أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن ابراهيم الشريم ان كثرة الحزن سبب لضعف البدن، كما ذكر ذلك جماعة من اهل العلم والحكمة، غير انه عرض جبلي فطري ينتاب بني البشر عندما يغالبون صروف الحياة ومحنها، وهو ميدان لابد للمرء من نزوله على هذه البسيطة، لأن المرء مبتلى في هذه الحياة الدنيا لا محالة، والحزن مرتهن بالبلاء، لكنه في الوقت نفسه ليس من المطالب الشرعية ولا من المستحبات في كثير من صوره، وما الاستحباب والندب الا في كيفية التعامل معه لا في تحصيله وإيجاده. وقال في خطبة الجمعة أمس ان الحزن لم يرد في القرآن الكريم الا منهياً عنه كما في قوله تعالى:"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون"، وسبب النهي عن الحزن انه لا مصلحة فيه للقلب، بل احب شيء للشيطان ان يحزن العبد ليقطعه عن مواصلة طريق الحق. كما اكد امام وخطيب المسجد الحرام أن الفهم الإسلامي الصحيح في التعامل مع الأحزان فهم فريد من نوعه ومما اختصت به أمة الاسلام دون غيرها، لأن مفهوم غير المسلمين في التعامل معها يعد ضيق النطاق ضعيف العلاج اذ ينحصر التعامل مع الاحزان عندهم في العويل واللطم والانتحار والمصحات والعقاقير المهدئة وتعاطي المسكرات والمخدرات والغناء والمعازف ليس الا، واما الفهم الإسلامي فقد تجاوز مثل ذلكم التعامل بمراحل ليست هي من باب فهمهم في ورد ولا صدر، فصار الفهم الشرعي للحزن على خمسة اضرب، اولها الحزن المكروه وهو الذي يكون على فوات امر من امور الدنيا، ومثل هذا الضرب ينبغي للمرء ان يتغلب عليه لقوله تعالى:"ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكي لا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور". وقال الدكتور الشريم ان الله جلت قدرته وتعالى أمره خلق النفس البشرية في احسن تقويم، وحملها في البر والبحر ورزقها من الطيبات وفضلها على كثير ممن خلق تفضيلاً، وقد كان مما خلقه في تلكم النفس المشاعر والانفعالات والعواطف والاحاسيس، التي تعبر عنها النفس من خلال الضحك والبكاء والهم ّوالغمّ والحلم والغضب والحزن والسرور، بقدر ما يعتري النفس من دواع تستجلب أياً من تلكم المشاعر:"وأنّ إلى ربك المنتهى. وأنه هو أضحك وأبكى. وأنه هو أمات وأحيا". وان بين تلكم المشاعر المودعة في النفس شعور الحزن والاسف لدى الانسان الذي يعتريه بين الحين والآخر، بسبب الدواخل والعوارض المصاحبة له، بيد ان كثيراً من الناس ليس لديهم من الوعي والتصور لهذا الشعور ما يجعلهم يحسنون فهمه ويجيدون التعامل معه، في حدود الفهم الصحيح المشروع، اذ تتراوح مفاهيم جملة من الناس فيه صعوداً وهبوطاً، في حين ان الوسط هو العدل المقرر.