ماذا بعد المقاطعة؟ هل تكفي مقاطعة المنتج الدنماركي أو الأوروبي لإيضاح موقف المسلمين أمام العالم؟ ماذا تقتضي الحال الآن؟ وما ضمانة التوقف عن الإساءات والتطاول على المقدسات مستقبلاً؟ هذه الأسئلة وغيرها من معادلات معقدة، تتطلب فعلاً التوقف بحسب الاختصاصيين وأهل الرأي في السعودية، ليس من أجل الدفاع عن النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - فحسب، وإنما لتجاوز أزمة الثقافات والفهم بين الدول، وتفادي وقوع مثل هذه التجاوزات على المدى البعيد. ويعتبر مفكرون ومثقفون سعوديون أن مرحلة ما بعد المقاطعة هي الأكثر حرجاً، ويتفقون على أنها هي الأقوى، ويتواصون في الوقت نفسه بالدخول في حوار حضاري أممي، يفضي إلى وضع ميثاق عالمي، تتشارك في توقعيه دول العالم، يلزم المجتمعات باحترام الأديان ورموزها المقدسة، وعدم التعرض لها بأي شكل، حتى لو استلزم ذلك لجم حرية التعبير التي تعتنقها الصحف الغربية. ويجمع المتابعون لحملة المقاطعة الاقتصادية مع الدنمارك، على ضرورة وجود ترجمة واضحة للتحرك الشعبي المناهض للإساءة التي تعرض لها سيد الخلق، وأن تتبنى مؤسسات المجتمع المدني الإسلامية حواراً فكرياً مع المؤسسات الغربية، لبيان وجهة نظر المسلمين، والخروج بتصور كامل حول قضايا المساس بالمقدسات والنيل منها، ومن ثم العمل على وضع اتفاقات تجرّم من يفعل ذلك، وتطبق بحقه القانون. ويؤكد الاقتصادي السعودي إحسان بوحليقة، أن المقاطعة كانت مؤثرة في الاقتصادي الدنماركي، خصوصاً تلك الشركات المصدرة للمنطقة العربية، وقال:"تختلف هذه المقاطعة عن سابقاتها في أن التجار أنفسهم أوقفوا بيع المنتجات الدنماركية القابلة للإحلال، وبالتالي، فإن هذه الحملة جاءت الأقوى والأكثر تأثيراً". وشدد بوحليقة على ضرورة عمل ندوات وحوارات فكرية بين الوفود العالمية لتجاوز الأزمة، وإيجاد ميثاق دولي توقّعه الدول لاحترام الأديان، وضمان عدم امتهان المقدسات"المرحلة تقتضي ايجاد الحلول العلمية، التي تلتزم بتبادل الاحترام ومعاقبة المتطاولين على الأديان، ولا يكون ذلك إلا باتفاق عالمي ملزم". ويرى الكاتب عبدالله الكعيد، أن أحد البنود الموقع عليها في الأممالمتحدة، ينص على احترام الأديان وعدم المساس بالرموز الدينية، ولكنه يأسف لعدم تطبيقه في الكثير من الدول. ويعلل هذا الوضع بأن كثيراً من دول العالم تجتزئ ما يناسبها من قوانين الأممالمتحدة، وتتجاهل البقية. ويحمّل الكعيد المؤسسات الدينية الإسلامية مسؤولية تنظيم حملات فكرية للدفاع عن الرسول، بعيداً من التقوقع داخل منظومة المقاطعات، ويقول:"المؤسسات الإسلامية لا تحمل موقفاً واضحاً حيال القضية، واكتفت بالتصفيق لحملات المقاطعة والاستنكار، من دون تحرك يخاطب الفكر ويعيد ترتيب الأفكار". من جانبه، يؤكد الدكتور محسن العواجي أن ترجمة الموقف الإسلامي المناهض للتطاول على رسول الله إلى برامج عملية، أصبحت حاجة ملحة ومطلباً إنسانياً يقتضي عدم الوقوع في مثل هذه المزالق مستقبلاً، ما يوجب على الهيئات الدولية التحرك لتجريم أي سلوك يتطاول على الايديولوجيا الدينية، ويعاقب على ذلك". ويذهب العواجي لتوضيح أن القانون البريطاني يعتمد قانوناً يسمى"قداسة الأديان"، يدعو إلى احترام الدين وعدم المساس به، وهو القانون الذي يجب تطبيقه اليوم، كونه مدعاة للمصالحة والاستقرار وعدم تصاعد الأمور. ... والسفير الفرنسي يوضح موقف بلاده استقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، في مكتبه في الرياض أمس، السفير الفرنسي شارل هنري دراغون. إذ أوضح السفير موقف بلاده في استنكار نشر رسوم مهينة تسيء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وسلم شارل دراغون نسخة من بيان أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية، بشأن إدانة الإساءة وتأكيد"أن فرنسا بلد الوقار والتسامح الحريصة على حرية الصحافة، تدين كل ما يجرح مشاعر الأفراد بمعتقداتهم وقناعاتهم الدينية". من جهة أخرى، استقبل الدكتور التركي سفير أذربيجان الدكتور إيلمان أراسلي، الذي انتهت فترة تمثيله لبلاده في المملكة العربية السعودية. كما استقبل وفد المشيخة الإسلامية في ألبانيا برئاسة ممثل المشيخة الدكتور سايمير روشيكو.