تتردد مقولة في أوساط الطلاب في روسيا، مفادها، أن"الحياة الجامعية حلوة بين امتحانين". وعلى رغم أن العبارة تخفي شكوى من"عدم حلاوة"موسم الامتحانات، لكن الأهم فيها انها تعكس مزاجاً يرى في الحياة الجامعية فرصة مهمة لإبراز المواهب والطاقات التي ستكون برأي كثير من الطلاب"مفيدة في الحياة العملية أكثر من الشهادة ذاتها". هذا هو السبب الأساس وراء انتشار وتعدد النوادي النشاطية في الجامعات. ولهذا السب فإن نشاط تلك النوادي محصور تقريباً بالرياضة والتمثيل وبعض النشاطات الأخرى التي"لها مستقبل"كما يقول البعض. في حين نادراً ما تجد في روسيا ناديا طالبياً اجتماعياً أو مهتماً بمناقشة قضايا فكرية مجردة. وتضم جميع الجامعات والمعاهد في روسيا قاعات مسارح وصالات رياضية ومسابح وملاعب واسعة لكرة القدم ومختلف أنواع الرياضات، تتيح لأي طالب المجال بالاشتراك في إحدى هذه الأنشطة أو أكثر. ويعتبر الطلاب أن الانضمام إلى أحد الأندية المختلفة في الجامعات من الممكن أن يفتح أمامه الطريق نحو الشهرة. في هذه الظروف، يستطيع الطالب أن يجد لنفسه الكثير من الأنشطة لتنمية مواهبه الدفينة وإخراجها إلى العلن إلى جانب الدراسة، بالانضمام إلى نوادي"المبدعين المرحين"مثلاً، التي لها وجود طاغ في كل جامعات البلاد، وهي عبارة عن نواد للتمثيل الفكاهي تجري سنوياً مسابقات تبث على شاشات التلفزة وباتت تحظى بحضور واسع على مستوى المشاهدين المتابعين، ما جعل أبطال هذه النوادي نجوماً تلفزيونيين. ومن الطبيعي أن يكتسب الطالب أثناء الدراسة الجامعية مهارات مختلفة من خلال ممارسته لهواياته، التي من الممكن أن تتحول إلى مهنة رئيسية في حياته. والعديد من الشخصيات البارزة في عالم الفن والمسرح والموسيقى والرياضة في روسيا شقوا طريقهم المهني في الحياة ليس عبر الشهادة الجامعية التي حصلوا عليها بعد سنوات من الدراسة، بل من المهارات التي اكتسبوها أثناء مشاركتهم في الأنشطة الجامعية المختلفة وخصوصاً الانضمام إلى نوادي"المبدعين المرحين"المشهورة على مستوى روسيا ورابطة الدول المستقلة، أو بالانضمام إلى إحدى الفرق الموسيقية الجامعية أو المسرح الجامعي. ويقول ديمتري فيلاتوف الطالب السابق في كلية الاقتصاد،"عندما انتسبت إلى الجامعة، كنت أرغب في أن تنتهي الحياة الطالبية بسرعة، لكن عندما بحثت عن فريق"المبدعين المرحين"، كنت قد دخلت المسرح الجامعي بطريق الخطأ، وكنت ألقي الشعر إلقاء سيئاً. لكني أعمل الآن في المسرح وأقضي بعض الليالي على الخشبة". أما بالنسبة للطلاب الأجانب أو القادمين من الأماكن البعيدة، فإن مثل هذه الأندية تلعب دوراً رئيسياً في حياتهم، نتيجة للظروف التي يعيشون بعيدين من الأهل وأصدقاء الدراسة والحي. فتكون هذه الأندية محفزاً كبيراً لتفجير طاقاتهم والظهور والتعبير عن الذات وملء الفراغ للتغلب على حياة الاغتراب. لا تقل مكانة الرياضة أهمية عن كل ما سبق، حيث تؤدي الرياضة أيضاً دوراً رئيسياً في حياة الجامعة والطلاب على حد سواء. وفوز فريق الجامعة في بطولات الفرق الجامعية التي تنظم على مستوى المدينة ومن ثم على مستوى الدولة من أولى اهتمامات إدارة الجامعة، وخصوصاً فريقي كرة القدم وكرة السلة بالنسبة للرجال وفرق الكرة الطائرة وألعاب القوى والجمباز بالنسبة للفتيات. وعادة ما تكون الفرق الرياضية القوية، هي فرق الأكاديميات والجامعات العسكرية والتقنية ومعاهد التربية البدنية. حيث نالت هذه الفرق العديد من الجوائز في المسابقات الروسية والدولية. وتجدر الإشارة إلى أن لدى جميع الجامعات والمعاهد الروسية كافة المستلزمات الضرورية ليمارس الطلاب مواهبهم، بدءاً من المسارح والصالات الرياضية المغلقة وأحواض السباحة وملاعب كرة القدم لممارسة مختلف أنواع الرياضات بما فيها رياضة الدفاع عن النفس واللياقة البدنية وتسلق الجبال وألعاب القوى وحتى اليوغا. وقامت إحدى جامعات موسكو بإدخال رياضة الرقص على الحبال والألعاب البهلوانية كأنواع جديدة من الرياضات إلى جانب تلك التقليدية. يبقى النشاط المسرحي من أهم الأنشطة الطالبية في الجامعات الروسية، والمسرح الأكثر شهرة هو"المسرح الطالبي المفتوح في موسكو"الذي تأسس في منتصف القرن الثامن عشر في جامعة موسكو الحكومية وتحول إلى مسرح طلاب الجامعة في عام 1958، ونال اسم"مسرح موسكو الحكومي المفتوح"في عام 1999. ويقدم عروضه ليس فقط على مسرح الجامعة بل على مسارح العاصمة أيضاً. اللافت للنظر، هو أن العديد من الممثلين والمسرحيين الروس المشهورين في عالم الفن والمسرح والتلفزيون شقوا طريقهم المهني عبر خشبة هذا المسرح. نشر في العدد: 17188 ت.م: 26-04-2010 ص: 27 ط: الرياض