مع تصاعد نزاع سياسي بين الرئيس جورج بوش واعضاء في الكونغرس وقادة عسكريين في شأن خفض عديد القوات الاميركية في العراق، نفى رئيس هيئة الاركان الاميركي الجنرال بيتر بيس استعداده لاصدار توصية للرئيس يدعوه فيها الى خفض القوات بحوالي النصف العام المقبل. وكانت صحيفة"لوس انجليس تايمز"توقعت ان يقول بيس لبوش ان الابقاء على اكثر من 100 الف جندي من اصل 162 الفاً يوجدون حاليا في العراق خلال عام 2008 سيتسبب في ضغوط شديدة على الجيش الاميركي. وقال الجنرال بيس في بيان ان"المقالة ليست صحيحة. هذا تكهن. لم افعل بعد ولم اقرر اصدار توصية". وكان بيس وصف في بيان سابق مقالة الصحيفة بأنها"محض تكهن"لكنه لم ينف مضمونها. واوضح ان"رؤساء الاركان وانا ندرس مجموعة من الخيارات حول كل مشكلة". وكانت الصحيفة نقلت عن مسؤولين في الادارة والجيش الاميركي ان بيس سيقدم التوصيات في جلسة خاصة وليس في تقرير رسمي. واضافت ان التوصيات تدل على الخلافات بين الجيش والحكومة حول الخطة المستقبلية في العراق بعد ثمانية شهور من تنفيذ قرار الرئيس الاميركي بزيادة عديد القوات الاميركية بنحو 30 الف جندي. وقالت الصحيفة ان"هذا التقويم قد يتعارض مع تقرير يعده قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس سيدعو فيه الى الابقاء على مستوى اعلى من القوات الاميركية في العراق خلال عام 2008 وما بعده". الا ان البيت الابيض قال ان بوش"لم يتسلم اية توصيات بخصوص الوضع المستقبلي لقواتنا في العراق". واكد المتحدث باسم مستشار الامن القومي الاميركي غوردون جوندرو:"اود ان احذر الجميع في الفترة من الآن وحتى 19 يوماً تقريباً، من اننا سنرى الكثير من التقارير حول ما يوصي به وما لا يوصي به العديد من الناس". واضاف ان الامر المهم هو انتظار التقرير الذي سيصدر في ايلول سبتمبر الذي يعده الجنرال بترايوس والسفير ريان كروكر،"وبعد ذلك سيقدم الرئيس تقريره الخاص الى الكونغرس". وتساور الجنرال بيس وقادة القوات المشتركة مخاوف من ان الحرب في العراق"تسببت في انخفاض قدرة الجيش على الرد، اذا لزم الامر، على تهديدات اخرى مثل التهديد الايراني"، حسب الصحيفة. وقالت الصحيفة ان هيئة الاركان المشتركة ترغب في خفض الكتائب المقاتلة العشرين الموجودة في العراق الى النصف، اضافة الى خفض وحدات الدعم مما سيخفض تلك القوات الى اقل من 100 الف جندي. ويتناقض هذا التقويم مع تقديرات عسكريين أميركيين في العراق. فقد اعتبر الجنرال ريك لينش، قائد احدى الفرق العسكرية الاميركية في احدى مناطق جنوببغداد، الجمعة ان اي خفض لعديد القوات الاميركية في المنطقة التي يشرف عليها هذا العام سيكون"خطوة عملاقة الى الخلف"ستسمح للمسلحين باستعادة معاقل خسروها في معارك شرسة. ويأتي نفي بيس وسط تصاعد نزاع سياسي بين الرئيس واعضاء في الكونغرس وقادة عسكريين حول خفض القوات في العراق، فيما يواجه بوش ضغوطا متزايدة من الكونغرس للاعلان عن سحب عدد ولو قليل من القوات الاميركية في العراق والبالغ قوامها 160 الف جندي. ومثلت دعوة السناتور الجمهوري البارز عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ جون وورنر لبدء سحب القوات جرس انذار للرئيس بوش فيما يكافح لمنع انهيار سياسته. ويقول توماس مان محلل شؤون الكونغرس في معهد بروكينغز ان دعوة وورنر تهدف ايضا الى لفت انتباه بوش. وتابع:"الهدف الرئيسي هو محاولة ايصال رسالة للادارة بأن عليها ان تأخذ اجراء ما لتبين اننا لن نبقى هناك في العراق لأجل غير مسمى". وقال فريدريك بارتون محلل الشؤون العراقية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية"سيعزل الرئيس بصورة اكبر. نقترب من نقطة ينبغي ان يحدث عندها شيء". وعلى رغم دعوة وورنر، الا انه لم يصل الى حد الخروج عن سياسة الادارة، ما يؤدي لموافقة عدد اكبر من الاصوات الجمهورية على تفويض بسحب القوات. وأوضح وورنر الخميس انه ما زال يعارض ان يضع الكونغرس جدولا زمنيا للانسحاب. وقال النائب بيتر هوكسترا، ابرز الاعضاء الجمهوريين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، ان هدف بوش غرس الديموقراطية في العراق"لا ينبغي ان يكون هدفنا"مشيراً الى ان العراق بحاجة الى قيادة جديدة ملتزمة بمحاربة المسلحين ولكنه عارض ايضا دعوة وورنر لجدول زمني للانسحاب. ورفض الناطق باسم البيت الابيض اعتبار دعوة وورنر مؤشراً الى تراجع تأييد بوش أو تغيير موقفه تجاه العراق. غير ان الاهتمام الذي اثارته دعوة وورنر وتقرير الاستخبارات بشأن العراق قضى على محاولة جديدة بدأها بوش لحشد التأييد للحرب استنادا لتحقيق مكاسب نتيجة زيادة القوات هذا العام وطرحه العراق الديموقراطي كأمر حيوي للامن في الشرق الاوسط. ولكن بارتون يرى ان معارضة الحرب اضحت شاملة. وقال:"يمكني القول إننا اقتربنا من مرحلة الانهيار. خروج اميركا من العراق امر حتمي ولكن النقاش يدور حول التوقيت والكيفية وتقليل اي آثار سلبية لأقل حد ممكن".