ربما لم يسمع الكثير من الشباب العرب بصندوق تجوال الشباب العربي المبادر، أو ما يسمى "صندوق سفر"، وهو أحد المشاريع التابعة للملتقى التربوي العربي. الصندوق الذي يعتبر من أهم المشاريع العربية الشبابية التي يمكن وصفها بالنادرة يعطي الشباب بين سن 15 و 35 فرصة تمويل سفراتهم داخل الوطن العربي، بهدف البحث أو المشاركة في نشاطات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. والهدف من الصندوق هو حض الشباب على العمل المجتمعي المبادر، من طريق الاستفادة من خبرات أشخاص ملهمين وذوي تجربة في مجالات مختلفة كالسينما والمسرح والتصوير والإعلام وغيرها من الميادين التي تهم الشباب. ولعل أكثر ما يهم الشباب من المنح التي يوفرها الصندوق هي تلك التي تسهل التزاور، أو ما أطلق عليه في تونس تسمية"المعايشة"التي تتمثل بإقامة الشاب أو الشابة فترة والعمل مع مؤسسة أو مجموعة مبادرة أو منظمة بهدف تبادل الخبرات. وهناك أيضاً منحة تسمى"منحة التجاور"، وهي على مستوى الأفراد، أي ضيف ومضيف، بهدف الاستفادة من خبرة المضيف في مجال عمله والتعرف إلى بلده وثقافته، وبناء مشروع أو إطلاق مبادرة أثناء مدة التجاور. أما النوع الثالث من المنح التي يقدمها الصندوق فهي منحة لحضور فعاليات أو مؤتمرات أو نشاطات ما داخل الوطن العربي. آلية عمل الصندوق لا تقتصر على تقديم منح السفر، فالاستماع إلى المبادرات الشبابية والمشاريع المجتمعية ونشرها بين مختلف البلدان العربية هو هدف آخر من أهداف الصندوق التي تدور في مجملها وتتمحور حول الشباب المبادر والفعال داخل مجتمعه. وتحت هذا العنوان، كان عقد اللقاء الإقليمي لأعضاء الصندوق في تونس نهاية شهر حزيران يونيو الماضي. الاجتماع الذي ضم ما يقارب 30 شخصاً من مختلف الدول العربية تمحور حول الاستماع الى التجارب والمبادرات الشبابية، ومناقشتها من ناحية ومحاولة المقاربة بينها ونقلها وتعميمها من ناحية ثانية. وإذا كانت غالبية المبادرات والتجارب قيّمة ومفيدة، إلا أن مبادرة واحدة استوقفت الجميع لأنها، وإضافة إلى قيمتها، جاءت طريفة وممتعة ومشجعة جداً، هي مبادرة"عشرة"، التي قدمها محمد ياسين أحد القائمين على مجموعة"العين الثالثة"في مصر. وتتمثل بالانتقال للعيش مع أحدهم في ظروف معيشته نفسها، مهما كانت بسيطة ومتواضعة. المحاولة الأولى انطلقت مع عضو في هذه المجموعة من أصدقاء محمد ياسين، الذي انتقل للعيش مع صياد في قاربه لمدة أسبوع في عرض البحر، حيث لا ترف ولا رغد. المحاولة التالية للمجموعة ستكون مع رسام شاب. كان يعمل في رسم قصص الأطفال، لكنه فضّل الانتقال للعيش في واحة سيوا، حيث أقام مكتبته العامة بهدف إنماء الواحة. ولم يهدف محمد ياسين من وراء فكرته هذه الى الاستفادة فقط من تجربة الرسام، بل هو أيضاً عازم على مساعدته في ترتيب المكتبة وإدارتها، كونها في الأساس ترجع بالفائدة على سكان الواحة. المحور الثاني والمهم بالنسبة الى لقاء كان العمل على تأسيس صناديق مشابهة لپ"صندوق سفر"أو رديفة له، لكن على مستوى محلي، بهدف تأمين الوسائل والإمكانات والدعم للشباب للقيام بتجوال داخلي في كل بلد. وعندما يبدأ العمل بهذا الصندوق سينضم طبعاً إلى الصندوق العربي حالما يتم الاتفاق النهائي على مجموعة من الأهداف والنشاطات وأولها العمل على التواصل وتدعيم التبادل الشبابي في العالم العربي وشد أواصر التعاون بين كل مبادر في هذه الدول.پ