لطالم حلم البشر بأن يعيشوا عصوراً تسبق عصورهم، فمن المثير حقاً أن نتخيل ونعرف كيف ستكون الحياة بعد خمسة أو ستة عقود، أقول عقوداً لا قروناً، لأنني على الصعيد الشخصي أود أن أعرف كيف ستكون الحال بعد 5 أو 6 أشهر فقط، فالربيع الساخن الذي نعيشه الآن على مدار أكثر من عام ينبئ اليوم بأن الصيف سيكون أكثر سخونة والتهاباً، فملامح مصير أمتنا العربية، سترسمها الشهور المفصلية المقبلة. السياسة باتت اليوم اللعبة الشعبية الأولى في عالمنا العربي، فسحبت بأحداثها المثيرة المتلاحقة البساط من كرة القدم، وصارت تستحوذ على قدر أكبر من الاهتمام والمتابعة. ومنذ بداية عام 2011 أصبحت شوارع وميادين المدن العربية أشهر وأهم من ملاعبها، وأصبحت حقوق النقل التلفزيوني من شارع محمد الخامس وميادين التحرير والتغيير وباب عمرو أغلى من كل الملاعب. منذ زمن طويل امتزجت الرياضة بالسياسة، لكن ليس بالقدر الذي وصلت إليه في استاد بورسعيد، فالقتلى 73، والمتهمون أيضاً 73 وحتى العدالة اختلط مفهومها. فأصبح مطلوباً من اتحاد الكرة أن يقوم بدور محكمة الجنايات! فالأهلي يطالب بإعدام المصري، غير قانع بعقوبة تجميد النادي المصري لموسمين... وكأن المتهمين من"البلطجية"ولاعبي المصري سواسية.. جماهير بورسعيد أيضاً ترفض العقوبة، فيمنعون 35 ألف عامل وموظف من محافظات مصر من دخول بورسعيد لمزاولة أعمالهم.. وينزل التراس الأهلي إلى دار القضاء ومقر مجلس الوزراء، بينما يحاول ألتراس المصري اقتحام هيئة قناة السويس في بورسعيد.. وما زال العرض مستمراً، في حين يقترح رئيس وزراء مصر الدكتور الجنزوري على النادي المصري اللجوء إلى"فيفا". مصيبة في صورة ملهاة تراجيدية لا نعلم إلى أين ستنتهي؟!.. خصوصاً عندما يواكب ذلك، لعب من نوع آخر يقوم به الساسة في مباراة"الدستور"، وسباق المئة متر بين مرشحي الرئاسة! أتوق أيضاً لمعرفة ما ستؤول إلى المنافسة هذا الصيف في ألعاب لندن الأولمبية، وقبلها في كأس الأمم الأوروبية.. وأيضاً ما ستسفر عنه معركة الرئاسة في بيت الاتحاد الآسيوي، المرهونة بمعركة أخرى ستحسم في 18 نيسان أبريل المقبل من الرئيس للاتحاد الآسيوي محمد بن همام ورئيس"فيفا"جوزيف بلاتر، عندما تصدر المحكمة الرياضية في سويسرا حكمها... ولم يعد خافياً أن هناك توجساً وترقباً يسيطران على البيت الآسيوي في انتظار ما سيحدث، وهو ما انعكس حتى على من أعلنوا أنفسهم مرشحين لمنصب الرئيس... لا حس ولا خبر عن زيلونخ والسركال والشيخ سلمان.. فلم يتحرك أحدهم جدياً إلا بعد 18 أبريل.. كثيرون يقولون ابن همام انتهى.. وقليلون من يرون احتمال أن يخرج لهم حياً من القبر الذي دفنه فيه بلاتر! لم أعد أشك لحظة أن كثيرين سيسقطون ميادين الرياضة والسياسة، قبل أن تنتهي أيام الصيف! وتحت ضغط الأحداث المتلاحقة، لم نعد ننظر إلى الأمام، بقدر ما ننظر إلى موطئ الأقدام! [email protected]