في بعض المراكز الطبية الشرقية تظهر وسائل علاج غريبة. نقلت قناة العربية قبل أيام خبراً"خفيفاً"مفاده أن سمكة تُدعى"الطبية"تستخدم لتنظيف جلد الإنسان. فبعض المراكز في الصين تجمع كميات كبيرة من هذا السمك في حوض كبير، وتُجوعه! ليقتات على جلد ميت يُغطي أرجل الرجال والنساء. كل ما عليك أن تمد رجلك في الحوض، ليتجمع السمك ويبدأ في أكل وجبة دسمة! وبهذه الطريقة يُفيد ويستفيد. غير أن السمك، في المقابل، يقتل بعضه بل يأكل بعضه في حال عدم توافر الجلد الميت! نشرت"الحياة"ملفاً عن قرارات"المجمع الفقهي الإسلامي"في دورته ال 18، على مدار ثلاثة أيام. وتحديداً كان الملف قراءة في القرار رقم خمسة، الذي أعلن حكماً بتحليل زواجي"فرند"و"المسيار". كتب الزميل هادي الفقيه في الملف مقالاً تحت عنوان: كثيرون يطمئنون لفتاوى"كبار العلماء"... ولا يعرفون"المجمع الفقهي"! ما لا يرقى إليه أدنى الشكوك أن فتاوى"المجمع الفقهي"تُمثل أهم الفتاوى على مستوى العالم الإسلامي. فهي تشكل فتاوى نتجت من تمحيص علماء كثيرين من مختلف الدول الإسلامية، وعلى رأسهم رئيس"المجمع الفقهي الإسلامي"، و"هيئة كبار العلماء"في السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والذي يشغل أيضاً منصب مفتي الديار السعودية. ويهدف المجمع إلى بيان الأحكام الشرعية من مصادر التشريع الإسلامي المعتبرة، في ما يواجه المسلمين في أنحاء العالم من مشكلات وقضايا مستجدة، لإبراز تفوق الفقه الإسلامي على القوانين الوضعية وإثبات شمول الشريعة واستجابتها لحل كل القضايا في كل زمان ومكان. قرار مجمع الفقه الإسلامي لم يتوقف عند إثارة بعض العامة، بل أثار جدلاً ومعارضة من ناشطات خليجيات، واعتبره الداعية العراقي الشيخ أحمد الكبيسي"مرذولاً"، لكنه قال أيضاً:"هو زواج مباح شرعاً"! بل وأضاف:"ولا تقبل به امرأة تحترم نفسها"! وقالت الناشطة النسائية الكويتية رولا دشتي وهي رئيسة الجمعية الاقتصادية الخليجية لوكالة الأنباء الفرنسية:"لا يجوز استخدام موضوع العنوسة لفرض مزيد من التنازل من جانب المرأة عن حقوقها. الأولى أن تتم معالجات سياسية وتنموية واجتماعية وليس باختيار الطريق الأسهل مثل زواج المسيار القائم على انتقاص حقوق المرأة"! وأضافت أنه"إذا كانت المرأة التي تتزوج زواجاً عادياً تُعاني من مشكلات كثيرة عند الطلاق مثلاً فكيف بتلك التي تقع في زواج المسيار"! اللافت في كل ذلك: أن عامة الناس، كما بدا في ملف"الحياة"، وفي مقالات أخرى كثيرة، يعتبرون هذا الزواج حراماً، حتى بعد الفتوى! ويعتبره شيخ مثل الكبيسي"مرذولاً"، على رغم اعترافه بأنه مباح! وتُعده ناشطات خليجيات في مناهضة العنف ضد المرأة، انتقاصاً لحقوق المرأة ذاتها! قبل كل شيء، ماذا يعني زواج"فرند"؟ ربما أمكن تعريف زواجي"فرند"و"المسيار"ب"زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم العيش المشترك أو بعض منها، وإبرام عقد زواج تتوافر فيه أركان الزواج وشروطه، ويخلو من الموانع، على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ثم يلتقيان متى رغبا في أي مكان مناسب". وربما يجدر بناشطات حقوق المرأة أن يعلمن أن الرجل أيضاً تنازل عن السكن والقسم في هذا العقد، وربما تنازل عن أمور كثيرة أخرى. وأن حقوق الإنسان والمرأة في الدول الغربية لا تلاحق امرأة أو رجلاً يبرمان عقداً كهذا، حتى لو شفوياً، بل لا تنزعج منه، لأن ذلك يُعد تدخلاً في شؤونهما الخاصة جداً والتي لا تؤذي أحداً، فهما متراضيان من دون عنف. وربما يجدر بهن أن يعلمن أن المرأة يمكنها في عقد كهذا أن تشترط إمكان الخلع الطلاق من دون سبب. وأن المجمع أقر قراراً آخر يختص بالخلع. وربما يجدر بالكبيسي أن يعلم أن تسمية الحلال رذيلة أو"مرذولاً"، قد يخل بالطبيعة. والإخلال بالطبيعة وبالقرار رقم خمسة، يقتضي أن يأكل السمك بعضه! [email protected]