تبدو السعودية منى عبدالله في العقد السادس من عمرها، على رغم انها لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها. والسبب كثرة الأمراض التي"تكاتفت"لتدمر جسم تلك السيدة وتحول ربيع عمرها الى خريف قاتم مليء بالآلام والأحزان التي حلت في منزلها منذ أربع سنوات، فجعلتها تبدو أكبر من عمرها الحقيقي بكثير. وهذه الأمراض لم تجعل منى غير متحملة الآلام فحسب، بل جعلتها أيضاً غير قادرة على تحمل طلبات أبنائها بالخروج من المنزل. وهي تشعر بطعنة في قلبها، ما أن تسمع أحدهم يقول لها"نريد الخروج في الإجازة الأسبوعية". فهي أصبحت تكره الخروج مع أطفالها، سواء للنزهة أو التبضع في المراكز التجارية، على غرار باقي الأمهات. وتسبب مرض السرطان في القضاء على جسدها النحيل، وأضفى على وجهها علامات الشحوب والإرهاق. وتقول بيأس طاغٍ:"دوام الحال من المحال". وعملت منى في إحدى المدارس الحكومية، في وظيفة إدارية، لكنها أصبحت الآن مقعدة في منزلها، لا تستطيع الحراك، ولا تملك المال لتساعد زوجها في الإنفاق على أسرتهما، المكونة من طفلين. وقبل أربع سنوات كانت في كامل قوتها، حتى أن زميلاتها في المدرسة كن يشبهنها ب"نحلة المدرسة". وتقول:"كنت أعيش في سعادة مع أبنائي وزوجي". في أحد الأيام شعرت منى بوعكة بسيطة، وعند مراجعتها المستشفى لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، تبين أنها مصابة بمرض سرطان الثدي. وبعد علاج دام نحو سنة، قرر الأطباء استئصاله. وتضيف"توقعت أن الاستئصال سينهي معاناتي، إلا إنها كانت البداية مع الآلام، التي أنهكت صحتي". وخضعت لعلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، حيث اكتشف الأطباء إصابتها ب"فقر دم حاد ذاتي المناعة"، ولا يستجيب للعلاج والعقاقير، كما اكتشفوا نقصاً حاداً في الهيموغلوبين. وتقول:"قرر الأطباء إخضاعي للمتابعة كل أسبوعين، لفحص عدد كريات الدم، ولعدم استجابة جسدي للعلاج، أصبت بالإرهاق الجسدي، وأصبت بشلل نصفي". وانتهى خلال هذه الفترة رصيدها من الإجازات، وأصبحت مقعدة عن العمل. ولم يتوقف الأمر عليها، بل شمل زوجها، الذي وقف معها ورافقها في رحلة العلاج، ما أثر على عمله، وبدأت الخصومات تتوالى على راتبه، الذي أصبح لا يكفي مصروفات المعيشة وعلاج الزوجة، لأن علاجها يتطلب وقتاً طويلاً، وعلى شكل جلسات يومية. وتدهورت حالة منى، إذ أصيب بجلطات عدة في القلب. وتقول:"إن عودتي الأخيرة من الرياض كانت أكثر مأساوية، إذ عدت مقعدة ومصابة بشلل نصفي، ولا أملك المال لشراء كرسي متحرك، أو حتى مواصلة علاجي، لأن العلاج يتطلب السكن في الرياض".