رفض حلف"الناتو"طلب روسيا إنشاء درع صاروخية مشتركة واحدة ومنحها ضمانات خطية تلتزم عدم استخدام الدرع ضدها. لذا، يفترض بموسكو اتخاذ رد مناسب على الرفض هذا. ففي الأعوام القليلة المقبلة، ستحاط روسيا بصواريخ على مقربة من حدودها مع بولندا ورومانيا وربما مع بلغاريا. وعليه، تبرز الحاجة إلى إعداد موسكو لحرب ساخنة، على ما يرى كونستانتين سيفكوف. وهي حذرت موسكو من اندلاع سباق تسلح تعصى نتائجه التصور. والموقف الأميركي هو السبب في مواقف"الناتو"الجديدة. فواشنطن لم ترغب يوماً في إشراك روسيا في درع صاروخية تضع أوروبا تحت مظلة روسيا النووية. فالقارة الأوروبية لم تفقد أهميتها. وترى أميركا أن حضارة واحدة تجمعها مع أوروبا. وفي رؤية"الناتو"الجديدة للعقد القادم، غاب ذكر التعاون مع روسيا في الدرع الصاروخية. والغياب هذا يتعارض مع البند الخامس لمعاهدة واشنطن المؤسسة"للناتو". وان نشر الدرع الصاروخية على حدود روسيا هو خطوة ضرورية ليحيد"الناتو"القدرات النووية التكتيكية والاستراتيجية الروسية. أما التعاون الذي يشار إليه فيرمي إلى حيازة الصواريخ الروسية للتدرب على تدميرها. ويبدو أن نشر الغرب الدرع الصاروخية وثيق الصلة بأزمته المالية - الاقتصادية ونتائجها. فالأزمة هذه كشفت مديونية أميركا الشمالية الضخمة لجهات كثيرة، خصوصاً للصين والدول المنتجة للنفط. والدرع الصاروخية هي أداة مهمة لشن حرب للتخلص عسكرياً من الديون، ولحمل الدول النفطية على قطع مصادر الطاقة عن الصين. والحرب هذه قد تكون بديلاً عن إقصاء الأوليغارشية المالية الغربية وتغيير البنية الاقتصادية - السياسية الغربية. ولا شك في أن مركز الثقل في الصراع العالمي الاستراتيجي والاقتصادي انتقل إلى منطقة آسيا- المحيط الهندي. وإذا نشأ نزاع شامل بين الغرب ودول مجموعة"بريكس"البرازيلوروسيا والهند والصين وأفريقيا الجنوبية، برزت أهمية الدور الروسي. فإذا تضامنت موسكو مع مجموعة"بريكس"، برز حلف واحد نووي جزئياً في أورو- آسيا. وقلق روسيا من اقتراب الآلة العسكرية والدرع الصاروخية الغربية من حدودها مفهوم وفي محله. وبعض القوى تريد استدراج روسيا إلى سباق تسلح لإنهاك قدراتها المالية والاقتصادية. وحري بموسكو إيلاء الأهمية لعاملين أساسيين: الأول هو العامل العسكري- التقني الذي يفترض إعلاء شأن السلاح المعاصر العالي الدقة والمعلومات، واعتبار السلاح النووي وسيلة قتال سياسي لا يجوز الاعتماد عليه اعتماداً شاملاً. والعامل الثاني سياسي يترتب عليه تعزيز الأنشطة الديبلوماسية الروسية لإقناع شركاء موسكو في"الناتو"بإرجاء نشر بعض عناصر الدرع الصاروخية. * صحافي و كاتب، عن"برافدا"الروسية، 9/6/2011، إعداد علي ماجد