رحب "معهد التمويل الدولي"، أكبر تجمع تمثيلي للمصارف المركزية والمؤسسات المالية، بالاستثمارات التي ضختها الصناديق السيادية لبعض دول مجلس التعاون الخليجي في المصارف الاستثمارية الأميركية المتعثرة، ورأى أن الاستثمارات الخليجية مهيأة لتعزيز دورها في أسواق المال العالمية، مشيراً إلى أن القيمة الإجمالية للأصول الاستثمارات واحتياط النقد الأجنبي الخارجية الحكومية والخاصة للدول الست الأعضاء ستناهز تريليوني دولار نهاية العام الجاري، في مقابل 1.8 تريليون دولار في العام الماضي. ولم يستبعد المعهد، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، احتمال تأثر أسعار النفط سلباً بالركود الاقتصادي المتوقع في أميركا لكنه شدد على أن مشاريع البنية التحتية الضخمة قيد الإنشاء، لا تضمن احتفاظ النشاط الاقتصادي النفطي وغير النفطي في دول المجلس بزخم قوي سنوات مقبلة وحسب، بل ستساهم في دفع ناتجها المحلي إلى 900 بليون دولار في العام الجاري ضعفي حجمه القياسي في 2003 ودعم أصول احتياطاتها النقدية وصناديقها السيادية من فائض ميزان مدفوعاتها المتوقع أن تبلغ قيمته ربع تريليون دولار. وتوقع مصرف الاستثمار والوساطة الأميركي"مورغان ستانلي،"في محاولة لتقدير حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه الاستثمارات الحكومية في أسواق المال العالمية، أن تضع الصناديق السيادية العربية والآسيوية والأوروبية النروج التي يعود تاريخ تأسيس بعضها إلى خمسينات القرن المنصرم، اقتصاداتها المحلية على قمة أولويات استراتيجياتها الاستثمارية، إلا أن ضخامة مواردها الجديدة ستجعلها قريباً قادرة على تخصيص ما يصل إلى 200 بليون دولار سنوياً للاستثمار الخارجي. وبنت"مورغان ستانلي"توقعاتها على تحليل الاستراتيجيات المعلنة لصناديق حكومية ناشطة في السوق الاستثمارية العالمية، بينها"صندوق المعاشات الحكومي - الدولي"في النروج. واستخلصت أن صناديق الثروات السيادية يتوقع أن تحتفظ بما لا يقل عن 80 في المئة من الموارد الجديدة لأصولها تحت إدارتها حصراً واستثمارها على الأغلب في أسواقها المحلية، لكنها أوضحت أن العشرين في المئة المتبقية من هذه الموارد يمكن أن تترجم إلى استثمارات خارجية بقيمة 150 بليون دولار في السنة الحالية و200 بليون سنوي في الأعوام اللاحقة. ولم تشمل في توقعاتها الحصة المحتملة لأميركا من هذه الاستثمارات، على رغم أنها أحد كبار المصارف الاستثمارية، ضحايا فضيحة الرهن العقاري وأزمة الائتمان الأميركية التي لجأت إلى الصناديق السيادية بحثاً عن سيولة. فحين أعلنت آخر الشهر الماضي شطب 9.4 بليون دولار خسائر محققة في الفصل الرابع من 2007، كشفت في الوقت ذاته عن التوصل مع"شركة الاستثمار الصينية"إلى اتفاق تتملك الأخيرة بموجبه 9.9 في المئة من أسهم الأولى المتداولة في مقابل 5 بلايين دولار. ومنذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي بلغت قيمة الاستثمارات التي ضختها الصناديق السيادية في ثلاثة فقط من عمالقة صناعة الاستثمار الأميركية زهاء 30 بليون دولار، إذ حصلت"سيتي غروب"على 20 بليون دولار من الاستثمارات الاماراتية والسنغافورية والكويتية والسعودية الأمير الوليد بن طلال ومؤسسات أخرى غير سيادية، بينما جمعت ميريل لينش 11 بليون دولار معظمها من صناديق سيادية في الكويت وكوريا الجنوبية وسنغافورة، والبقية من شركات خاصة ضمت"مجموعة العليان"السعودية. وبالتزامن مع تملك الصناديق السيادية حصصاً سهمية في رموز"وول ستريت"وظفت شركات حكومية سعودية وكويتية وإماراتية 42 بليون دولار في شكل استثمارات مباشرة في أميركا العام الماضي، ومن أبرزها استكمال الشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك صفقة قيمتها 11.6 بليون دولار لتملك شركة"جي إي بلاستيكس"من"جنرال إليكتريك"في أيلول سبتمبر والاتفاق الذي أعلنته"داو كيميكال"أخيراً لبيع"شركة صناعة البتروكيماويات"المملوكة من"شركة نفط الكويت"، 50 في المئة في مشروع مشترك لإنتاج البتروكيماويات في مقابل 9.5 بليون دولار. ورحب مشرعون أميركيون باستثمارات الصناديق السيادية، لاعترافهم بحقيقة أنها"حبل انقاذ"سيبقى شديد الأهمية طالما استمرت حاجة المصارف الأميركية المتعثرة الى السيولة. وحذّر محللون من أن استعداد هذه الصناديق في ضخ استثمارات في السوق الأميركية، لأنه مرهون بالأخطار، مثل خسارة الأسهم الأميركية 15 في المئة 3 ترليونات دولار من قيمتها السوقية.