الزواج سنة ربانية كونية، وميثاق إنساني، وحاجة طبيعية للبشر في علاقاتهم الإنسانية الاجتماعية... والزواج يتم بمراحل قد تختلف في تفاصيلها وأنماطها بحسب اختلاف المجتمعات وتقاليد وعادات الشعوب التي تتعدد ثقافتها، ولكنها تشترك في مراحل أساسية من أهمها مرحلة الإقدام على خطوات تسبق الزواج، من الاستعداد له كتحديد المواصفات والشروط التي يطمح إليها الرجل، ثم البحث عنها فيمن يريدها شريكة لحياته، إضافة إلى وضع أسرتها أخلاقاً وسمعة، لأن الزواج في المقام الأول ارتباط بين أسرتين بكل ما تحمله الأسر المرتبطة بنسب الزواج من خصائص وصفات. ولذلك فمن الضروري لكل شاب وفتاة يقدمان على الزواج، التأكد من صحتهما الجسدية والنفسية، وخلوهما من الأمراض الوراثية، ويكون ذلك عن طريق الخضوع للكشف الطبي، بإجراء الفحوصات الطبية والتحاليل المخبرية اللازمة، ويعتبر هذا من أهم ما يمكن القيام به كخطوة أولى في الطريق إلى زواج ناجح، لأنه يمكن بالكشف الطبي التنبؤ إلى حد ما باحتمال إصابة الأبناء في المستقبل بمرض وراثي أو عدم إصابتهم بأي مرض وراثي من والديهم... ومن ثم - بعد الكشف الطبي - اتخاذ الخطوات المكملة للزواج. وبسبب الأهمية البالغة للكشف الطبي، اصدر مجلس الوزراء قراراً يلزم إجراؤه قبل الزواج، وكان صدوره في شهر محرم لعام 1425ه، ووضع تلك المهمة على عاتق وزارة الصحة، وقد سر الجميع بالتطور الذي عزز أهمية وقيمة الكشف الطبي، إذ وافق مجلس الوزراء قبل أيام قليلة على تطوير برنامج الفحص قبل الزواج ليصبح"برنامج الزواج الصحي"، على أن يراعي عدداً من الأمور، منها إضافة فحص أمراض معدية، كالإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي. إن هذا الفحص اثبت نجاحه منذ أولى مراحل تطبيقه، وهو في تطور مستمر لكل ما يحرص على سلامة وسعادة الحياة الزوجية لأفراد هذا المجتمع، منعاً لشتات وضياع الأسر وتفككها، والسواد الأعظم من أولياء الأمور يدركون أهمية الفحص الطبي لتفادي المشكلة التي تقض مضاجعهم عندما يتقدم إليهم من يريد الارتباط وخطبة إحدى فتياتهم، إذ يريدون الاطمئنان بأن الشاب الذي يتقدم لخطبة فتاتهم ليس من متعاطي المخدرات، ولكن ولي الأمر يتحرج كثيراً قبل أن يطلب من الشاب أن يخضع لتحليل الكشف الطبي أو يقدم الوثائق الطبية إذا كان أجرى ذلك الكشف عن عدم إدمانه المواد المخدرة، أو أنه لا يعاني مرضاً ما ليقينه مسبقاً من سلامة خطيب ابنته. إن المجتمع في ظل هذه التحولات والتغيرات، التي تطرأ بين الحين والآخر في جميع مناحي الحياة، لن يمنع أفراده الحرج من القيام بالتحليل الطبي، ونلاحظ تزايد تقبل الأسر لإجراء الفحوص الطبية بجميع أنواعها في ظل أنظمة وقوانين تحمي خصوصية أسرار نتائج الفحوصات الطبية، وأوضح دليل على ذلك ما قامت به وزارة التربية والتعليم عندما أجبرت جميع المتقدمين إلى الوظائف التعليمية ومن لديه رغبة في الانخراط في سلك التعليم أن يخضع لتحاليل عدة منها تحليل الكشف عن المواد المخدرة، وكان وقعها في النفوس ايجابياً ومرضياً وقد عمل هذا الإجراء عندما أدركت الوزارة حجم مشكلة تعاطي المخدرات وخطورتها على العملية التعليمية، لأن المخدرات عدو أعمى لا يفرّق بين ذكر وأنثى. [email protected]