يعتبر الكبد من أهم أعضاء الجسم وأكبرها، فعليه يعتمد الجسم في إنجاز الكثير من الوظائف الحيوية، مثل صنع البروتينات والسكريات والدهنيات والكثير من المركبات، إضافة الى إنتاج أحد الهورمونات الذي يساعد في تكوين الصفائح الدموية، كما يقوم بتنقية الدم من السموم وخزن بعض المواد الى حين الضرورة مثل تخزين سكر الغلوكوز في شكل غلوكوجين، وخزن بعض الفيتامينات المنحلّة في الدهن، وفي صنع عدد من عوامل تخثر الدم. وينتج الكبد المادة الصفراء التي يصدّرها الى المرارة حيث تتخذ منها موطناً الى وقت التهام الطعام الدسم. والكبد كغيره من الأعضاء يمكن ان يصاب بالسرطان، وقد قيل في أروقة المؤتمر السنوي الثالث والأربعين لعلاج أمراض الكبد وتحسين علاجها الذي عقد قبل بضعة أشهر في مدينة ميلانو ان سرطان الكبد يودي بحياة أربعين ألفاً من الأوروبيين سنوياً. وتشير التحريات الى ان سرطان الكبد هو السبب الثالث للوفاة الناتجة من السرطانات بعامة، وهو يعتبر خامس أكثر السرطانات حدوثاً، ويكثر حدوث في منطقة الشرق الأقصى وفي جنوب أفريقيا وفي البلدان العربية، إذ يحتل في بعضها المرتبة الأولى من حيث انتشاره، نظراً الى كثرة انتشار التهاب الكبد بالفيروسين"ب"و"سي". وسرطان الكبد قد يكون بدئياً، أي ينشأ من خلايا الكبد ذاتها، أو قد يكون ثانوياً جاء الى الكبد من مواقع أخرى في الجسم. وسنتناول هنا سرطان الكبد البدئي الذي يضم تحت لوائه ثلاثة أنواع: * الهيباتوما، او ما يسمى بسرطان الخلايا الكبدية، ويكثر هذا الورم لدى الذكور أكثر من الإناث، وهو يشكل وحده نسبة 75 في المئة من أورام الكبد البدئية، وغالباً ما يحدث هذا النوع من السرطان بعد الخمسين من العمر أو بعد الإصابة بالتهاب الكبد المزمن أو تشمع الكبد. * سرطان القنوات الصفراوية، ويطاول عادة صغار السن، ويكثر عند المصابين بمرض القولون التقرحي. * سرطان الكبد الوعائي، وهو مرض نادر، ويصيب عادة العاملين في بعض الصناعات البلاستيكية نتيجة تعرضهم لمادة ثاني أوكسيد التوريوم أو فينيل كلورايد. وهذ النوع من السرطان قاتل للغاية. ما هي أسباب سرطان الكبد البدئي؟ لا يُعرف حتى الآن السبب الأكيد الذي يقف خلف سرطان الكبد، ولكن هناك جملة من العوامل التي في إمكانها تعبيد الطريق للإصابة بسرطان الكبد البدئي، ومنها: - العمر، ان الأشخاص الذين تخطوا عتبة الخمسين من العمر هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الكبد. - الجنس، ان الرجال أكثر إصابة من النساء بنسبة 5 الى 1 في المئة. - الوراثة، هناك أشخاص أكثر استعداداً للإصابة بسرطان الكبد من غيرهم بسبب توافر عوامل وراثية تشجع حدوثه. - التدخين. - تشمع الكبد. - شرب الخمور. - التعرض لمواد كيماوية سامة. - مادة الأفلاتوكسين التي تلوث الحبوب والمكسرات. - التهابات الكبد الفيروسية المزمنة. - الداء السكري. كيف يتظاهر سرطان الكبد؟ يبدأ سرطان الكبد من دون ضجة في البداية، ومظاهره تلوح بعدما يكون الورم بلغ مرحلة متقدمة. ان العوارض والعلامات التالية تنتج من الخلل الذي لحق بالكبد من تكاثر السرطان ونموه: - الحبن تكوم السوائل في البطن. - تصبغ الجلد وتحول بياض العينين الى اللون الأصفر. - ارتفاع الحرارة. - التعب والضعف العام. - الغثيان والتقيؤ. - آلام في البطن والظهر تحت لوح الكتف. - نقص الشهية. - نقص الوزن. - قد يمكن جس كتلة ورمية تحت الأضلاع اليمنى. - البول الداكن اللون وتغير لون البراز. يتم تشخيص سرطان الكبد من خلال الفحوص الآتية: * فحص البطن بالأمواج فوق الصوتية، مع اجراء أشعة مقطعية بواسطة الحاسوب. * التصوير بالرنين المغناطيسي. * تحاليل دموية. * الفحص بالغاليوم المشع. * أخذ خزعة من الكبد. عندما يتم التأكد من وجود السرطان يضع الطبيب خطة علاجية وفقاً للمرحلة التي وصل اليها الورم. ففي السرطان المبكر الذي يقطن في أحد فصوص الكبد من دون انتشارات الى الجوار او الأماكن البعيدة، يجرى العلاج باستئصال الورم. أما اذا كان السرطان متطوراً، فإن علاجات أخرى يمكن ان تطرح على بساط البحث، ومن بينها زراعة الكبد. هل يمكن الوقاية من سرطان الكبد؟ هناك نقاط عدة يمكن تسويقها على هذا الصعيد: 1- الوقاية من التهاب الكبد بالفيروس"ب"والفيروس"سي"، ويعتبر هذان الالتهابان الشرارة التي تشعل حدوث تليف الكبد الذي كثيراً ما يكون الخطوة الأولى نحو سرطان الكبد. ان الوقاية تتم بإعطاء الطعم ضد التهاب الكبد"ب"، وفي تطبيق وسائل الحماية الشخصية من التهاب الكبد"سي". أما في حال حصول التهاب الكبد، فمن الضروري العلاج والمتابعة الدورية للحيلولة دون حصول ما ليس في الحسبان، أي التليف الذي يتبعه السرطان. 2- أهمية بروتين الغلوتاتيون، ويتم انتاج هذا البروتين في الكبد اعتباراً من ثلاثة أحماض أمينية، وهذا البروتين يعتبر من أهم مضادات الأكسدة التي تحول دون تكون الجذور الكيماوية الحرة التي تسبب التليف في الكبد ومن ثم السرطان. وفي الإمكان تناول الغلوتاتيون على شكل مكمل غذائي أو يمكن رفع منسوبه بتناول الأحماض الأمينية التي تدخل في تركيب الغلوتاتيون. 3- الحبة السوداء، في دراسة أجراها باحثون سريلانكيون على عشرات الفئران التي تم إحداث السرطان عندها، وبعد متابعة استغرقت عشرة شهور، اتضح ان الفئران التي أعطيت مزيجاً من الحبة السوداء وأعشاب اخرى كانت شدة تأثير السرطان فيها أقل بكثير من تلك التي لم تأخذ المزيج المذكور. 4- فاكهة الماندرين، يقول باحثون يابانيون ان تناول الماندرين أو شرب عصيره مفيد في الإقلال من خطر التعرض لسرطان الكبد وفي منع تطور التهاب الكبد المزمن الى السرطان، أما السر فيكمن في غنى الماندرين بالكاروتينيدات التي تعطي اللون البرتقالي لهذه الفاكهة. 5- البصل، وفقاً للنتائج التي توصل اليها باحثون من جامعة كورنل في نيويورك، فإن البصل ذا الرائحة النفاذة يملك أثراً فعالاً في الوقاية من سرطان الكبد والقولون، ويرجع السبب الى غنى هذا النوع من البصل القوي الرائحة بمضادات الأكسدة التي تمثل رأس الحربة في مواجهة الخلايا السرطانية. 6- القهوة، وجد باحثون يابانيون من جامعة توهوكو ان تناول فنجان واحد من القهوة يومياً يساهم في حماية الكبد من السرطان، ولاحظوا ان القهوة ساهمت في الحد من خطر التعرض لتشمع الكبد، وأن حامض كلوروجينيك الموجود في حب البن قلل من فرص نمو الخلايا الخبيثة في الكبد. نشر في عدد 16666 ت.م: 20-11-2008 ص: 30 ط: الرياض