أوضح عضو مجلس إدارة "شركة الجوف للتنمية الزراعية" عبدالعزيز الطلاس، أن قرارات خفض مساحات زراعة القمح، ودعم الأعلاف المستوردة، وفرض القيود لتحجيم الزراعة في السعودية، جاءت في توقيت غير مناسب. وأضاف أن على رغم أن القرار يمس شريحة كبيرة من المجتمع، إلا أن إصداره لم يأخذ حقه من البحث، ومن دون عرضه ومناقشته مع مسؤولي القطاع الزراعي. واعتبر أن قرار وقف زراعة القمح حفاظاً على المياه، يأتي في توقيت غريب، ومصدر الغرابة أنه يتوافق مع عدد من الظروف العالمية التي تعاني منها المملكة في شكل مؤثر، ومن بينها اختفاء سلع وارتفاع أسعارها من حين الى آخر، وأهمها الدقيق، وفي وقت تواصل السعودية إنتاج القمح، متسائلاً: كيف ستكون الحال عندما تتوقف الزراعة، وعندما نعتمد على الاستيراد؟ وماذا عن ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية الأخرى ومدى توافرها؟ ولفت إلى ان توقف الزراعة لا يعني توقف المزارع أو المشاريع التي بناها أهلها واستثمروا فيها رؤوس أموالهم فاستردوها كلها أو جزءاً منها، إننا هنا نتحدث عن مجتمعات ومدن وقرى نشأت على الزراعة، وعن قطاعات اقتصادية، وإنتاجية وخدمية ارتكزت عليها، وقبائل وأسر يعتمد أفرادها على الزراعة في دخلهم ومعيشتهم. وحذّر من أن مناطق حائل، الجوف، تبوك، وادي الدواسر، الأفلاج، الخرج وغيرها ستتحول إلى مدن أشباح، سيهجرها أهلها إلى المدن الرئيسة التي ستعاني من الهجرة العكسية، وستكتظ بالعاطلين من العمل، وتكبر المشكلات الأمنية التي تعاني البلد منها حالياً. وأضاف أنه عندما فكرت وزارة الزراعة في وضع الخطة الاستراتيجية للزراعة في المملكة، كان التفكير سليماً، لكنها لم توفق بالجهة التي أوكل إليها إعداد هذه الاستراتيجية البنك الدولي. فالقائمون على إعدادها كانوا ممن عُرفت آراؤهم ونياتهم المبيتة لوقف الزراعة، ولم يكونوا يخفونها، بل كانوا يعلنونها في كل مناسبة، وعليه فنتيجة دراستهم كانت معروفة مسبقاً. إلى ذلك، أثار قرار وقف الدعم المقدم الى مزارعي القمح بنسبة 12.5 في المئة، ثم وقفه نهائياً خلال 8 سنوات، لتتحول المملكة الى بلد مستورد للقمح، جدالاً حاداً بين الخبراء ومزارعي القمح. وقال الخبير الجيولوجي فهد العبيد، ان زراعة القمح تستهلك 32 في المئة من مخزون المياه الجوفية غير المتجددة، في حين تستهلك كل الزراعات 68 في المئة، متسائلاً حول جدوى زراعة القمح التي تستهلك ثلث كمية المياه الجوفية. وأشارت دراسة قدمها رئيس اللجنة الاقتصادية إلى مجلس الشورى محمد القنيبط حول الواقع المائي، الى ان مشكلة المياه أخطر بكثير من مشكلة الأمن الغذائي، لافتاً إلى ان كميات المياه للتغذية تبلغ 8 بلايين ليتر مكعب سنوياً، والمياه المستهلكة لكل الأغراض 22 بليون متر مكعب، ما يعني عجزاً في المياه المتجددة بنحو 14 بليون متر مكعب.