يدخن ويشكو من سعال مزمن، ومن وقت إلى آخر يتقشع مفرزات ملطخة بخيوط من الدم. لم يكترث كثيراً لمعاناته. استمر على هذه الحال أكثر من ثلاث سنوات. أخذ يضيق نفسه. وبعد إلحاح شديد من زوجته ذهب إلى الطبيب يستشيره في أمره. الفحص الطبي السريري كشف عن وجود أصوات وخراخر غير طبيعية في الصدر. طلب الطبيب فحوصاً شعاعية فجاءت الصورة ناطقة، وبعد إجراء الخزعة والتحريات الإضافية، تبين أنه مصاب بسرطان في الرئة. السرطان مشكلة صحية كبيرة وهو لا يفرق بين كبير أو صغير ولا بين غني أو فقير. وهذا المرض ليس هو الذي يقتل بل انتشاراته الأخطبوطية التي تسافر إلى أي مكان في الجسم من دون تأشيرة لتقيم مستعمرات جديدة تأخذ حصتها من الغذاء والهواء والماء بالقوة على حساب غيرها من الخلايا النظامية. السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن الوقاية من السرطان؟ لا شك في أن السنوات الأخيرة حققت بعض الانتصارات المهمة على الورم الخبيث، ولكن إلى الآن، ما زال المرض هو الرابح الأكبر في المعركة، من هنا أهمية الوقاية لقطع الطريق على نشوء خلايا خبيثة لا ضابط لها تقود آجلاً أم عاجلاً إلى الهلاك، فالسرطان يعتبر أحد أكبر الأخطار التي تهدد عرين الصحة. ومع حلول العام الجديد حبذا لو شرعنا، رجالاً ونساء، في اتباع الوصايا العشر الآتية لقطع الطريق على هذا المرض: 1- لا تدخن. يجب التوقف فوراً عن التدخين، لأن لهذا السلوك فوائد جمة، فبعد عشرين دقيقة يعود ضغط الدم إلى وضعه الطبيعي، وترجع دقات القلب إلى سابق عهدها. وبعد ساعات يتلاشى غاز أول أوكسيد الكربون السام من الدم. وبعد نهار واحد تقل فرصة حدوث الأزمات القلبية. وبعد يومين تتحسن حاستا الشم والتذوق. وبعد ثلاثة أيام تتحسن الدورة الدموية. وبعد أشهر قليلة يختفي السعال والتعب وتدب الطاقة في الجسم وتختفي مادة القطران المتهمة بأنها وراء السرطان. وبعد 365 يوماً يتراجع خطر التعرض لسرطانات الرئة والفم والشفة والحنجرة والمريء والمثانة وعنق الرحم وتقل حوادث الوفاة بالأزمات القلبية. ويجب ألا ننسى ان التدخين السلبي يسبب سرطان الرئة كما التدخين الإيجابي. 2- لا تشرب الكحوليات. لقد أفادت الوكالة الدولية للسرطان ومنذ وقت طويل، بأن هناك علاقة ما بين استهلاك الحكول والورم الخبيث. إن الكحوليات مسؤولة عن 3 في المئة من السرطانات عند النساء وعن 10 في المئة من سرطانات الرجال. لقد أظهرت دراسة حديثة أنه حتى تناول كميات قليلة من الكحول يومياً يمكنها أن تزيد من أخطار الإصابة بسرطانات الفم والبلعوم والحبال الصوتية والمريء والكبد والأمعاء وسرطان الثدي عند النساء. 3- لا للسمنة. في دراسة أجراها باحثون من المعهد الوطني الأميركي بينت أن هناك 7 أنواع مختلفة من السرطان ترتبط بالسمنة، إن تزايد الشحوم في الجسم يتسبب في 49 في المئة من سرطان بطانة الرحم، و35 في المئة من سرطان المريء، و28 في المئة من سرطان البنكرياس، و24 في المئة من سرطان الكلية، و21 في المئة من سرطان المرارة، و17 في المئة من سرطان الثدي، و9 في المئة من سرطان القولون. 4- لا للمبالغة في التعرض لأشعة الشمس. إن الشمس هي السبب الأكبر لسرطان الجلد، فأشعتها تتغلغل في عمق الخلايا الجلدية محدثة فيها تبدلات طارئة تدفعها إلى التكاثر بسرعة وبالتالي إلى تشكل السرطان. إن الأشخاص الذين تعرضوا سابقاً للحروق الجلدية هم أكثر عرضة لسرطان الجلد. في المقابل، خلصت نتائج دراسة قام بها فريق من جامعة أوكسفورد في بريطانيا، إلى أن التعرض للشمس لمدة 20 دقيقة يومياً يمكن أن يؤثر على أكثر من 200 نوع من الجينات بما في ذلك تلك التي تقوم بدور مهم في الوقاية من السرطانات. عدا هذا وذاك، فإن البحاثة في جامعة بوسطن الأميركية يعتقدون بأن التعرض القليل للشمس يشجع على صنع الفيتامين د الذي يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون. 5- الحذر من المواد الكيماوية المسرطنة. هناك مركبات كيماوية كثيرة يمكنها أن تتسلل إلى الجسم لتثير فيه السرطان، وهذه المركبات يمكن أن تجد طريقها إلى الخلايا عن طريق الاستنشاق والأغذية أو عن طريق الجلد. وطبعاً لا يجب أن يغيب عن الأذهان بعض السلوكيات الخاطئة التي تساهم في تشكل مواد مسرطنة مثل القلي بالزيت نفسه مرات كثيرة، وقلي النشويات في درجات حرارة عالية، والشواء، واستعمال طريقة التدخين. 6- الإكثار من تناول الحبوب والخضروات والفواكه. لقد أجمعت الدراسات على الدور الإيجابي الذي تلعبه هذه الأطعمة في التصدي للسرطان ومقاومته. إن 30 في المئة من سرطانات القولون والثدي والبروستاتة ترتبط بالتغذية، من هنا أهمية الحمية الغذائية المرتكزة على الخضروات والفواكه والحبوب لأنها غنية بالألياف الغذائية ومضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات التي تلعب دوراً بارزاً في الحماية من السرطان. إن الانخفاض النسبي في استهلاك تلك الأغذية، وكثرة استهلاك الأطعمة المكررة والغنية بالدهون والسكر يفسران تزايد الإصابة ببعض أنواع السرطان. 7- المراقبة الدورية للثدي عند المرأة والبروستاتة عند الرجل كل سنتين مرة بعد الخمسين من العمر بالفحوص الطبية اللازمة. 8- تجنب الإصابة ببعض الأمراض الفيروسية التي تساهم في نشوء السرطان مثل التهابات الكبد الفيروسية، ونقص المناعة المكتسب، ومرض الورم الحليمي البشري. 9- تناول جرعات قليلة من الأسبيرين، فالدراسات أوضحت إلى أن الرجال الذين يأخذونه يعانون من خطر أقل بالإصابة بسرطان القولون وربما سرطان البروستاتة. 10- ممارسة الرياضة بانتظام، فهي ترتبط بتراجع خطر التعرض لسرطانات القولون والبروستاتة عند الرجال، وسرطان الثدي عند النساء، وربما سرطان آخر في الأعضاء التناسلية. - ضرورة استشارة الطبيب في شكل منتظم عند الشكوى من العوارض والعلامات الآتية: - البحة في الصوت. - الخسارة الكبيرة في الوزن. - النزف الدموي من الشرج أو في البول. - السعال المزمن خصوصاً اذا ترافق مع خروج الدم. - الإمساك أو الإسهال المزمن. - تلمس وجود كتلة في الثدي. - ضخامة في العقد اللمفاوية في الرقبة أو في المغبن. - تبدلات في شكل الشامات أو لونها أو حجمها على سطح الجلد.