كاميرات محمية تايلاندية ترصد للمرة الأولى منذ (3) عقود قطًا مسطح الرأس    الفضة تتخطى حاجز 75 دولاراً للأونصة لأول مرة    حائل... وجهة سياحية متكاملة بفرص استثمارية واعدة    بيان شديد اللهجة من مصر بعد اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال    زيلينسكي: مستعدون لاستفتاء على خطة ترامب للسلام    غوارديولا: مانشستر سيتي جاهز للمنافسة    القبض على شخص في جازان لترويجه (13) كجم من نبات القات المخدر    مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور يقيم 6 أشواط للمحترفين في يومه الثاني    الإعلان عن موعد مباراتي نصف نهائي كأس الملك 2025-2026    أرتيتا يأمل في أن لا يكرر التاريخ نفسه أمام برايتون    سلوت يكشف عن النصائح التي قدمها لمهاجمه إيكيتيكي    البرلمان العربي يؤكد دعمه التام لوحدة اليمن    الفتح يكسب الأهلي بثنائية في دوري روشن للمحترفين    عمداء تقنية المعلومات ومدراء الميزانية وكفاءة الإنفاق بالجامعات السعودية يزورون الواجهة الثقافية في جامعة أم القرى    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    «الصحة» تطلق جولات رقابية لتعزيز الامتثال الصحي في مراكز فحص العمالة    السديس: حقوق العباد من أخطر أبواب الظلم ومواقع التواصل بيئة خصبة للبهتان    القاسم: استباق الخيرات دليل علو الهمة وكثرة الجدل تصرف عن الطاعة    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله        القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    هيئة محمية الملك سلمان الملكية تدشّن مبادرة الإصحاح البيئي في "وادي نايلات" بحائل .    رياح نشطة و سحب ممطرة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    غيابات عديدة في النصر أمام الأخدود    الفتح ينهي استعداداته قبل لقاء الأهلي    يايسله يرحب برحيل لاعب الأهلي    ارتفاع سعر الذهب الى 4501.44 دولار للأوقية    برعاية أمير منطقة جازان.. مهرجان جازان 2026 يستهل مشواره بانطلاقة كرنفالية كبرى    آل الشيخ: جائزة طارق القصبي نموذج وطني لدعم البحث والابتكار في الهندسة المدنية    المطر والحنين    رئاسة الشؤون الدينية تدعو قاصدي الحرمين إلى الالتزام بآداب وفضائل يوم الجمعة    واشنطن مُهددة في سباق الذكاء الاصطناعي    من البحث إلى التسويق الجامعات في فخ التصنيفات العالمي    جامعة أم القرى تستضيف اجتماع وكلاء الجامعات السعودية للشؤون الإدارية والمالية    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    برعاية وزير التعليم جامعة أم القرى تفتتح ورشة "تبادل التجارب والممارسات المتميزة في كفاءة الإنفاق لمنظومة التعليم والتدريب"    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمسيرة العطاء مع مرضى التصلب المتعدد    ‏نائب أمير منطقة جازان يستقبل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين    مدير عام فرع الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد جوامع ومساجد العيدابي ويفتتح مسجد النور    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    إنفاذ يشرف على 75 مزادا عقاريا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    نائب أمير منطقة جازان يلتقي أيتام "إخاء"    السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    ارتفاع النفط والذهب    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    النيكوتين باوتشز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حراس الحضارات" وثائقي يصور ألفي سنة من الصراع في المتوسط
نشر في الحياة يوم 15 - 09 - 2007

من مرحلة الصراع بين قرطاج وروما إلى المواجهة بين الإسبان والعثمانيين في المسرح المتوسطي وصولاً إلى الإحتلال الأوروبي الحديث لبلدان المغرب العربي، قصة متشعبة يحكيها في شكل مختزل ومُبسط الشريط الوثائقي"حراس الحضارات" 26 دقيقة الذي تبثه قناة"الجزيرة الوثائقية"في الأيام الأولى من رمضان.
يعود بنا الشريط الذي أخرجه أكرم عدواني إلى ألفي سنة من الصراع بين الحضارات في البحر المتوسط قلب العالم القديم وشريان الملاحة البحرية بين الشرق والغرب منذ فجر التاريخ. ويعتمد عدواني أسلوب المراوحة بين مشاهد القلاع الشامخة والجولات داخل أقسامها المختلفة، وشروح مؤرخين متخصصين بتاريخ المتوسط. وهو يأخذ المشاهد إلى الإنعطافات والزواريب المتوارية وراء الأسوار الشامخة المُطلة على البحر، فنكتشف معه أن تلك القلاع لم تكن مجرد ثكن للجيش وإنما كانت عالماً خاصاً، محصّناً وبسيطاً في الآن ذاته، سكنه أناس وسموا المجال الذي استوطنوه. كانوا عيناً يقظة على البحر تدرأ عن ساحله السفن المتربصة، لكنهم كانوا أيضاً مرابطين أولوا الثقافة أهمية قصوى.
وكشف الشريط أن هناك نحو ألف موقع عسكري مُحصن من مدن مُسورة وحصون ورباطات وأبراج مراقبة على طول 1300 كيلومتر من السواحل من شمال تونس إلى جنوبها، لكنه ركز على نماذج مُعبرة، مثل قلعة قليبية وقلعة المنستير وقلعة غازي مصطفى في جزيرة جربة وقلعة الحمامات.
فتح عدواني كتاب التاريخ من صفحاته الأولى منطلقاً من فترة تنامي قوة الدولة الفينيقية في قرطاج وحروبها المديدة مع روما للسيطرة على الحوض الغربي للمتوسط، مستدلاً بالموانئ الحربية القرطاجية التي كانت متوارية عن الأنظار لحماية الأسطول الحربي من الهجمات الرومانية المُباغتة.
وعلى رغم هزيمتها في القرن الخامس قبل الميلاد سعت قرطاج إلى تأسيس سلسلة من الحصون بينها حصن قليبية الذي يتربع إلى اليوم فوق قمة جبل شامخ، والذي كان يُعد درعاً من دروع العاصمة الفينيقية. أما قلعة المنستير فاكتسبت أهميتها الاستراتيجية من قربها من القيروان عاصمة المغرب الإسلامي بعد الفتح العربي، وكذلك مراقبتها الطريق البحرية الرابطة بين الإسكندرية والأندلس. تتجول الكاميرا داخل المعلم الصغير الذي أسسه هرثمة بن أعين، والذي يبدو من نمط معماره أنه مُقتبس من عمارة الخانات العراقية.
ويُظهر الشريط أن المجهود الحربي للعرب لم يقتصر على مراقبة السواحل وحماية المدن، بل شمل أيضاً إنشاء أسطول بحري لمواجهة الخطر البيزنطي آنذاك. ثم انتقل الأسطول إلى مرحلة جديدة مع الإنطلاق من ميناءي سوسة والمنستير لفتح جزر المتوسط صقلية، مالطا، قوصرة ... واستمر الحكم العربي لتلك الجزر أربعة قرون.
وتطرق الشريط إلى الدور الروحي الذي لعبته القلاع والحصون إذ كانت رباطات للعلم ومراكز مهمة لنشر الفكر السني في بلاد سيطر عليها الخوارج في زمن مبكر، ثم أصبحت بعد هيمنة الفاطميين على بلاد المغرب ملاذاً للمخالفين من أهل السنة تحصنوا فيها من ملاحقة عيون الحكام الفواطم.
وتنقلنا الكاميرا إلى ضريح سيدي بوحديد، أشهر سكان رباط الحمامات، وهو من رجال القرن الثاني عشر الميلادي الذين تحدثت عنهم كتب الطبقات، ويلاصق ضريحه سور القلعة.
ورصد الشريط مع المؤرخ كريستوف بيكار ظهور قوى جديدة في المتوسط في القرنين الرابع عشر والخامس عشر بخاصة برشلونة ومرسيليا، إضافة للإيطاليين، لتنطلق صفحة جديدة من الغزوات التي استهدفت المغرب العربي، اعتماداً على التفوق العسكري الأوروبي، وبخاصة بعد سقوط الأندلس عام 1492.
هنا ينقلنا الشريط إلى قلب القلعة الكبيرة في جزيرة جربة حيث يرقد القائد العثماني غازي مصطفى، الذي ساعد أهل الجزيرة على التحرّر من احتلال اسباني دام أكثر من مئة سنة. ويرى المشاهد ملامح مكثفة من الصراع بين أكبر قوتين في العالم آنذاك الإسبان والأتراك، ومن علامات المساعدة التي قدمها العثمانيون لسكان المغرب العربي في مواجهة الحملات الإسبانية، أضرحة الضباط الأتراك الذين استبسلوا في تلك المعارك، والذين دُفنوا في محيط الحصون أو داخلها.
وحين دارت رحى الحرب العالمية الثانية احتمى الألمان عند سفح قلعة قليبية بعد دخولهم إلى البلاد، وفروا من مينائها عند خروجهم من حيث هرب قبل اثني عشر قرناً الجيش البيزنطي إلى جزيرة قوصرة بانتالاريا اليوم أمام تقدم الجيش العربي.
لكن شريط عدواني تحاشى استخدام اللغة العاطفية وإلهاب المشاعر، واختار الهدوء لدى عرض تلك الفترات المحتقنة من التاريخين القديم والحديث للمنطقة المتوسطية. وبدا أن الهاجس الذي حرك الكاميرا هو إظهار مدى قدرة المغاربيين على التعايش مع الحضارات الوافدة وامتصاص إيجابياتها ما صنع خصوبة التاريخ المتوسطي. وأعطت المداخلات المكثفة لمؤرخين عرب وأجانب صورة دقيقة عن الروافد الحضارية التي صنعت فرادة هذا البحر، بما زخر به من حركات فكرية وروحية متعددة ومتداخلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.