أمير القصيم يزور مهرجان الفقع ويفتتح مبنى بلدية شري    خطة الاقتراض السنوية: مستحقات أصل الدين 38 ملياراً.. والعجز حوالى 101 مليار    قوات الاحتلال تواصل خرق هدنة 27 نوفمبر في لبنان    العدالة يتغلّب على الباطن برباعية في دوري يلو    «المرور»: استخدام الجوّال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الجوف    انطلاق عسير الشتوي    سفلتة وإنارة 47 حيا و60 طريقا بالشرقية    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة الشيخ فهد الحمري    4.494 حقيبة إيوائية في قطاع غزة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    تهنئة الكويت بنجاح تنظيم خليجي 26    "الجمعان" يباشر مهام عمله رئيساً تنفيذياً لنادي النصر    غداً الاثنين ..الإنتر وميلان في نهائي السوبر الإيطالي 2025    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    اعتماد لمنشآت التدريب التقني بالرياض    أمطار وبرد ورياح على 6 مناطق    «دوريات المجاهدين» تقبض على شخص لترويجه مادة «الميثامفيتامين»    قرية إرث.. وجهة سياحية وترفيهيه وثقافية في موسم شتاء جازان 2025    الأربعاء.. الإعلان عن الفائزين بجائزة الملك فيصل 2025    الثلوج تشل حركة الطيران والتنقل في إنجلترا وألمانيا    حرس الحدود بمنطقة مكة ينقذ مواطنيْن تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر    هيئة التأمين تبين منافع وثيقة التأمين على العيوب الخفية لحماية المشاريع الإنشائية وضمان جودتها    إنقاذ حياة خمسيني بإعادة بناء جدار القفص الصدري الأمامي    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بشقراء تكرم الفائزين بجائزة الجميح بأكثر من 100 ألف ريال    جمعية المساجد بالزلفي تُحدث نقلة نوعية في مشاريع بناء المساجد بتطبيق كود البناء السعودي    سعود بن نايف يستقبل سفير جمهورية السودان ومدير جوازات المنطقة الشرقية    رئيس وأعضاء لجنة أهالي البكيرية يشكرون أمير القصيم على رعايته "يوم الوفاء السابع"    فتح باب التطوع للراغبين في إغاثة الأشقاء بسوريا    "الإحصاء" انخفاض استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة بمقدار %7 في عام 2023    مستشفى الشرائع في انتظار التشغيل.. المبنى جاهز    هل تصبح خطوط موضة أزياء المرأة تقنية ؟    5 تصرفات يومية قد تتلف قلبك    أرض العُلا    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    إسطبل أبناء الملك عبدالله يتزعم الأبطال بثلاث كؤوس    فاتح ينطلق مع الشباب بمواجهتي الفيحاء والأهلي    «البرتقالي» يكمل مسارات «قطار الرياض»    ما مصير قوة الدولار في 2025 ؟    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    زيارة وفد الإدارة الجديدة للرياض.. تقدير مكانة المملكة ودعمها لاستقرار سوريا وتطلعات شعبها    «911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    «تليغرام» يتيح التحقق من الحسابات بتحديث جديد    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    حركية المجتمع بحركية القرار    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    ماريسكا: على تشيلسي أن يكون أكثر حسما    مشاعر الذكاء الاصطناعي    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    الفاشية.. إرهاب سياسي كبير !    القيادة التربوية نحو التمكين    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    ظلموه.. فمن ينصفه؟    كيف تُخمد الشائعات؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"واحدة لي وواحدة لبنت عمي": في الديبلوماسية التركية مع الأرمن
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 2010

كم تمنيت أن تكون مقالتي في نيسان أبريل هذه السنة مختلفة عن سابقاتها التي أواظب على كتابتها منذ سنوات في الصحافة الكويتية واللبنانية. وكم تمنيت أن تكون رسالتي هذه المرة مليئة بالتفاؤل والرضا بدلاً من التذمر والشكوى. إذ أن هذه الأمنية طبيعية لكل إنسان حرّ يعيش في حالة نفسية خالية من مشاعر الغبن. فلا تكون في أعماق نفسه دوافع مؤججة بسبب ضياع حقه وهدر كرامته الوطنية. فلا يملأ القهر والأسى قلبه لما تعرض له أجداده من ظلم شمل سلب أكثر من نصف مساحة أراضي وطنه وفقدان إرثه المادي والمعنوي ومعالم حضارته الراقية الممتدة لثلاث آلاف سنة على تلك الأرض، منذ عهود الأمبراطوريات والفراعنة والشهنشهات من الأزمان الغابرة.
في 10 تشرين الأول أكتوبر الماضي، وقع وزيرا خارجية أرمينيا وتركيا في زوريخ اتفاقية تفاهم - مصالحة وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وفي حضور نظرائهما في الدول الكبرى الراعية للاتفاقية. وقد وصفوا الخطوة بأنها صفحة جديدة للعلاقات الثنائية إذ شملت الاتفاقية شرط فتح الحدود المشتركة المغلقة من طرف تركيا خلال أسابيع من تاريخ التوقيع. وعندها غمرني إحساس مستجد هو إحساس الشخص الذي بعد جدال وصراعات كثيرة في قضية قانونية ومصيرية، توصل أخيراً إلى نتيجة قيل بأنها بداية بناء عهد يتسم بتعزيز التصالح والتقارب مع الخصم، بعد عداوة استمرت قروناً عدة.
لم تكن الاتفاقية في مجملها ترضي متطلبات الشعب الأرمني خصوصاً الجاليات المبعثرة حول العالم في المهجر. إذ لم تأت على ذكر إعادة أي من الحقوق المادية والمعنوية للأرمن والتعويض عنها، كما إنها لم تكن مرتبطة بأي وعود من مساهمات ومساعدات دولية متعلقة بالاتفاقية، بل كانت وببساطة بروتوكول إتفاقية بدء علاقات حسن الجوار مثل أي بلدين جارين. كما شملت تشكيل لجان متفرعة متخصصة لبحث المشاكل المتعلقة وحلها بين الدولتين بالطرق الرسمية المتعارف عليها. فلم يكن هناك أي سبب مجز للتفاؤل بالاتفاقية الا التفاؤل نفسه"تفاءلوا بالخير تجدوه".
تفاءلت بالخير وأنطلق ذهني إلى المستقبل. بنيت في خيالي كماً هائلاً من الإنجازات الضخمة للمرحلة المقبلة. كما حلمت بأرمينيا المتطورة إقتصادياً وصناعياً وسياحياً نتيجة رفع الحصار التركي عن حدودها الغربية. وهي الحدود الأهم بين منافذها لأن الأخرى جبلية وعرة، وغير مؤدية إلى أي شبكة مواصلات دولية من القطارات والموانئ المفتوحة. كما تخيلت الاستثمارات تتدفق ببلايين الدولارات على أرمينيا الواعدة وزيادة عدد السياح قاصدي معالمها الأثرية وطبيعتها الخلابة.
لست من الحالميين العاطفيين الذين يبنون قصوراً في الهواء، بل أنا من هواة الأفكار الواقعية والموضوعية. لكنني أعلم أنني استرسلت مع مخيلتي لتأخذني إلى تلك الأحلام تعلقاً ببصيص نور الاتفاقية ليس إلا. فكان من الطبيعي وبعد التسامي فوق الأسى والألم المترسّخ في النفوس منذ قرون، وبعد كل هذه التنازلات في الاتفاقية المذكورة أن تؤدي تلقائياً إلى ذلك الواقع الإفتراضي، أعني واقع الإنفراج الإقتصادي والإجتماعي معاً. فهذا المطلب هو أضعف الإيمان وإلا ما هو النفع من الإتفاقية ولماذا كل هذا الصخب أصلاً؟
لكن يا حسرتي لننظر معاً إلى ما حصل! لننظر معاً إلام انتهت توقعاتي وأحلام ملايين الأرمن، وكأن الأتراك قرأوا افكاري وحلوا شيفرة أحلامي فأرادوا تحطيمها. كما أني استحقيت شماتة من كانوا يعارضونني بالتفاؤل.
فعلى رغم معرفة الأتراك بحساسية موضوع الحدود الأرمنية - التركية المتنازع عليها وصعوبته، بدأوا بطرحه مجدداً طالبين بعد التوقيع على الاتفاقية أن يعترف الطرف الأرمني بهذه الحدود سلفاً كشرط لبدء تنفيذ الاتفاقية. كما أعادوا طرح موضوع تخلي الدولة الأرمنية مسبقاً وعلناً وتنازلها عن مطلب إعتراف الأتراك بالمجازر التي ارتكبها أسلافهم العثمانيون بحق مليون ونصف مليون أرمني وتهجير عدد مماثل منهم خلال الحرب العالمية الأولى. فأثاروا هذه الشروط على رغم علمهم بوجود عشرات البلدان لم تمنعها الخلافات الحدودية بالمضي قدماً بعلاقاتها الطبيعية بل دخلت في تحالفات وتجمعات إقليمية ودولية على أعلى المستويات.
والأهم إنهم لم يكتفوا بإضافة شروطهم التعجيزية لتنفيذ الاتفاقية، بل أضافوا شرطاً آخر يخص"أبناء عمومتهم"وهي أذربيجان. إذ أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أخيراً أن الحدود لن تفتح والعلاقات لن تستأنف مع الأرمن قبل الحصول على تنازلات لصالح أذربيجان، والتخلي عن أراضي منطقة ناغورنو قرة باخ أرض الأرمن وأجدادهم منذ آلاف السنين. وهو نزاع أرمينيا مع أذربيجان، وليس لتركيا أي علاقة مباشرة فيه من الناحية القانونية والأعراف الدولية. وهي أصلاً ليست طرفاً في هذا النزاع، بل تمثل دور البنت المشاكسة وفق مقولة:"اني آخذة واحدة لي وواحدة لبنت عمي".
هكذا، لم يتسنَ لي كتابة مقالتي بلهجة ونكهة التفاؤل التي كنت قد تمنيتها. نكهة لها طعم الرقي والحضارة وتفوح منها رائحة التسامح العصري المتمدن المؤدي إلى السلام المشترك بدل الأحقاد والنزاعات العقيمة. ولنا لقاء في مقالة السنة المقبلة في 24 نيسان، لعل وعسى!
كارو قيومجيان - الكويت - بريد إلكتروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.