اعلنت طهران امس انها تدرس خيارات حول التزود بالوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعل طبي في طهران. وتحدث وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي عن اثنين من هذه الخيارات هما: شراؤه من الخارج او تسليم جزء مما تملكه ايران من يورانيوم منخفض التخصيب، للحصول على وقود مخصب بنسبة 20 في المئة ويسمح بتشغيل مفاعل البحوث، مشيراً الى ان طهران سترد في الأيام المقبلة على اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الشأن. جاء ذلك في وقت انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي بدأ امس زيارة لطهران تستمر يومين، التعامل الغربي"المجحف"مع ايران، فيما حذر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من أن اسرائيل لن تقبل مطلقاً امتلاك ايران اسلحة نووية. وغادر مفتشو الوكالة الذرية ايران امس، بعد تفقدهم مرة ثانية المنشأة الجديدة للتخصيب قرب مدينة قم، في وقت نقلت وكالة"رويترز"عن ديبلوماسيين غربيين ومسؤولين استخباراتيين قولهم إن أجهزة الاستخبارات الغربية تُقدّر بأن إيران في حاجة الى 18 شهراً على الأقل، لصنع سلاح نووي إذا قررت ذلك. وقال متقي:"لضمان حصولنا على الوقود نستطيع، كما فعلنا في السابق، شراءه او ارسال جزء من اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي نمتلكه والذي لسنا في حاجة اليه، الى الخارج لإبداله بوقود يمكن استخدامه في تشغيل هذا المفاعل". وأضاف ان"الاختيار بين هذين الأمرين قيد الدرس حالياً، وسنعلن النتيجة خلال ايام". وفي كلا الحالين، شدد متقي على ان"ايران ستواصل نشاطاتها المشروعة في مجال التكنولوجيا النووية السلمية، وهذا الموضوع لا صلة له بمسألة تزويد مفاعل طهران بالوقود". وقال ان"التحرك في اتجاه الطاقة النووية ليس في حاجة الى سفينة نوح. حين نتحدث عن النبي نوح عليه السلام، فإن ذلك يعني ان علينا الصبر 950 سنة لاستيفاء حقوقنا". واستبعد متقي مهاجمة اسرائيل المنشآت النووية الإيرانية. وقال:"نعتبر ان النظام الصهيوني أضعف من اي وقت مضى، لأنه في عزلة دولية. نعتقد ان لا قدرة لديه على القيام بعمل ضد جيرانه، ولكن على رغم ذلك يجب اتخاذ الحيطة والحذر". وزاد ان"الكل متفق على القول ان العلوم الإيرانية لا يمكن تدميرها بالقصف، ونحن لا نرى لدى إسرائيل مثل هذه الجرأة". تسليم يورانيوم على مراحل في الوقت ذاته، دعا رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى البرلمان علاء الدين بروجردي الى"تسليم الوقود النووي الإيراني على مراحل، وبضمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وقال لقناة"العالم"ان"من الأفضل لإيران شراء اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، من روسيا او اي دولة تكون مستعدة لبيعه"، مضيفاً ان"الدول الغربية مثل المانيا وفرنسا كثيراً ما نكثتا بوعودهما لإيران في ما يتعلق بالبرنامج النووي". وحذر من ان ايران ستخصّب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، اذا لم يُسترجع الوقود الخارج من اراضيها. وكان محسن رضائي سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري شدد على ضرورة احتفاظ ايران ب"1100 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة". وقال:"لتوفير الوقود للمفاعل، لا نحتاج الى ارسال سوى 350 كلغ فقط من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة"للحصول على الكمية اللازمة من الوقود اي 30 كلغ. في غضون ذلك، قال كوشنير لصحيفة"ديلي تلغراف"البريطانية إن"الوقت آخذ في النفاد، وهناك حاجة ملحة الآن للتوصل لاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي وإزالة خطر قيام اسرائيل بشن ضربة استباقية". وأضاف أن"الإسرائيليين لن يسمحوا بامتلاك ايران قنبلة نووية، وكلنا يعرف ذلك، وهذا في حد ذاته يشكل خطراً إضافياً يملي علينا تخفيف التوتر وتسوية المشكلة، ونأمل بأن نتمكن من وقف السباق نحو المواجهة بين ايران وإسرائيل"، مشدداً على أن"اسرائيل ستتحرك حالما تشعر بوضوح أن هناك خطراً". أردوغان في المقابل، اعتبر اردوغان ان فرضية مهاجمة منشآتها النووية هو بمثابة"جنون". وقال لصحيفة"ذي غارديان"البريطانية ان"المقاربة لم تكن عادلة لأن من يتهمون ايران بالسعي الى تطوير برنامج نووي، يملكون بنى تحتية نووية كبيرة ولا ينكرون ذلك"، معتبراً ان المخاوف الغربية مجرد"ثرثرة". وأضاف ان"ايران لا تقبل انها تبني اسلحة نووية. انهم يعملون على طاقة نووية لأغراض الطاقة فقط". وتابع:"يتم احياناً اطلاق تهديدات. اذا كان الهدف تدمير ايران او ازالتها كلياً في شكل او آخر، لا اعتقد ان هذا امر جيد". وزاد:"من جهة، يقولون انهم يريدون سلاماً عالمياً، ولكنهم ينتهجون من جهة اخرى مقاربة مدمرة ضد دولة يعود تاريخها الى عشرة آلاف سنة". وفي اشارة الى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، قال اردوغان:"لا شك في انه صديقنا. حافظنا على علاقات جيدة جداً ولم نصادف البتة اي مشكلة". وقال اردوغان لقناة"الجزيرة"إن من"الظلم والإجحاف"الضغط على ايران بينما تمتلك دول أخرى اسلحة نووية، مضيفاً:"نحن لا نؤيد وجود أسلحة دمار شامل في ايران وفي منطقتنا". في موسكو، حض سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي"الكل على ابداء اكبر قدر من الصبر والتركيز على الآلية التي وُضعت بفضل جهود الدول الست وإيران". واعتبر اقتراح تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج وسيلة"لتهدئة المشاعر". وقال لصحيفة"فريميا نوفوستي"الروسية ان"حلولاً محددة يمكن ان تنجح"طُرحت على طاولة المفاوضات في جنيف، من دون ان يستبعد"ألا تتطور الأمور في الشكل المكثف"الذي يرغب فيه بعضهم. وأضاف:"علينا الا نعطي الانطباع بأن شيئاً لم يتغير، في حين اننا نحرز تقدماً. علينا على العكس الاستمرار في تشجيع الإيرانيين. وهل يمكننا القيام بذلك اذا انطلقنا من المبدأ القائل بأن الإيرانيين يسعون الى كسب الوقت؟". نشر في العدد: 17007 ت.م: 2009-10-27 ص: 16 ط: الرياض