تتمتع"طيران الإمارات"بجرأة قلّ نظيرها. شركات عالمية أخرى تتريّث قبل التوسع والاستثمار في طائرات جديدة، في انتظار جلاء الأفق الضبابي الذي يغلّف الأوضاع في مجال النقل الجوي. تنتظر وضوح الرؤية بالنسبة الى أسعار النفط، وتقليص خسائرها الناتجة منها ومن تباطؤ نشاطها من جراء الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة. تبحث عن مصادر لردم هذه الهوة التي أرغمت شركات ضخمة على الاندماج حصراً للنفقات. المنافسة ضارية في القطاع، والغلبة لمن يحسن الابتكار ويملك الرؤية الصائبة والشاملة، لمن يعرف الالتفاف على العوائق والحواجز. وحتى لمن يملك هذه المقومات، النجاح ليس مؤكداً مئة في المئة. أوضاع القطاع اليوم غيرها في الأمس. الناقلة الإماراتية تملك هذه الصفات، مع كمّ هائل من الجرأة. لم تكتفِ بتحديث أسطولها وزيادة عديده، بل تعدت ذلك الى فتح خطوط جديدة، وتُحضّر لإطلاق أخرى، في وقت يسعى غيرها الى شراكات في هذا المجال. في هذا الإطار تندرج الخدمة اليومية الجديدة التي أطلقتها"طيران الإمارات"الى جنيف في سويسرا، في الأول من الشهر الجاري، والتي أصبحت المحطة الرقم 111 ضمن شبكة خطوطها العالمية، والسادسة والعشرين في أوروبا والمدينة الثانية التي تخدمها في سويسرا بعد زيورخ. هناك من يهمس وراء الكواليس ان الخطوة قد تمهد لتوأمة محتملة بين دبيوجنيف! وللمناسبة، دعت الناقلة الإماراتية صحافيين من دول عدة، للمشاركة في الرحلة الأولى الى المدينة السويسرية، ضمن برنامج منظم أقل ما يقال فيه انه يعبر عن احترامها لوسائل الإعلام، وعن حسن الضيافة. وتنعّم الجميع فعلاً بوسائل الرفاهية على متن الطائرة إضافة الى الوجبات التي تضاهي ما تقدمه مطاعم فاخرة. وكدليل على مكانتها العالمية، كان الاحتفاء بوصول الرحلة الأولى الى مطار جنيف، والاهتمام الواضح من السلطات الرسمية بهذا الحدث، بحضور ممثلين عن الحكومة الاتحادية، على رأسهم مستشار كانتون جنيف، رئيس مجلس إدارة مطارها فرانسوا لونشان، ومسؤولون محليون من الشركة، وتحلّق الجميع حول رئيسها تيم كلارك. وفي نهاية الاستقبال السريع، عقد كلارك مؤتمراً صحافياً أجاب خلاله عن أسئلة رجال الإعلام. وأكد ان"طيران الإمارات"تواصل توسيع شبكتها العالمية مدفوعة بالنتائج المالية الممتازة التي تواصل تحقيقها سنة بعد أخرى. وقال:"تكتسب هذه الخدمة طابعاً عالمياً خاصاً، فهي تربط بين دبي، المحور الرئيس لحركة الطيران العالمية والمركز العالمي للتجارة والسياحة، مع جنيف التي تحتضن مقار الكثير من المنظمات الدولية والشركات العالمية والمؤسسات المالية والمصرفية الكبرى". ورحب لونشان بوصول الناقلة الإماراتية الى جنيف قائلاً:"أصبح العالم ينظر الى طيران الإمارات كعنوان للفخامة والخدمات المتميزة". ورد كلارك على أسئلة الصحافيين، مشيراً الى ان الوجهة الجديدة تقدم خياراً للمسافرين الذين كانوا يصلون الى جنيف من طريق فرانكفورت أو زيورخ. وأعرب عن تفاؤله بنتائج هذا القرار المدروس، تاركاً للوقت ان يشهد على ذلك. ورداً على سؤال ل"الحياة"عن قدرة الشركة على مواجهة الوضع الاقتصادي العالمي بعد الأزمة الأخيرة، ما يتطلب الكثير من الجرأة والدرس على ضوء التباطؤ العام والركود، أجاب ممازحاً:"ركود؟ أي ركود"؟ وأكد ان القرار أتخذ بعد دراسات موسعة، خصوصاً ان جنيف تعتبر"مفتاحاً"في أوروبا وسأل:"هل كنا وصلنا الى السنغال لو لم نكن واثقين من أنفسنا"؟ ونذكر في هذا المجال ان الاتحاد الأوروبي قرر فرض رسوم انبعاثات كربون على شركات الطيران الأجنبية، اعتبرها بعضهم سلاحاً لمواجهة المنافسة. وفي المساء أقامت الشركة حفلة استقبال شارك فيها أكثر من 400 مدعو للاحتفال بالحدث. وكانت"طيران الإمارات"نظمت في أواخر آذار مارس، عرضاً نقالاً في جنيف شهده 600 من ممثلي قطاع السفر، لإلقاء الضوء على خدماتها ومنتجاتها المتفوقة ومحطاتها العالمية التي تخدمها انطلاقاً من مركزها الرئيس في دبي. وتم خلال العرض إطلاع الضيوف على الجناح الخاص بالدرجة الأولى على طائرة"أرباص أ380"، التي نقلت أكثر من 4 ملايين راكب من مختلف محطاتها حول العالم، وتعريفهم بالمنتجات المتفوقة التي توفرها الطائرة ذات الطبقتين. وتعمل الخدمة الجديدة بطائرات"بوينغ 777- 200 إل آر"و 777- 300 ئي آر"مقسمة إلى ثلاث درجات وتوفر أجنحة خاصة في الدرجة الأولى ومقاعد تتحول إلى أسرّة شبه مستوية في درجة رجال الأعمال، ومقاعد مريحة مع مسافات رحبة بين الصفوف في الدرجة السياحية. وقال النائب الأول لرئيس دائرة العمليات التجارية في"طيران الإمارات"ريتشارد فون:"تعتبر جنيف بوابتنا الثانية إلى سويسرا بعد زيوريخ. ونحن نتوقع طلباً قوياً على رحلاتنا إلى جنيف سواء من السياح الذين يتطلعون إلى قضاء عطلات مميزة، أو رجال الأعمال والتجار، باعتبارها مركزاً رئيساً للمال والأعمال يحتضن مئات الشركات العالمية". يذكر ان سويسرا انضمت إلى شبكة خطوط"طيران الإمارات"عام 1992 عندما بدأت خدمة زيوريخ. وتأتي خدمة جنيف اليوم، كأحدث إضافة إلى شبكتها في أوروبا، لتعبر عن قوة التزام الشركة نحو تلك الدولة. وكان رئيسها الأعلى الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم قال في هذا المجال:"أظهرت دراسات أجريناها طلباً عالياً على هذا الخط من مختلف محطات شبكتنا، سواء من رجال الأعمال والمصرفيين أم السياح الذين يتطلعون إلى قضاء عطلات ممتعة صيفاً والاستمتاع بالرياضات الشتوية". وتتوقع الناقلة الاستغلال الكامل لطاقة الشحن المتوافرة على كل طائرة، والتي تتراوح بين 15 و20 طناً لكل رحلة، وأن تنقل من جنيف شحنات ثمينة مثل الساعات والمنتجات الفاخرة والشحنات الديبلوماسية وشحنات الإغاثة للصليب الأحمر ومنتجات الأدوية والإلكترونيات.