أعلن صندوق النقد الدولي عن إطار تمويل من شأنه أن يعزز قدرة المؤسسة على زيادة مواردها لتمويل نشاطها الإقراضي ويستجيب في الوقت ذاته، لمخاوف أبدتها أطراف عدة، وخصوصاً الصين أخيراً، إزاء الآثار المحتملة لأزمة المال العالمية على مستقبل الاستثمارات الأجنبية الهائلة في الولاياتالمتحدة ورغبتها في تنويع احتياطاتها المقومة بالدولار. وقال المدير العام لصندوق النقد دومينيك ستروس - كان إن"إطار التمويل المبتكر الذي أقره المجلس التنفيذي الأربعاء، يدعم قدرة الصندوق على إيصال مساعدات عاجلة لدوله الأعضاء عندما تدعو الضرورة وفي أي مكان". وأن الإطار الجديد الذي يرتكز على إصدار أذونات مقوّمة بحقوق السحب الخاصة للمرة الأولى في تاريخ المؤسسة،"يوفر للأعضاء آلية للاستثمار الآمن". وجاء الإعلان عن برنامج أذونات حقوق السحب الخاصة، وهو أحد المقترحات التي عالجتها قمة مجموعة العشرين في لندن في نيسان أبريل الماضي، بعدما كشف مكتب التحليلات الاقتصادية في وزارة التجارة الأميركية الجمعة الفائت أن الاستثمارات الأجنبية في أميركا سجلت رقمين تاريخيين في رصيدها الإجمالي والخسائر التي لحقت بها بسبب أزمة المال في 2008. وشدد ستروس - كان على أن آلية التمويل الجديدة ومبادرات مشابهة تعكس التزام الصندوق والأعضاء، بالتصدي مباشرة لآثار أزمة المال والاقتصاد العالمية، لكن الصندوق لاحظ أن لائحة المرشحين للمشاركة في برنامج حقوق السحب تضم الدول الأكثر خشية على أصولها المقوّمة بالدولار مثل الصين، ودولاً تكبدت خسائر ضخمة جراء انهيار أسعار صرف عملاتها في مقابل الدولار مثل البرازيل وروسيا. ووفقاً للشروط التي أعلنها الصندوق، من المقرر أن يطلق برنامج أذونات حقوق السحب رسمياً لدى إنجاز أول اتفاق مع أي من الدول الأعضاء الراغبة في المشاركة، والتي ستحتفظ بحقها في تحديد حجم مشاركتها. وأعلنت الصين رغبتها في الاستحواذ على سندات بما يعادل 50 بليون دولار بينما اختارت البرازيل وروسيا شراء سندات بما يوازي عشرة بلايين دولار لكل منهما. وتقوّم أذونات حقوق السحب الخاصة، التي حددت مهلة استحقاقها بخمس سنوات حداً أقصى، بسلة من العملات تضم الدولار واليورو والين والجنية الإسترليني. وتحسب عوائدها وفق سعر الفائدة الرسمي لحقوق السحب المتحصل من حساب المتوسط الموزون لأسعار الفائدة السارية على ودائع عملات السلة لفترة ثلاثة أشهر وتدفع فصلياً. وتضمنت موافقة المجلس التنفيذي على برنامج آلية التمويل المبتكرة، - التي لم يستبعد مراقبون احتمال أن تنافس سندات وأذونات الخزانة الأميركية، بخاصةٍ بعد تردد دول أعضاء في إقراض الصندوق بالدولار-، إضفاء قدر محدود من المرونة على أذونات حقوق السحب، إذ أتاحت إمكان تداولها بين الجهات الرسمية للدول الأعضاء كافة بما فيها المصارف المركزية إضافة إلى المؤسسات الدولية. وترافق إعلان البرنامج مع نشر وزارة التجارة الأميركية تقريراً سنوياً أظهر أن الاستثمارات الأجنبية في أميركا سجلت رقماً تاريخياً عندما تجاوز رصيدها الإجمالي 23 تريليون دولار، ما يعادل 165 في المئة من الناتج الأميركي في 2008، لكنها سجلت أيضاً رقماً قياسياً في الخسائر التي لحقت بها وبلغت قيمتها في العام ذاته نحو 1.5 تريليون دولار. ونجم القسم الأعظم من الخسائر 1.24 تريليون دولار عن انهيار أسعار الأصول، لا سيما الأسهم الأميركية التي فقدت نحو نصف قيمتها في 2008، إلا أن تقلبات الدولار رتبت على الاستثمارات الأجنبية خسائر قدّرتها وزارة التجارة بنحو 100 بليون دولار من دون حساب خسائر إضافية بقيمة 240 بليوناً لحقت بمشاريع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية. وألقى تقرير الوزارة الضوء على أحد مبررات حماسة بعض الدول لتنويع استثماراته من طريق شراء أذونات حقوق السحب، فعلى رغم أن التفاعلات الخطيرة لأزمة المال ظهرت بداية الربع الأخير من 2008، إلا أن حركة الاستثمارات الأجنبية أصيبت بالشلل، إذ لم تتجاوز قيمة ما استحوذت عليه من الأصول المالية الأميركية في العام بأكمله 534 بليون دولار مقارنة مع زهاء ترليوني دولار في كل من العامين السابقين. وضخت المصارف المركزية ما يزيد قليلاً على 470 بليون دولار في الأصول المالية الأميركية ما رفع قيمة استثماراتها في هذه الأصول التي تشمل سندات الخزانة وسندات وأسهم الشركات إلى 3.9 تريليون دولار في 2008 إلا أن رصيد الاستثمارات الأجنبية زاد بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار بمقارنة مع 2007 بفضل استثمارات المشتقات المالية وأهمها عقود الصفقات الآجلة. نشر في العدد: 16891 ت.م: 03-07-2009 ص: 17 ط: الرياض