كشف محضر جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، هذا الأسبوع، أن إدارة الرئيس جورج بوش تدعم بقوة الاقتراح المغربي في شأن منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً، وأن المغاربة مستعدون لتقديم بعض التنازلات في شأنه خلال المفاوضات مع جبهة"بوليساريو"المقررة خلال أيام. ورأس جلسة الاستماع التي عُقدت الأربعاء وكان موضوعها"تحديات السياسة الأميركية في شمال أفريقيا"النائب توم لانتوس ديموقراطي، كاليفورنيا وكان الشاهد فيها مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش. ونُشر محضر الجلسة الجمعة. وأعلن لانتوس، في بداية الجلسة، موقفه الداعم في شدة للمغرب، واعتبر أن جبهة"بوليساريو"هي من اختار"رفض السلام.... من أجل العيش في مخيمات للاجئين في مناطق جرداء تندوف في الصحراء الجزائرية وشن حرب عصابات". واعتبر أن"بوليساريو"ستكون"حكيمة إذا قبلت العرض المعقول والواقعي المطروح على الطاولة"، في إشارة إلى الحكم الذاتي الذي يعرضه المغاربة والذي يتضمن إدارة الصحراويين لشؤونهم وجباية الضرائب وتقرير موازنتهم وإنشاء شرطتهم الخاصة وإدارتهم قطاع التعليم في الصحراء، على أن يبقى الأمن الخارجي والشؤون الخارجية في يد الحكومة المركزية في الرباط. ومعلوم أن 173 نائباً في الكونغرس أيدوا في رسالة أخيراً إلى الإدارة الأميركية هذا الاقتراح المغربي. وتحدث ولش قائلاً إن علاقات بلاده بدول المغرب العربي"عرفت توسعاً كبيراً في السنوات الماضية. لدينا علاقات قديمة وتقليدية مع تونس والمغرب، لكننا نبني أسس علاقات جديدة مع ليبيا والجزائر". وقال إن أزمة الصحراء الغربية المستمرة منذ 30 سنة"تستمر عنصر عدم استقرار وتُحبط العلاقات الإقليمية"بين الدول المغاربية. وتابع:"لقد رحبنا بالمبادرة الأخيرة للمغرب لحل الخلاف، وإننا متشجعون أنها أثارت نقاشاً حولها. نعتقد انها خلقت فرصة جديدة للجانبين كي يتوصلا إلى اتفاق. إننا نعتبر الاقتراح المغربي الذي يُقدم حكماً ذاتياً حقيقياً للصحراء الغربية، جاداً ويتمتع بصدقية". وقال إن بلاده كانت على اتصال بالأممالمتحدة لشرح وجهة نظرها بأن"مفاوضات مباشرة من دون شروط يجب أن تحصل بسرعة". وتابع أن حل أزمة الصحراء يجب أن يأخذ في الاعتبار"مخاوف الصحراويين... ويكون متلائماً مع حقهم في تقرير المصير. المغرب قال إن اقتراحه سيكون موضوع تصويت الشعب الصحراوي"الذي سيقرر قبوله أو رفضه. وقال:"لقد شجعنا المغاربة على أن يأتوا ببعض الأفكار لطريقة السير إلى الأمام في حل أزمة الصحراء. ... إن الاقتراح المغربي، وأعرف ذلك كوني عملت معهم المغاربة عليه، يمثّل جهداً جاداً وعملاً شاقاًً من جانبهم. أما الاقتراح الذي قدمته بوليساريو اقتراح تقرير المصير فقد جاء متأخراً خلال صياغة القرار الأخير لمجلس الأمن الخاص بمينورسو، ولا يبدو في رأينا أنه يحوي أفكاراً جديدة مقارنة بالاقتراح المغربي. لذلك حاولنا في صياغة القرار مجلس الأمن الترحيب بالمبادرة المغربية بوصفها جدية وذات صدقية، وأن نستخدمها للتقدم بالديبلوماسية إلى الأمام". وتابع متحدثاً عن جولة المفاوضات المقبلة بين المغرب و"بوليساريو"برعاية الأممالمتحدة ستحصل خلال أيام:"لقد تحدثنا مع أصدقائنا، المغاربة، وشجعناهم على أن يكونوا مرنين، وأن يكونوا منفتحين على إمكان تقديم تنازلات في خصوص اقتراحهم". وقال إنه لا يعتقد ان الاقتراح المغربي"غير قابل للتفاوض عليه". وكشف ولش أن بلاده وصفت الاقتراح المغربي بأنه"جاد ويتمتع بالصدقية"بعدما درست محتواه ووجدت"أنه يعالج بعض الأسئلة الأساسية الخاصة بتوزيع السلطات، إدارة مصادر الثروة، حقوق سكان المنطقة، كيفية عمل النظام القضائي". وقال ولش:"قضينا وقتا طويلاً نتحدث مع الحكومة الجزائرية في شأن قضية الصحراء الغربية، وبما اننا كنا نعرف أن الحكومة المغربية تُعد اقتراحاً جديداً، فقد تواصلنا مجدداً مع حكومة الجزائر على مستويات مختلفة من أجل فتح هذا الموضوع معهم وتشجيعهم على دعم هذه العملية التي نأمل أن تبدأ هذا الشهر المفاوضات المباشرة بين المغرب وبوليساريو. للجزائريين رؤيتهم الخاصة في شأن هذه المواضيع، ولا يمكنني القول إننا نتفق على مسلكهم هنا، لكنهم وافقوا على هذه العملية المفاوضات، ولا أراهم يعرقلونها بأي طريقة. لقد شجعناهم خصوصاً على العمل مع بوليساريو من أجل جعل المفاوضات مثمرة". ورداً على سؤال عن صفقات تسلح كبيرة تقوم بها الجزائر مع روسيا، قال ولش:"لا نرى أي إشارة إلى أنهم ينوون استخدام هذه الأسلحة، إذا اشتروها، في أي شكل هجومي ضد أي من جيرانهم". وعن تهديد"القاعدة"والتنظيمات المرتبطة بها في شمال أفريقيا، قال ولش إن التهديد الذي تمثّله"كبير، وخطير جداً ... لكنني لا أعتقد أنه يشكّل تهديداً لاستقرار النظام"في أي من الدول المغاربية. وأشار إلى مبادرة"شراكة في مجال مكافحة الإرهاب"مع الدول المغاربية، إضافة إلى مالي وتشاد ونيجيريا والسنغال وموريتانيا والنيجر. وتابع:"ناقشنا هذه المبادرة مع ليبيا، ولكن حتى الآن لم يبدوا اهتماماً بالمشاركة فيها. هناك نوع آخر من التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب مع ليبيا". ودافع عن تطبيع العلاقات مع ليبيا، وعن ضرورة رفع مستوى التمثيل الأميركي في طرابلس إلى مستوى سفير. وقال ولش إن الجزائر قطعت أشواطاً في مجال تحسين وضع حقوق الإنسان فيها. وأشاد بالتقدم الاقتصادي في تونس، لكنه أشار إلى أن ذلك لا ينعكس على الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان. وأكد في المقابل ان التعاون الأمني مع تونس"جيد جداً".