لم يتمكن البرلمان العراقي من حسم مسألة التعديلات الدستورية على رغم دخول اللجنة التي شكلها لهذا الغرض عامها الثالث الشهر المقبل. وفيما اتهمت"جبهة التوافق"رئيس لجنة التعديلات الدستورية ب"محاولة تمييع القضية"لمح رئيس البرلمان الى احتمال طرح موضوع التعديلات للتصويت بعد عيد الفطر. ويختلف الساسة العراقيون على ست نقاط في الدستور، هي صلاحيات رئيس الجمهورية، وهوية العراق، وصلاحيات الاقاليم، والمادة 140 الخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها، ومسألة الثروات الطبيعية وقانون الاحوال الشخصية. وعلى رغم ان لجنة التعديلات الدستورية التي شكلها البرلمان في تشرين الاول اكتوبر 2006 قدمت تقريرها الى هيئة رئاسة البرلمان قبل نحو شهرين الا انه لم يعرض للتصويت. في غضون ذلك، لمح رئيس البرلمان محمود المشهداني الى امكان عرض تقرير التعديلات الدستورية على التصويت بعد عيد الفطر. وقال في حديث الى صحيفة محلية ان"التعديلات الدستورية في طريقها للانتهاء بعدما رفعت اللجنة الخاصة توصياتها الى قادة الكتل النيابية"مخيراً السياسيين بين"ارسال حل الى هيئة رئاسة المجلس او تصدي البرلمان للتقرير من خلال التصويت على كل المتغيرات". وكانت"جبهة التوافق"حملت رئيس لجنة التعديلات الدستورية همام حمودي، القيادي في"المجلس الاسلامي الأعلى العراقي"مسؤولية التأخير في اقرار تلك التعديلات. وقال الناطق باسم الجبهة وعضو اللجنة الدستورية سليم عبدالله الجبوري ل"الحياة"ان كتلته تعتقد ان"رئيس لجنة التعديلات يحاول تسويف القضية وتمييعها لأن اللجنة لم تجتمع منذ شهرين". ولفت الى"ان ابرز مطالب التوافق ايجاد توازن بين صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وان لا تبقى صلاحيات رئيس الجمهورية تشريفية فقط". من جانبه رفض عضو لجنة التعديلات الدستورية النائب كريم اليعقوبي الاتهامات الموجهة الى حمودي، وقال ل"الحياة"ان"اللجنة قدمت تقريرها الى هيئة رئاسة البرلمان منذ شهرين، والكرة الآن في ملعب القيادات السياسية ورؤساء الكتل"مؤكداً ان"اللجنة انجزت عملها لكن التأخير سببه عدم توافق القيادات السياسية لحساسية المسائل الخلافية". ولفت اليعقوبي الى ان اهم المسائل الخلافية هي المادة الثالثة من الدستور التي تتعلق بهوية العراق، مشيرا الى ان لجنة التنسيق البرلمانية تجمع 22 تموز وغالبية الكتل البرلمانية تريد ان تنص على ان العراق جزء من الامة العربية لكن التحالف الكردستاني يريد ان تكون المادة هي ان العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية. واشار الى وجود خلاف حول المادة 41 من الدستور والمتعلقة بقانون الاحوال الشخصية، إذ ان المادة بصيغتها الحالية تشير الى حق كل طائفة او دين بوضع قوانين الزواج والارث وغيرها، فيما يوجد رأي قوي يريد وضع قانون موحد للعراقيين يأخذ بنظر الاعتبار خصوصية كل مكون. وعن صلاحيات رئيس الجمهورية اكد اليعقوبي ان لجنة التنسيق البرلمانية تريد ابقاءها على حالها. وفي ما يتعلق بالمادة 140 المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها، لفت الى ان البعض ومنهم"تجمع 22 تموز"يرى ان هذه المادة ماتت وانتهت، لكن هناك رأي آخر يدعو الى تعديلها، ورأي ثالث يطالب بجعل كركوك اقليما تحت مظلة الدولة الاتحادية. وأكد ان المادة 115 الخاصة بتوزيع ثروة النفط والغاز وعلاقة الاقاليم بالمركز تعد من المواد الخلافية الصعبة، لأن هناك رأياً يطالب بوضع تلك الثروة ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية، فيما يريد البعض الآخر اعطاء صلاحيات للحكومات المحلية في الاستثمار والتعاقد. ويرفض"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعي توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية او استبدال قانون الاحوال الشخصية. وقال النائب عن"الائتلاف"محمد الحيدري ل"الحياة"ان"توسيع صلاحيات الرئيس يعرقل عمل الدولة ويولد صراعات تجمد عمل الحكومة"ولفت الى ان"النظام السياسي العراقي بموجب الدستور هو نظام برلماني، وفي مثل تلك الأنظمة تناط الصلاحيات الأوسع بالسلطة التنفيذية الممثلة بمجلس الوزراء". واضاف ان"جزءاً من صلاحيات رئيس الوزراء اعطيت الى الحكومات المحلية واخذ صلاحيات اخرى يجعل الحكومة عاجزة عن فعل اي شيء". وعن قانون الاحوال الشخصية اعتبر الحيدري القانون الحالي، الذي يعطي الحرية لكل فرد باختيار كيفية تسجيل زواجه وارثه هو الافضل، مشيرا الى ان كتلته لن تقبل بتغييره. واستبعدت مصادر برلمانية عرض التعديلات الدستورية على مجلس النواب بعد عطلة عيد الفطر لحساسية المسائل الخلافية والحاجة الى توافقات سياسية، كما توقع النائب اليعقوبي تأجيل ملف التعدديلات الدستورية الى الدورة الانتخابية المقبلة لصعوبة التوافق على المسائل الخلافية. وحسب الدستور العراقي فإن لجنة التعديلات الدستورية يجب ان تنجز عملها بعد ستة اشهر من تشكيلها. وانتهت هذه المدة في آذار مارس 2007 ما اضطر البرلمان الى تمديد عملها اكثر من مرة. واذا تمت الموافقة على التعديلات الدستورية فيتعين على البرلمان المصادقة عليها بالغالبية قبل ان تطرح للاستفتاء العام شرط ان تحوز موافقة أكثر من نصف عدد المشاركين في الاستفتاء وعدم اعتراض ثلثي ناخبي 3 من المحافظات عليها.