في توفير المتطلبات الأكثر أهمية وحل المشكلات الأكثر أهمية للمستفيدين بطريقة 20/80 قانون باريتو الاقتصادي الإيطالي المعروف ونشرها في 1906م، فنكون بطريقة تلقائية نحصل على رضا عالٍ جداً، بل النظريات المتفائلة أكثر تقول تلقائياً نحصل على حلول لتلك المتطلبات، فهي طريقة علمية عالمية إدارية يمكن تجربتها بدلاً من التوجه والتمركز نحو حلول معينة قد لا تكون هي الرغبات الأكثر أهمية بالفعل عند المستفيدين، فتكون المخصصات بالبلايين في خدمة معينة، والنتيجة قد لا تحقق الأهداف المرجوّة منها ويشعر المسؤول والمستفيد بالإحباط الشديد جداً، إذ هناك خسائر وجهود! المقارنة المرجعية مع البيئات المشابهة في الظروف والمتطلبات المكافئة لنا كذلك في الفرص والتحديات، وتشترك معنا في الثقافة والأعراف هي الأخرى قد تقدم لنا معطيات مهمة جداً، إذ إن القرين بالمقارن يقتدي، والشيء بالشيء يُذكر، وحال التداعي الانهمارية، إذ تحضر النظرة إلى طبق الجوار، مهما كان الطبق الذي بين أيدينا مليئاً بالخيرات والفرص والأشياء الجميلة، فإنّ التطلّع للقمة الآخرين سلوك مستمر، وعلى رأي المثل المصري الطريف:"يا جرحني بلقمة ناشفة والعيش عندك طري ... ثقلان عليّ ليه ارحم يا مفتري". [email protected]