كثيراً ما نسمع ان فلاناً تعرّض لجلطة، وعلى الفور يقفز إلى الأذهان ان الجلطة تحدث في القلب، والواقع ان الجلطة الخثرة الدموية يمكن ان تُشاهد في مختلف أعضاء الجسم ومن بينها الرئة. والجلطة الرئوية حال طبية طارئة وخطرة للغاية يجب رصدها بسرعة، وعلاجها بالتي هي أحسن، وإلا فإنها قد تدفع بصاحبها الى العالم الآخر، لذا فمن المهم جداً عمل كل ما يلزم عند الشك بالجلطة الرئوية، من اجل وضع النقاط على حروف العلاج تجنباً لحدوث عواقب وخيمة. رب سائل: وكيف تتظاهر الجلطة الرئوية؟ ان العوارض التي تتظاهر بها الجلطة الرئوية ليست نوعية لها، بل يمكن ان نراها في أمراض عدة، ومن عوارضها: - ضيق في التنفس. - تسارع في وتيرة التنفس. - الألم في أحد جانبي الصدر، وهذا يزيد عند أخذ شهيق عميق. - السعال، وقد يترافق مع بصق الدم. - تسارع في ضربات القلب. ما هي اسباب الجلطة الرئوية؟ قبل ان ندخل في بحر الأسباب المؤدية الى الجلطة الرئوية، علينا ان نعرف ان القلب يتألف من قسمين: أيمن وأيسر، والقسم الأيمن هو الذي يستقبل الدم الآتي من انحاء البدن، وبعد ذلك يقذفه لينساب في الشريان الرئوي. ان انسداد احد فروع هذا الشريان بخثرة دموية يسمّى طبياً الجلطة الرئوية. اما عن الأسباب التي تقود الى حصولها فهي: 1- دوالي الساقين: ان الدوالي المتسعة والمتعرجة المملوءة بالدم تعتبر بيئة صالحة لتشكل الخثرة الدموية، وهذه الأخيرة يمكن ان تنطلق لتحط رحالها في دهاليز الشريان الرئوي. 2- البقاء من دون حركة فترة طويلة، وهذا ما يحصل اثناء السفر الطويل بالطائرة او السيارة، أو بعد العمليات الجراحية الكبيرة التي تتطلب من المصاب ان يمكث طويلاً في فراشه. 3- حبوب منع الحمل، اذ تحتوي على هرمون الإستروجين الذي يرفع من خطر الإصابة بالجلطة الرئوية. 4- اضطرابات تخثر الدم، ان الأشخاص المصابين بهذه الاضطرابات هم أكثر عرضة من غيرهم للجلطة الرئوية. 5- الحمل والولادة. إن المرأة تتعرض خلال مرحلة الحمل وما بعد الولادة، الى تغيرات فيزيولوجية تشجع على حدوث تخثر الدم وبالتالي حدوث الجلطة الرئوية. ومتى اشتبه بوجود الجلطة الرئوية يجب الشروع فوراً بالفحوص اللازمة من اجل تأكيدها أو نفيها. فإضافة الى القصة المرضية والفحص السريري، يطلب الطبيب سلسلة من الفحوص مثل تخطيط القلب، أو قياس نسبة الأوكسجين في الدم، أو صورة شعاعية للصدر، ومثل هذه الفحوص لا تعطي القول الفصل بوجود الجلطة الرئوية، ولكنها قد تلقي الضوء على دلائل توحي بوجودها، ومن اجل التشخيص الحتمي للجلطة الرئوية، لا بد من الشروع بعمل واحد من الفحوص التالية: قسطرة الشرايين الرئوية، أو الفحص النووي لشرايين الرئة، أو فحص الرئة بالأشعة المقطعية. وعند التشخيص الأكيد للجلطة الرئوية، يباشر العلاج بإعطاء المصاب الأدوية المميّعة للدم اما حقناً أو بالأقراص الدوائية وفي بعض الأحيان قد يتطلب علاج الجلطة التدخل الجراحي مباشرة لإزالة الخثرة العالقة في الشريان الرئوي. وطبعاً فإن علاج الجلطة الرئوية يحتاج الى البقاء في المستشفى اسبوعاً تقريباً لضبط نسبة تخثر الدم المناسبة، وتحديد الجرعة الضرورية من الدواء المسيل للدم. ما هي سبل الوقاية من الجلطة الرئوية؟ ان اتباع النصائح التالية مهم جداً في قطع الطريق على حدوث الإصابة بالجلطة: - علاج دوالي الساقين. - تفادي الجلوس الطويل عند السفر في الطائرة أو السيارة. - النهوض من الفراش بأسرع وقت ممكن بعد إجراء العمل الجراحي. - تحريك الطرفين السفليين باستمرار عند المكوث طويلاً في الفراش. - وضع جوارب خاصة إذا لزم الأمر. ولا بد من التوضيح بأن جلطة الساق العميقة التي تعرف طبياً باسم متلازمة الدرجة السياحية، هي المسؤولة عن حوادث لا بأس بها من أزمات الجلطة الرئوية. والواقع انها لا تحصل فقط لركاب الدرجة السياحية بل تطال المسافرين جميعهم سواء كانوا في الدرجة السياحية أو في الدرجة الأولى، وهي طبعاً أكثر حدوثاً بين ركاب الدرجة السياحية، بسبب ضيق المسافة بين المقاعد وعدم تمكن كثيرين من تحريك أقدامهم، ما يعرقل تدفق الدم في الأوردة، وبالتالي يؤسس للإصابة بجلطة الساق العميقة التي يمكنها ان تنقسم الى أجزاء صغيرة تنتشر في إحدى الساقين متجهة صوب أعضاء حيوية كالدماغ والقلب والرئة. ولقطع الطريق على نشوء جلطة الساق العميقة، وبالتالي الجلطة الرئوية، يُنصح قبل السفر وعنده بتناول كميات كبيرة من السوائل، وارتداء الملابس والأحذية الواسعة والمريحة، والمشي من وقت الى آخر في الممر بين المقاعد، وتحريك أصابع القدمين، ومد الأقدام، وعدم ثنيها عند الجلوس.