يرى علماء الجيوبولتيك الجغرافيا السياسية أن الدول تمر خلال مسارها التاريخي بأربع مراحل: مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب، ومرحلة النضج، ومرحلة الشيخوخة. وما أود التركيز عليه في هذا المقال هو مرحلتا الطفولة والنضج. الدولة التي تمر بمرحلة الطفولة ليس بالضرورة أن تكون في بداية نشأتها، وإنما نشأت منذ سنوات، ولكن تعتبر حديثة التكوين نظراً لمرورها بأحداث ومتغيرات جديدة، أدت إلى إعادة تكوينها من جديد كاتباع أساليب جديدة في حكمها وأنظمتها السياسية الداخلية والخارجية، إضافة إلى إعادة نظامها الاقتصادي وأحياناً للجوئها إلى بناء تحالفات سياسية أو عسكرية جديدة. أما الدولة التي تمر بمرحلة النضج، فهي تتميز بالاستقرار السياسي وثبات أنظمتها الداخلية والخارجية وتحقيق أهدافها في التقدم والتنمية والاقتصاد، وتحالفاتها السياسية والعسكرية ثابتة ونادراً ما يتم تغييرها. دولة قطر تسير في الاتجاه المعاكس لدول الخليج، فيبدو أن لديها عقدة الأول ومفتونة بالتميز، فهي الدولة الأولى في أمور عدة، منها السماح للمرأة بالمشاركة في الوفود الإسلامية والخليجية، سحب الجنسية من قبيلة آل مرة... إلى آخر القائمة. سلوك دولة قطر ينطبق عليه الصفات التي تمر بها الدول في مرحلة الطفولة، والتميز القطري في سلوك الدولة يحتاج إلى مقالات عدة، سأعود إليها لعلي أصل إلى استنتاجات تفيد دول الخليج الناضجة، خصوصاً مشاركة المرأة القطرية في الوفود الرسمية تمهيداً لاستلامها منصباً وزارياً، ومن يدري لعل دولة قطر تكون الدولة العربية الأولى في التاريخ التي تتولى منصب وزير الخارجية فيها امرأة، تأسياً بالدولة العظمى أميركا. أما مقالي هذا سيركز على ما حل بقبيلة"آل مرة"، وهي"من أقدم القبائل العربية وأصحها نسباً وأشدها بأساً. ومنازلها تمتد من جنوب الطريق الموصلة بين الاحساء والرياض إلى جهات الخرج وجهات العقير إلى واحتي جافورا وجبيرين حتى أواسط الربع الخالي، ولهذه القبيلة ثلاثة أفخاذ رئيسية هي: شبيب أو بشر، وعلي بن مرة، وجابر". كما ورد في كتاب فؤاد حمزة"قلب جزيرة العرب". ويتبع الفخذ الأول بشر 13 عشيرة منهم عشيرة"آل الغفران"التي وقع عليها الاختيار في سحب الجنسية. وورد في العديد من الصحف أن الغفران فخذ من قبيلة آل مرة والصحيح أنهم عشيرة من أحد أفخاذ القبيلة كما جاء في المرجع السابق. والفرق بين الفخذ والعشيرة كما ورد في كتب الأنساب، ان الفخذ: أصغر من البطون وهو تجمع للعشائر. والعشيرة: تتعاقب إلى أربعة آباء. عندما نعود إلى موضوع هذا المقال وهو نشأة الدول والمراحل التي تمر بها نجد أن مرحلة النضج تنطبق على السعودية، إذ قام مجموعة من أفراد قبيلة كبيرة في السعودية بالتخريب في الحرم المكي الشريف عام 1400ه ولم تقم السعودية بسحب الجنسية من القبيلة أو الفخذ الذي كان منه قادة ذلك التمرد. وأيضاً لم تقم السعودية بسحب جنسية أقارب"الفئة الضالة"الذين يتساقطون تساقط الفريسة البائسة بفضل من الله ثم بفضل حكمة ونضج قادة هذه البلاد. ولعله من المفيد هنا الإشارة إلى تطبيق السعودية ما جاء في كتاب الله -عز وجل- بهذا الخصوص لتحقيق مبدأ العدالة، إذ جاء في سورة الإسراء آية 15"من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"وقد اهتم النظام الأساسي للحكم في السعودية بهذا الموضوع، فأفرد له مادة في الباب الخامس ? الحقوق والواجبات ? المادة ال"38". العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي". هذا هو الفرق بين دولة طفولية السلوك ودولة ناضجة السلوك. باحث سعودي في"الجيوبولتيك" [email protected]