كفّت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة التي تقودها حركة"حماس"في قطاع غزة عن صمتها، وفجرت أكثر من قنبلة في ملف العملاء والمتعاونين مع أجهزة الأمن الاسرائيلية، اذ استعرضت خلال مؤتمر صحافي عقدته في مدينة غزة أمس عدداً من من القضايا التي تمكن ضباط جهاز الأمن الداخلي التابع للوزارة من فك طلاسمها والوصول الى عدد من العملاء الذين ساهموا في قتل مقاومين فلسطينيين، تحديداً من حركات"فتح"و"حماس"و"الجهاد الاسلامي". وبدا أن الوزارة سعت الى توجيه رسالة الى اسرائيل بأن جهازها الأمني وجه ضربة موجعة الى جهاز الأمن العام الاسرائيلي"شاباك"الذي يبذل عادة جهوداً كبيرة في تجنيد عملاء فلسطينيين لمعاونته على تنفيذ جرائم القصف من الجو والاغتيالات على الأرض، اذ اعلنت كشف العملاء وعرض أجهزة متطورة جداً استخدموها في اجراء الاتصالات وتصوير المواقع والممتلكات والأفراد. كما سعت الوزارة الى توجيه رسائل الى السلطة التي تقودها حركة"فتح"في الضفة الغربية، من خلال توجيه اتهام بالعمالة خلال الحرب الاخيرة على قطاع غزة الى الطبيب"الفتحاوي"جمعة السقا، واتهامه بالتنسيق مع الاحتلال والسلطة من أجل"الهروب"الى الضفة قبل أسابيع قليلة. في الوقت نفسه، هدفت الوزارة ايضاً الى توجيه رسالة قوية الى العملاء بالتوبة قبل فوات الاوان، خصوصاً انها أنهت قبل أسابيع"حملة التوبة". أما الرسالة الأهم التي سعت الوزارة الى توجيهها، فتمثلت في محاولتها قطع دابر الاشاعات الكثيرة التي انتشرت بسرعة كبيرة وتفشت في القطاع خلال الأسابيع الاخيرة. وبدا أن المؤتمر الصحافي جاء على عجل، إذ اعلنت الوزارة عن تنظيمه في ساعة متقدمة من ليل الأربعاء - الخميس، علماً أن مصدراً حكومياً رفيعاً قال ل"الحياة"في وقت سابق أن الحكومة ألغت عقده، واستعاضت عنه بتصريح نشرته على موقعها الالكتروني قبل ثلاثة أيام، في وقت كانت الاشاعات تطاول عدداً من الشخصيات الاعتبارية والرسمية وشبه الرسمية. واستعرض الناطق باسم وزارة الداخلية إيهاب الغصين في المؤتمر الصحافي المشترك مع نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي المقدم محمد لافي المهمات القذرة التي نفذها العملاء، وقال إن"الأجهزة المختصة نجحت في الحصول على اعترافات خطيرة وكشفت العديد من العملاء الذين وقفوا وراء عمليات اغتيال قيادات من المقاومة وتنفيذ سياسة مخابرات العدو تجاه شعبنا وقواه المقاومة". وأضاف أن مهمات العملاء تناولت"رصد ومتابعة أماكن ومواقع المقاومة وبيوت القيادات الفلسطينية من أجل استهدافها، اذ تم استهداف بعضها فعلاً"، اضافة الى"زرع عبوات في أماكن المرابطين على الحدود ومواقع التدريب للمقاومة بهدف قتلهم، وبعضها انفجر في عدد من المواطنين وأدى إلى استشهاد وإصابة الكثيرين". وأشار الى"الاستفادة من حال الانقسام في تجميع معلومات أمنية قامت بها عناصر تتبع لحركة فتح عن قيادات في الحكومة والفصائل الفلسطينية وتحركاتها"، علاوة على"العمل على اختراق فصائل المقاومة لتحقيق العديد من المهمات المخابراتية تجاه عناصر ومواقع هذه الفصائل". وقسم الغصين أهم المهمات التي نفذها العملاء الى ثلاثة محاور، الأول يتمثل في تغذية وتحديث"بنك المعلومات"لدى"شاباك"، ما أسفر عن اغتيال عدد من أبرز قادة الأذرع العسكرية، من بينه القائد العام ل"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الاسلامي"، وعدد من قادة"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"وزوجاتهم وأطفالهم، وآخرين من حركة"فتح"والسلفيين الجاديين وغيرهم. وقال الغصين إن"من بين العملاء الذين كان لهم دور خلال الحرب الاخيرة على القطاع المدعو مدير العلاقات العامة السابق الدكتور جمعة السقا، وهو صاحب ملف أمني لدى الأجهزة الأمنية... وأثناء انتظار إنهاء الإجراءات القانونية اللازمة لاعتقاله، وعندما صدر قرار باعتقاله، تواصل مع سلطة رام الله بالتنسيق مع مخابرات العدو من أجل الهرب ونجح بالهرب إلى رام الله". وأضاف أن"السقا متهم بالعمالة مع وجود دلائل تؤكد هذه التهمة، وستتم متابعة إجراءات محاكمته غيابياً". وفي المحور الثاني، استعرض الغصين بعض"المهمات الإجرامية"التي نفذها العملاء"بتوجيهات مباشرة من مخابرات العدو"، من بينها"اعتراف أكثر من عميل بأن ضباط المخابرات الصهيونية قاموا بتكليفهم بوضع عبوات ناسفة داخل المقرات الأمنية والمقرات التي تتبع للمقاومة، وأبلغوهم بأن هذا القرار تم اتخاذه من أعلى مستوى للقيادات الأمنية في الكيان الصهيوني، وتم فعلاً تنفيذ هذه الأوامر، لكن بفضل الله وتوفيقه تم اعتقال البعض وهو في مرحلة إعداد وضع هذه العبوات". ولفت في المحور الثالث الى مهمة"اختراق فصائل المقاومة"التي أوكلها"شاباك"لعملائه، من دون أن يسمي هذه الفصائل بالاسم. وأشار الى أن"الاحتلال سعى الى اختراق فصائل المقاومة، وتم اعتقال عملاء استطاعوا اختراق بعض هذه الفصائل، وذلك من خلال انضمامهم الى صفوف المقاومة والعمل على نيل ثقة قيادة المقاومة". ووصف قضية العملاء بأنها"خطيرة ... وأن شعبنا شعب مرابط يعمل من أجل تحرير نفسه من الاحتلال ويحارب أعداءه بشراسة وقوة وقدم آلاف الشهداء والنماذج البطولية الرائعة التي يفخر بها". ورأى أن"الاحتلال عجز عن تحويل قطاع غزة إلى مستنقع من العمالة والخيانة". وعن الاشاعات التي تُروج في الشارع الفلسطيني، قال الغصين أن"طرفين أساسيين يقومان بها، هما مخابرات الاحتلال، ومواقع حركة فتح على شبكة الانترنت لإرباك الساحة الوطنية وتشويه الانجاز الذي حققته الأجهزة الأمنية". وأقر بأن الإشاعات تناولت اخيراً"أعراض العديد من الرموز والقيادات الوطنية والقطاعات الخدماتية"، ووصفها بأنها"غير صحيحة مطلقاً، وتحديداً ما تم التركيز عليه في القطاع الصحي". وقال:"ليس لدينا في الأجهزة الأمنية أي طبيب أو موظف في الخدمات الصحية معتقلاً سوى موظف واحد هو الآن قيد التحقيق، وما روّج في الشارع عن تفاصيل من اعترافات هذا الموظف غير دقيقة".