يشغل موضوع البيئة حيزاً مهماً في الشؤون العالمية، وذلك بسبب التدهور الكبير الذي أصاب بيئة العالم نتيجة عدد من النشاطات البشرية المرتبطة بالانفجار السكاني والتكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم. ولهذا تسعى كل الدول جاهدة لتحقيق التوازن بين استغلال الموارد البيئية والحفاظ عليها من ناحية أخرى، في ظل استمرار التنمية المتسارعة. ولذلك بادرت الكثير من الدول بإنشاء مراكز أبحاث علمية متخصصة، تهتم برصد وتحليل وتقويم الظروف والمشكلات البيئية، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لتفادي الأخطار البيئية.وعلى رغم أن العلاقة بين البيئة والسياحة بالغة القوة والتعقيد، إلا أن كل عوامل الجذب السياحي هي في الغالب عوامل بيئية إذ تشكل الطبيعة ومواقع التراث الحضاري أهم عوامل الطلب السياحي. ولهذا برز أخيراً مفهوم"السياحة البيئية"أو"سياحة الطبيعة"الذي يهتم أساساً بالاستخدام السياحي الواعي للموارد البيئية والحضارية، من دون استنزافها أو تقليل نوعيتها البيئية، لتصبح أداة من أدوات الترميم البيئي وحفظ النظم، إلى جانب إبراز أهميتها الاقتصادية. ولأن البيئة بكل عناصرها هي مصدر الجذب السياحي على رغم هشاشتها، فإن السياحة تصبح من أهم العوامل المهددة للبيئة ما يستدعي ضرورة التناول العلمي للمشكلة بالرصد والتحليل والتقويم والمساعدة في صياغة السياسات البيئية بحيث لا تتناقض مع تطلعات التطور السياحي والتنموي في المملكة. لذلك جاء مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للبحوث والدراسات البيئية والسياحية في جامعة الملك خالد ليكون منارة للبيئة والسياحة، وكان الإبداع أن يكون موقع المركز في واحدة من أهم مواقع الجذب السياحي في المملكة وهي منطقة عسير. وأوضح التقرير الذي أصدره المركز أن إنشاءه تم بناءً على توصية مجلس الجامعة في جلسته الأولى قبل 9 سنوات. ويهدف المركز إلى العناية بالبحوث والدراسات في شتى المجالات والقضايا البيئية والسياحية في المملكة خصوصاً وفي دول العالم العربي عموماً، في إنتاج ونشر البحوث والدراسات والكتب في مختلف مجالات العلوم البيئية والسياحية ورصد وتحليل وتقويم الظروف والمشكلات البيئية والسياحية وتحديد عواملها الطبيعية والحضارية وتطوير وسائل معالجتها، ما يسهم في تمكين المصالح والمؤسسات العامة والخاصة من رسم السياسات والاستراتيجيات المناسبة لتجنب تدهور الظروف البيئية والنشاط السياحي والإسهام في تطوير تصورات الرأي العام بشأن القضايا البيئية والسياحية، وفي زيادة الوعي الجماهيري بأهمية الحفاظ على الموارد البيئية والسياحية، وتشجيع التعاون البحثي المشترك بين الباحثين في مختلف مجالات العلوم البيئية والسياحية على مستوى جامعة الملك خالد والجامعات الأخرى، وإشراك الشركات المتخصصة وإعداد وتدريب الكوادر الوطنية في مختلف مجالات العمل التطبيقي البيئي والسياحي. وأوضح التقرير أن المركز يحتوي على وحدات عدة منها وحدة البحوث والدراسات البيئية وتشمل البيئة الطبيعية واستنباط الأصول الوراثية للأنواع النباتية والحيوانية والبيئة الحضارية المشيدة والمسح والتقويم البيئي والأخطار البيئية والمؤشرات البيئية والتنوع البيولوجي والحفاظ عليه والترميم البيئي والنباتات والحيوانات البرية المهددة بالانقراض وتأقلم النباتات في البيئات الجافة والمائية المالحة ومصادر المياه وجودتها وتغير المناخ ومكافحة التصحر. ووحدة البحوث والدراسات السياحية وتشمل موارد الجذب السياحي وتنميتها والآثار الاقتصادية للسياحة والآثار الاجتماعية للسياحة والتخطيط السياحي والأنماط السياحية وأساليب تنمية السياحة والنشاط السياحي وتنوع مصادر الدخل السياحي، وهناك وحدة بحوث ودراسات"السياحة البيئية" وتشمل السياحة المستديمة ومقومات ومعوقات السياحة البيئية والمتنزهات الوطنية والمحميات الطبيعية والآثار البيئية للسياحة والضوابط والقواعد التنظيمية للسياحة. أما وحدة السموم والمراقبة البيئية فتشمل ملوثات الغلاف الجوي وملوثات الغلاف المائي وملوثات التربة وملوثات الغذاء والنظم المرجانية وآثار المشاريع التنموية والمؤشرات البيئية والنشاطات البشرية وأخطار السموم البيئية وتشمل وحدة مكافحة الآفات الضارة بصحة الإنسان واقتصاده على المكافحة البيولوجية والمكافحة الكيماوية والمكافحة الشاملة وتحديد الآفات الضارة وأساليب وطرق التخلص منها. وتهتم وحدة المعلومات الثقافية والتوعية البيئية والسياحية بالتربية البيئية وأهمية البيئة والسياحة وأهمية الحفاظ على البيئة وترشيد استغلال الموارد الطبيعية والإدارة البيئية والسموم ومخاطرها البيئية والصحية. أما وحدة الإدارة البيئية والسياحية فتضع في اهتمامها إدارة السواحل الشاطئية وإدارة التراث الطبيعي وإدارة التراث الحضاري وإدارة المخلفات الصلبة والسائلة والغازية وإدارة الموارد المائية وإمداداتها وإدارة محطات التحلية وإدارة الاستثمار السياحي البيئي وإدارة السياحة البيئية. ولفت التقرير إلى أن وحدة النشر تعمل على نشر إنجازات المركز من البحوث والدراسات والكتب والتقارير الفنية بصفة دورية وإصدار مجلة علمية متخصصة ومحكمة وترجمة الأعمال المعتد بها في مجال اعمال المركز. وتقوم الخطة الحالية للمركز على تفعيل بعض أهداف المركز من خلال اقامة معرض دائم للبيئة والسياحة، بهدف إبراز الجهود المبذولة من الدولة في جانب السياحة والبيئة في المنطقة، ومنها الجهود المبذولة من الجامعة والإسهام في إثراء الجانب التعريفي للبيئة والسياحة في المنطقة والمحافظة على المقتنيات والمكتسبات التراثية المتوافرة حالياً في المركز وبعض كليات الجامعة في هذا الجانب وإضافة لبنة جديدة تفيد الدراسات والبحوث في مجالي البيئة والسياحة.