تعتبر فكرة إدخال مذكرة حقوق الإنسان في نصوص الدستور المصري الجديد من أفضل المنجزات التي تحققها ثورة"الربيع العربي". معروف تاريخياً، ان مصر هي من أقدم الدول التي حققت اصلاحات متطورة في أسلوب الحكم منذ زمن الفراعنة. ثم تبعها في هذا المجال الاغريق والرومان. كذلك اشتهر المماليك بتطبيقهم العدالة حتى في الثكنات العسكرية. ولما هيمنت الامبراطورية العثمانية على الدول العربية، طبقت الشريعة الاسلامية كقانون للحكم، وانما بطريقة غير صحيحة. وبعد ان ضعفت الامبراطورية العثمانية، صاغ علماء مصر ومثقفوها دستوراً يراعي حقوق الحاكم والمواطن معاً. وفي كل مرحلة من مراحل الحكم، كان الدستور يخضع لتعديلات جديدة تؤمن مصلحة المواطن في الحرية والديموقراطية. بعد حلول"الربيع العربي"تقدم الدكتور احمد الطيب، شيخ الازهر، بمبادرة جريئة تقضي بضرورة ادخال نصوص حقوق المواطن في الدستور الجديد، والسماح له بممارسة حقه الديموقراطي ومنحه الحرية في القول والكتابة والمعتقد والبحث العلمي والفني، وكل ما يتعلق بحقوقه الانسانية المشروعة. كما دعا الدكتور الطيب في مبادرته الطيبة، الى احترام حقوق المرأة واعتبارها شريكة في مختلف نشاطات الحياة. صحيح ان الأديان السماوية تؤمن حقوق الانسان في كل زمان ومكان... ولكن مبادرة شيخ الازهر اعتبرت هذه الحقوق الضمانة الرسمية لصنع مستقبل أجيال تتوق الى الحرية والكرامة والعدالة. وبما ان نصوص الدستور المصري تحتضن المبادئ المشتركة التي تنبذ الفتنة والعنصرية والتعصب الأعمى، فإن مبادرة الدكتور الطيب تهدف الى انهاء عهود التسلط والاقتتال الطائفي البغيض. يجمع المشرعون على ان الدساتير تكتب من أجل الشعوب، وانها تخضع للتطور والتحديث، وتتكيف وفق حاجات كل دولة وطموحاتها. وهناك شعوب تعتمد الأعراف بديلاً من الدساتير مثل الشعب البريطاني، علماً أن وثيقة"ما غناكارتا"المكتوبة عام 1215 هي التي رسمت الخطوط العريضة المتعلقة بالحريات والمساواة والعدالة. اضافة الى هذا، لا بد من التنويه بأن كل الدول العربية التي حل بها"الربيع العربي"مثل تونس وليبيا ومصر، اعتمدت وضع دساتير تكفل المساواة وتكافؤ الفرص، وتحترم التعددية السياسية والثقافية. كمال التقي - أستاذ في القانون الدولي - بريد الكتروني