سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اختصاصيون ل "الحياة" : السدود الترابية وسيلة تخدير لفيضان البحيرة و "الأمانة" تعتمد موازنة ضخمة لمنع المخاطر . انفجار بحيرة "المسك" يهدد بكارثة بيئية... ومخاوف من انهيار السد "الموقت"
منذ أكثر من 20 عاماً عام 1987، وبحيرة الصرف الصحي الواقعة شمال شرق محافظة جدة تهدد أضرارها البيئة، وسلامة السكان معاً، وتفرّخ البؤر المرضية في حال انفجارها، ويتزامن ذلك مع التحذيرات الجديدة من استمرار الصهاريج في ضخ مياه الصرف الصحي، بما يعادل 50 ألف متر مكعب يومياً في هذه البحيرة التي اكتسبت شهرة واسعة، حتى أطلق عليها لقب بحيرة"المسك". "الحياة"جالت في منطقة البحيرة التي ترتفع عن سطح البحر ب173 متراً مربعاً، ويلاحظ الزائر لهذه البحيرة التي يبلغ حجمها 9.50 مليون متر مكعب، ومسطحها 2.60 كيلو متر مربع، أن المعالجة المعتمدة حالياً للتصدي لأخطارها يتوقف على السد الترابي"الموقت"الذي ترممه أمانة المحافظة بين الفينة والأخرى، من أجل حماية أحياء شرق المدينة من تسرب مياه البحيرة إلى داخلها. يرى مراقبون وخبراء بيئة في السعودية أن الحلول التي اعتمدتها أمانة محافظة جدة لمعالجة مشكلة تلوث بحيرة الصرف الصحي غير مجدية بصيغتها الحالية، واصفين هذه الحالة بمثل من يرمي الحجارة في المياه الراكدة، من دون أن يتم نقل خطرها إلى مواقع بعيدة لضمان سلامة السكان. وأكد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الدكتور زهير نواب، أن الهيئة اقترحت إنشاء سد رئيس عند مدخل وادي العصلاء، للحد من مخاطر انهيار السد الترابي الذي أقامته الأمانة، لمنع تسرب مياه بحيرة الصرف الصحي"المسك". وقال نواب في حديث إلى"الحياة":"إنه لابد أن يكون السد مصمماً بشكل هندسي لمنع دخول المياه الجوفية الملوثة إلى داخل محافظة جدة، وكذلك لتجنب خطر المياه السطحية سواء الناجمة عن انهيار السد، أو من فيضانات السيول على الأحياء القريبة، خصوصاً وأن البحيرة تبعد عن المناطق السكنية شرق المحافظة بنحو 15 كيلو متراً". وأوضح أن الهيئة شرعت في نهاية العام 2000 بدرس موقع السد، وأجرت دراسات تفصيلية في الموقع المقترح، ووضعت تصوراتها لاستغلال القدرة التخزينية لحوض السد المقترح، والتي تبلغ 40 مليون متر مكعب، ما يتيح فرصة زمنية أكبر لاستكمال بناء مرافق شبكة الصرف الصحي في محافظة جدة. ولفت في الوقت ذاته، إلى أن الهيئة تلقت في العام 1427 طلباً من أمين جدة المهندس عادل فقيه، للقيام بإعداد تحريات أولية عن الموقع الجديد لبحيرة الصرف الصحي، لتخفيف الضغط الواقع على السد الترابي للبحيرة الحالية، وتحديد موقع مناسب لإنشاء سد لتكوين البحيرة الجديدة، وتحديد نوع وارتفاعات السد المقترحة، وحجم التخزين عند كل ارتفاع. وأضاف"إنه بناء على ذلك، شكلت الهيئة فريق عمل فنياً قام بزيارة المواقع المختلفة على الطبيعة برفقة مندوبي الأمانة، لشرح ما قامت به من جهود عاجلة لتخفيف الضغط على السد الترابي لبحيرة الصرف الصحي الحالية، وما تعتزم القيام به لاحقاً". وأشار إلى أن جهود الأمانة تضمنت إنشاء أربعة أحواض تبخير في الجهة الشرقية من سد بحيرة الصرف، تكون مرتبطة بها من طريق قناة يصل طولها إلى أكثر من 500 متر، من أجل تخفيف الضغط على البحيرة الحالية إذا ما ارتفعت مياه الصرف فيها إلى حد معين. وأكد أنه تم الوقوف على الموقع المحدد من قبل الأمانة لإنشاء سد ترابي جديد لبحيرة الصرف الجديدة، والواقع على بعد نحو سبعة كيلو مترات شمال بحيرة الصرف الحالية، إضافة إلى الوقوف على الموقع المقترح من قبل الأمانة لعمل بحيرة من المياه المعالجة والمنقولة من المحطة الحالية والموجودة إلى جانب بحيرة الصرف، إذ سيتم حجز تلك المياه من خلال سد خرساني يقع شمال البحيرة بنحو 12 كيلو متراً. وأضاف أن فريق الهيئة زار محطة التنقية الخاصة بمعالجة مياه الصرف بالبحيرة الحالية، واطلع على أحواض المعالجة، وأفاد مندوب الأمانة بأن المعالجة في المحطة هي معالجة ثلاثية، ويتم صب مياه الصرف المعالجة في اتجاه السد الاحترازي". كشف الخبير الزراعي المهندس محمد البخاري ل"الحياة"أن كمية مياه الصرف الصحي الموجودة في بحيرة المسك، يبلغ 50 مليون متر مكعب، معتبراً أن هذا الرقم هو الحجم الحقيقي لهذه البحيرة، بعكس ما تشير إليه إحصاءات أمانة محافظة جدة، التي تؤكد أن الكمية تبلغ تسعة ملايين متر مكعب فقط. وقال البخاري:"بالطبع فإن مياه بحيرة المسك ملوثة، والأهم من ذلك أنها تحتوي على العناصر الثقيلة، وهذه العناصر تحتوي على الزئبق والزسنيرج والكوديوم والكروم، وهذه المعادن كما هو معروف تسبب في إصابة الفرد بالأورام السرطانية، وهذا سيضر بالمواطنين في حال قيام الأمانة بتحويل تلك البحيرة إلى متنزهات وحدائق ترفيهية، كما أعلنت من قبل". وأشار إلى أن فكرة الأمانة تقضي باستخدام رواسب البحيرة الحمأة، كسماد عند البدء في زراعة المنطقة، ما سيضاعف أضرار تلك البحيرة، لافتاً إلى أن الأمانة حددت أنواع النبات التي ستعمل على زراعتها في تلك المنطقة، والتي حددت بحسب تقريرها بنبات أمريكانا كزورينا. وأوضح البخاري أن هذا النبات هو عبارة عن نبات شوكي، تتراوح طول الشوكة الواحدة فيه بين أربعة وخمسة إنشات، ومن المتوقع في حال زراعتها عدم قدرة الناس على الاقتراب من هذا الشجر الشوكي، خصوصاً وأنها نوع من الأشجار التي يصعب وضعها في حدائق للبشر. وزاد في القول:"إن تقرير الأمانة الذي أعلنته في وسائل الإعلام كشف عن عزمها زراعة نبات آخر يدعى"السرو"وهو نبات لا ينمو إلا في مناطق باردة وجبلية، لاسيما وأنه في حاجة إلى برودة حتى ينمو، إضافة إلى نبات آخر ستعمل الأمانة على زراعته وهو نبات"البرسوبل"، وهو نبات منعت زراعته في منطقة القصيم، وتمت إزالته بالكامل، خصوصاً وأنه من نوع النباتات التي تتسبب في إصابة البشر بأنواع من الحساسية في الجلد، خلافاً للنوع الأخير وهو نبات"الهوبوبة"الخطر على البيئة. وأشار البخاري إلى أن استخدام المياه الخارجة من هذه البحيرة سيتسبب في مشكلات للناس، خصوصاً وأن المياه ملوثة بالعناصر الثقيلة، ومن ثم سيتم استنشاقها من جانب زوار الحدائق، ما سيؤدي إلى ظهور حالات مرضية بين المواطنين. وعن وضع البحيرة الحالي، أكد المهندس البخاري أن وجودها في الموقع الحالي يشكل خطورة كبيرة على مدينة جدة، محدداً هذه الخطورة بتسرب المياه بكميات كبيرة من البحيرة نتيجة وجودها في منطقة صخرية، إضافة إلى إحاطتها بسدود ترابية لا تمنع تسرب المياه منها. وقال:"عندما قررت الأمانة وضع البحيرة في مكانها الحالي، لم تعمل على درس قاع البحيرة، والذي هو عبارة عن قاع صخري مليء بالكسور، فالمياه الموجودة في البحيرة تتسرب من خلال تلك الكسور والشقوق، ما يؤدي إلى تسرب المياه عبرها، خصوصاً وأنها تقع في منطقة ترتفع عن سطح البحر ب172 متراً، وبالتالي سيؤثر ذلك على أرضية مطار جدة، التي تقع قريباً من موقع البحيرة". وأشار في الوقت ذاته إلى أن منطقة المطار تحوي 48 بحيرة تشكلت من مياه بحيرة المسك، إلى جانب وجود كميات كبيرة من المياه الجوفية، خصوصاً في أحياء السامر والأجواد وبني مالك، وتعد تلك الأحياء بؤراً ومستنقعات خطرة. وأضاف أن الخطورة تتركز في وجود البحيرة على مجرى ودا، وهذا الوادي لم تجر فيه المياه منذ 15 عاماً، وسنة الحياة تشير إلى أن الوادي يجري بالمياه كل 17 سنة، ومن المتوقع في حال هطول أمطار على جدة بكميات كبيرة أن يجرى الوادي جارفاً معه بحيرة المسك بما تحتويه من مياه ملوثة.