برزت اسئلة حول السند القانوني لهجوم اميركي على سورية. وهل تسمح الظروف الدولية والاقليمية بمثل هذا التدخل الغربي العسكري؟ لا شك في ان اميركا عاجزة عن توسل المغامرات العسكرية في الشرق الاوسط للحفاظ على امنها كما كانت تفعل في الماضي. فالاضطرابات في هذه المنطقة المتأزمة ليست مؤاتية لشن مغامرات اميركية جديدة في سورية. والمشكلات التي نزلت على الولاياتالمتحدة جراء تدخلها العسكري في العراقوافغانستان والصومال واليمن شرّعت الابواب على أزمات وازنة. ولذا، يعصى تصور التورط الاميركي في حرب على سورية. فمثل هذه الخطوة ستشعل المنطقة من جديد، وهي صنو اضرام النيران في صفيحة بارود. وليس في المتناول اطفاء النار هذه بسرعة. دولياً، يبدو ان إقناع الأسرة الدولية واعضاء مجلس الامن الدولي بالتدخل في شؤون دولة مستقلة تحت البند السابع، عسير. ولا غنى عن احتساب مواقف الصين وروسيا المعارضتين، الى اليوم، مثل هذا الاجراء. ويُسقط توسل إحداهما بالفيتو حق النقض أي قرار يصدره مجلس الامن الدولي. وتنوخ الولاياتالمتحدة تحت ثقل الركود الاقتصادي الذي ضرب الاقتصاد الاميركي في 2008. وتشير المؤشرات الاقتصادية الاميركية الى ان هذا البلد لا يتحمل كلفة الدخول في حرب جديدة، ويُتوقع ان يواجه قرار التدخل معارضة تحاكي ما حصل في قضية وول ستريت. ووفق التقديرات، تفوق خسارة الولاياتالمتحدة 1500 بليون دولار في افغانستانوالعراق مقابل انجازات متواضعة لا تسوغ الخسائر هذه. واذا افترضنا جدلاً أن واشنطن تريد السيطرة على كامل النفط العراقي، تحتاج الى سنوات كثيرة لتغطية مصاريفها في الحرب. وتسعى اميركا الى تقليص اعتمادها على نفط الشرق الاوسط والاعتماد على انتاجها النفطي الداخلي، والاتجاه أو الاستدارة الى دول الشرق الاقصى. يرى بعض المراقبين ان وزارة الدفاع الاميركية تريد تذليل مشكلاتها الكثيرة في اكثر من منطقة في العالم من طريق إشعال فتيل حرب ما. ويبدو ان سورية مرشحة لمثل هذا السيناريو لتسويغ مصاريف الحرب الاميركية. ولكن الأغلب على الظن أن اميركا لن تجني فائدة تذكر من حرب تشنها في هذه المنطقة او تلك. واذا ما أشعلت نيران جديدة فستكون الغارقة الأولى في مستنقع تلك الحرب. ويسود اعتقاد ان اميركا ليست على وشك شن هجوم عسكري على سورية، بل تسعى الى خدمة مصالحها السياسية في سورية من طريق توسل خيارات تخريبية وتجسسية. فأحوال سورية لا تسمح بعمليات عسكرية كبيرة، ولو كانت محدودة. فالولاياتالمتحدة ادركت ان الحرب بالنيابة ترتجى منها الفائدة وتخدم مصالحها. * محلل، عن"تهران امروز"الايرانية، 25/8/2013، إعداد محمد صالح صدقيان