على رغم كل ما يقال عن الإجراءات التصحيحية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم، وضخها للمشاريع الإلكترونية والإدارية الحديثة، إلا أن محافظة تثليث الواقعة شرق عسير والتابعة تعليمياً إلى محافظة بيشة، تعيش ارتباكاً إدارياً كبيراً، إذ لا يزال بعض الطلاب بعد أن مضى أكثر من أربعة أسابيع على بدء الدراسة، لم يبدأوا في المناهج الدراسية، كما تعاني الكثير من المدارس من سوء الصيانة والعمل الهندسي الذي أضر ببنيتها التحتية، إضافة إلى سوء التوزيع في عدد المعلمين، ليصل نصاب بعضهم إلى 28 حصة في الأسبوع، الأمر الذي أثار استياء كل أركان العملية التعليمة من معلمين وطلاب وأولياء أمور. وأشار المواطن حسين القحطاني القاطن في مركز الأمواه إلى أن أبناءه في مدرسة السايل والرازي لم يدرسوا شيئاً بسبب نقص المعلمين، وذكر أحد أولياء الأمور حمادة المحمدي أنه ينتظر معلم الصف الثاني في مدرسة الأمواه حتى يبدأ في منهج لغتي، فيما لفت سعيد القحطاني إلى أنه يستغرب تجاهل تعليم بيشة لإنهاء معاناة نقل المعلمين وتوزيعهم بشكل جيد، محذراً من بقاء المدارس عائمة من دون عمل جدي، خصوصاً وأن إحدى المدارس شهدت مشادات كلامية تطورت إلى استخدام الأسلحة البيضاء نظير خلو بعض المدارس من المعلمين وعدم سيطرتهم على المدرسة لقلة المعلمين. وأوضح أحد مديري مكاتب الإشراف ( تحتفظ «الحياة» باسمه) أنه حاول جاهداً استيضاح المشكلة، لكن قسم شؤون المعلمين في إدارة تعليم بيشة لم يتجاوبوا معه، وأنهم أخبروه أن من لا يعجبه العمل بالنظام «فليشتك للوزارة»، وأن هناك إجراءات لنقل تعليم محافظة تثليث إلى منطقة عسير، مشيراً إلى أن إدارة التعليم تتراخى في الاستجابة لطلبات المعلمين والمواطنين، وأن هناك إشكالاً في ازدواجية العمل الإداري في ظل عدم فهم مساعدي مدير التعليم لسياسات والإجراءات الدمج الإداري. ولفتت مديرة إحدى المدارس هيا الشهراني إلى أنه بعد الدمج الإداري تعيش المدارس وضعاً سيئاً نظير عدم تكامل الجوانب الخدمية للعملية التعليمية من تعليم بيشة الذي بات يعيش تخبطاً إدارياً واضحاً، في حين ذكر مدير إحدى المدارس (فضل عدم ذكر اسمه) أنه تسلم مجمعاً تعليمياً جديداً من أحد المقاولين بعد موافقة قسم المباني، وهو لم يكمل شروط البناء الرئيسة، وقال: « للأسف سأعود لأصرف من موازنة المدرسة بطريقة غير مباشرة لإصلاح الكثير من المشكلات في المبنى». وعن الشكوى من آلية النقل الداخلي العشوائية قال المعلم محمد الشهراني: « على رغم توزيع القطاعات إلا أن ما فاجأنا به هو نقل معلمين من قطاع إلى قطاع على شكل نقل خارجي، متجاوزين بذلك معلمين لهم في الترتيب الخارجي أكثر من أربع سنوات، ما يؤكد أن المسألة خرجت عن النظام، وأن آلية حركة النقل الداخلية والندب تتم بطرق غير رسمية»، فيما ذكر مدير إحدى المدارس ( فضل عدم ذكر اسمه) أن شؤون المعلمين في بيشة رفض تلبية رغباته في النقل، على رغم أن مدرسته حققت إنجازات على مستوى المنطقة، وأنه ما أن يطلب شيئاً لدعم الجانب التعليمي والإداري في مدرسته إلا ويجد تجاهلاً من شؤون المعلمين والإشراف. من جانبه، أشار محافظ محافظة تثليث محمد المعاوي إلى أهمية دعم الجانب التعليمي في المحافظة، خصوصاً أنها تعد من أهم المحافظات في منطقة عسير، وتعد الأكبر من حيث المساحة، وفيها العديد من القرى والهجر والمراكز المتباعدة وتحتاج إلى تحديد حاجات المعلمين والطلاب، وقال: «أتمنى أن يشحذ تعليم بيشة من هممه للأفضل». من جهته، أوضح المدير العام للتربية والتعليم في محافظة بيشة سعيد آل عثمان ل«الحياة» أنه لا يوجد أي عجز حقيقي في الكوادر التعليمية للمدارس التابعة للإدارة، وأن هناك نحو 40 معلماً وجهوا من الوزارة لم يباشروا أعمالهم في المدارس، لأنه ليس لديهم الرغبة في التدريس، وطلبوا العدول عن التعيين، مشيراً إلى أنه لا حقيقة لوصول نصاب المعلم ل 28 حصة، إلا في المرحلة الثانوية، ومادة العلوم في المرحلة المتوسطة بسبب الضغط في الأماكن البعيدة، وأن شؤون المعلمين في الإدارة تعمل على سد العجز الحاصل في المدارس، وأن هناك مسحاً ميدانياً للإبلاغ بأي عجز طارئ. وأضاف، أن مشكلة النقل بالنسبة للطالبات في المحافظة حلت نسيباً، إذ يتم نقل ما يقارب 52 في المئة من أعداد الطالبات في المدارس، أي نحو 20 ألف طالبة، لافتاً إلى أن الإدارة أنشأت نادياً خاصاً للمعلمين لممارسة أنشطتهم الرياضية، برسم رمزي قدرة 150 ريالاً خلال الفصل الدراسي الواحد. «الرقابة والتحقيق» تتابع «صناديق المدارس» ميدانياً